تنظيم ميزانية الأسرة
تم النشر في السبت 2019-12-14
د. عبدالوهاب القحطاني
بدت إرهاصات الظروف الاقتصادية واضحة على بعض الأسر لأسباب عديدة أبرزها سوء إدارة الأسرة لشؤونها المالية في أوقات الأزمات وغيرها منذ زمن بعيد، حيث يغلب على سلوكها مقولة، اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب.
تتطلب ميزانية الأسرة التخطيط لكافة الإيرادات والنفقات المختلفة لتحديد الصرف حسب الأولويات مما يتوفر للأسرة من مال في فترة زمنية محددة، وهي في الغالب سنة كاملة ما لم تطرأ تغيرات اقتصادية ومالية مفاجئة تتطلب إعادة النظر فيها حسب تلك المتغيرات الطارئة. وللعلم أن المصروفات والادخار الأسري يعتمد على الإيرادات من رواتب واستثمارات، وبالتالي لا بد من توازن بين الإيرادات والمصروفات، خاصة لدى الأسر المحدودة الدخل التي تعتمد على الراتب الشهري، وربما ما تحصل عليه من دعم حكومي إذا كانت من الأسر المحتاجة لذلك.
من أهم فوائد ميزانية الأسرة أنها تساعد الإدارة الحكيمة على تصريف شئونها بطريقة أمثل من غير إسراف او إجحاف للأسرة. وكذلك تساعد على مواجهة الأزمات المالية وإبعاد الأسرة عن عبء وهموم الديون للبنوك والأقارب والأصدقاء. إن لكفاءة إدارة الأسرة لميزانيتها دورا كبيرا في المحافظة على مستوى الرفاهية وجودة الحياة والمعيشة. تستطيع الأسرة الحكيمة تصريف أمورها المعيشية ومواجهة الظروف الاقتصادية القاسية معتمدة على نفسها في ذلك. وتسهم إدارة ميزانية الأسرة في توعية، وإرشاد الأسرة إلى معرفة قيمة الدخل، والإنفاق في فترة محددة. وتعد الميزانية تطبيقاً مريحاً لتوزيع الدخل على أبواب النفقات المختلفة الخاصة بالأسرة. وكذلك تتضمن خطة الميزانية دراسة الدخل بطريقة عملية من ناحية إمكانيّاتها، واحتياجاتها، بحيث تحاول إشباع الاحتياجات الأساسية حسب الأولوية والأهمية في ضوء ظروف الأسرة والظروف المالية والاقتصادية في الدولة، خاصة الأسر التي تعتمد على رواتب الوظائف من القطاعين الحكومي والخاص. وتمكّن ميزانية الأسرة أفرادها من العيش ضمن إطار دخلها المحدود. وتساعد ميزانية الأسرة في تقرير أهدافها، وتحديد لحتياجاتها الفعليّة. تحقّق الميزانية قدرة الأسرة على شراء ما يلزمها من احتياجات في الوقت الملائم وحسب القدرة المالية للأسرة. تساعد إدارة ميزانية الأسرة في فهم وضعها المالي وقوتها الشرائية، وتمكنها من الحصول على رؤية واضحة في ما يتصل بمقدرتها الشرائية، وتضيف مزيداً من المعلومات بشأن مواردها المالية.
ويمكن تقسيم السلوك الإستهلاكي للافراد حسب نظرية أنواع المستهلكين إلى أربعة. المستهلك العقلاني الذي لا يصرف ميزانيته إلا على الاحتياجات الأساسية بعقل وحكمة ورشد وأهمية وأولوية. أما المستهلك الوجداني فإن عاطفته تغلب على عقله ومنطقه فهو يشتري بعاطفة. وهناك المستهلك الاقتصادي الذي يحاول تطبيق المنهج الاقتصادي في إدارة شؤونه المالية فهو لا يشتري إلا حسب حاجته ومقدرته. ويحاول المستهلك المندفع أن يكون من السباقين في شراء الجديد مهما بلغت قيمته بشرط أن يكون قادراً على الشراء، حيث لا يهمه سوى أن يكون البادئ في الاقتناء.
الخلاصة أرى أن المستهلك العقلاني جدير بإدارة ميزانية الأسرة، لأنه يمكن الاعتماد عليه في تصريف أمور الأسرة في حال الموارد المالية المحدودة، سواء في وقت الأزمات أو في الوضع الطبيعي. المستهلك العقلاني لا يعتقد بصحة مقولة «اصرف ما في الجيب يأتيك مافي الغيب» لأنه عقلاني وواقعي.
عن الزميلة صحيفة اليوم