كيف نحمي صناعتنا من الإغراق؟
تم النشر في السبت 2019-12-14
الإغراق إحدى الوسائل القوية لهدم الصناعة المحلية. وتتم عملية الإغراق من خلال ضخ كميات كبيرة من سلعة معينة، وبأسعار أقل من السوق؛ وهو ما يؤدي إلى إقبال المستهلكين على هذه السلعة، وترك المنتج المحلي؛ وهو ما يكبّد المصانع خسائر فادحة، وقد تضطر أحيانًا إلى إيقاف الإنتاج؛ وهو ما يجعل السلعة المستوردة المتحكِّم الرئيسي في السوق من حيث السعر والكميات المطروحة.
هذا، وقد شهدت بعض الصناعات المحلية في المملكة عمليات إغراق، منها: صناعات الحديد والسيراميك والبطاريات وأنابيب النفط والغاز.
وقد أصدرت اللجنة الدائمة الخليجية لمكافحة الممارسات الضارة في التجارة الدولية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية قرارها بقبول شكوى مكافحة الإغراق التي تقدمت بها الصناعة الخليجية ضد واردات من منتج بلاط وترابيع من خزف للتبليط أو التغطية للجدران أو المواقد (السيراميك، والبورسلين) من دول الصين، والهند، وإسبانيا.
إن مكافحة الإغراق تبدأ من معرفة معلومات دقيقة عما نستورده ونصدِّره وننتجه ونستهلكه، وتأثيره على المنتج المحلي، وبعدها تُتخذ إجراءات فرض رسوم الإغراق، وإيقاف استيراد السلعة، أو زيادة الرسوم الجمركية.. ومكافحة الإغراق تسهم في حماية الصناعة الوطنية.
وقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية في الآونة الأخيرة بمكافحة الإغراق؛ إذ ارتفعت قضايا الإغراق بنسبة 303 % منذ تولي ترامب بهدف حماية الصناعة والأسواق من حملات الإغراق.
نحن نحتاج إلى رصد وسائل الإغراق كافة في أسواقنا، من خلال كود كل سلعة حول حجم إنتاجها المحلي والمستورد من الخارج، إضافة إلى حجم الاستهلاك في الأسواق، والقيام بتحليل هذه المعلومات بشكل دقيق، وعندما نتحقق من وجود إغراق يتم فرض رسوم حمائية، وإيقاف استيراد السلع الإغراقية لحماية صناعاتنا المحلية.
وفي ظل تحقيق رؤية المملكة 2030 بدعم الصناعة سيسهم ذلك في وجود منظومة صناعية قوية ومتكاملة، وقادرة على مكافحة الإغراق؛ وهو ما يجعل مصانعنا الوطنية تعمل بكامل طاقاتها، بل يمتد ذلك إلى تصدير إنتاجها إلى الدول الأخرى، خاصة عندما تتهيأ وتُجهَّز البنية التحتية من طرق وأنفاق وموانئ، وسكك حديدية، تربطنا بالدول المجاورة، بأطوال 20 كم.. وهي تتطلب قرارًا استراتيجيًّا، وتتحول الدولة من مستورد للسلع إلى مصدِّر. كما يصبح الميزان التجاري بين المملكة والدول الأخرى في صالح المملكة، ونكون في مرحلة تطبيق فعلي لرؤية المملكة 2030؛ وهو ما ينعكس على الاقتصاد الوطني، ودخل المواطن والأجيال القادمة.
هذا، وتتمتع المملكة بموقع استراتيجي؛ فهي تربط ثلاث قارات، وملتقى بين دول الشرق والغرب وإفريقيا، وتمتلك قنوات اتصال متعددة لنقل البضائع بمختلف أنواعها.. كل ذلك يسهم في تقليل تكلفة الإنتاج والنقل؛ وهو ما يجعل السلع أكثر تنافسية في العالم.
وأعتقد أن المملكة كونها أكبر سوق في المنطقة، ومن ضمن أكبر 20 اقتصادًا في العالم، هي الأكثر استهدافًا في ممارسات الإغراق لضرب الصناعة المحلية؛ وهذا الأمر يتطلب التعامل بحزم وقوة.
رئيس اللجنة الوطنية للتعدين بمجلس الغرف السعودية
عن الزميلة صحيفة الجزيرة