“محمد العريان” يحلل.. “هفوة” الفيدرالي التي أربكت الأسواق
تم النشر في الأثنين 2019-05-06
كان من المفترض أن يمر اجتماع الفيدرالي الأخير مرور الكرام، وألا تلتفت إليه الأسواق كثيرًا، لكن ذلك تغير تمامًا بعد هفوة بسيطة، أدت إلى تحركات كبيرة في الأسواق، وشملت عمليات بيعية للأسهم والسندات في آن واحد، بحسب مقال للاقتصادي “محمد العريان” نشرته “بلومبرج“.
وعقب اختتام اجتماع لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، أعادت التحركات القوية في الأسواق للأذهان ما حدث في ديسمبر الماضي، ففي البداية رحب المستثمرون والمتداولون بالتغير الكبير في لغة الفيدرالي بشأن التضخم، لكن هذا الهدوء تبدل بعد حديث رئيس الفيدرالي “جيروم باول”.
هفوة هدمت قناعات السوق
– كما حدث في ديسمبر عندما استخدم “باول” مصطلح “الطيار الآلي” لوصف نهج السياسة في ذلك الوقت، والذي يستهدف خفض الموازنة العمومية للاحتياطي الفيدرالي، فإن استخدامه لكلمة “مؤقت” عند سؤاله عن انخفاض التضخم، هز الأسواق.
– بدأت الأسهم موجة بيعية عقب التصريح، حيث أنهى مؤشر “إس آند بي 500” جلسة الأربعاء متراجعًا 0.75%، وانخفضت أسعار السندات، وتراجع الذهب في حين ارتفع الدولار، ورغم حجمها المتواضع نسبيًا كانت هذه التحركات مهمة للغاية.
– في أعقاب التحول الهائل والحذر لإشارات السياسة النقدية في وقت سابق من العام الجاري، أصبحت الأسواق الآن تنظر إلى تحلي الفيدرالي بالصبر وإنما أيضًا تعتقد أنه سيخفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من عام 2019، استنادًا إلى تباطؤ النمو أكثر من ضعف التضخم.
– تغذت هذه الفكرة على توقعات السوق بشأن “خفض التأمين” من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي يقصد به التقليل من مخاطر انكماش الأسعار وتعزيز النمو وتوفير السيولة اللازمة لدعم أسعار الأصول.
– خلق “باول” حالة من الشك بشأن هذه القناعات، من خلال الإشارة إلى أن العوامل التي تقود انخفاض التضخم “مؤقتة” وليست ثابتة، ورغم أن نظرة السوق للفيدرالي في الأربعة أشهر الماضية دفعت الأسهم للارتفاع 18%، لكن كلمة واحدة غير مقصودة كانت مؤثرة في الأصول.
آخر ما يحتاج إليه الفيدرالي
– ربما كان الاحتياطي الفيدرالي خائفًا من فقاعة الأصول وقرب الاضطرابات المالية، لذا تطلع إلى تهدئة النشاط المتسارع لأسواق الأسهم وكذلك تعديل عائدات السندات المنخفضة للغاية، لكن “العريان” شكك في هذا السيناريو.
– يضيف “العريان”: بعد كل الضجة المثارة حوله خلال الأشهر القليلة الماضية، والهجمات السياسية على استقلاله، فإنني أراهن أن الاحتياطي الفيدرالي كان يأمل ألا يُحدث أي صخب بشأن اجتماعاته وبياناته.
– حقيقة أنه تسبب في تحريك الأسواق بهذا الشكل، تعني أن الفيدرالي بحاجة إلى فهم أفضل لتقنيات السوق (أو ما يُطلق عليه “شعور السوق”)، وبدون ذلك، فإن جزءًا مهمًا من ترسانته السياسية سيصبح أقل فاعلية، وهذه الحاجة أصبحت أكثر إلحاحًا.
– قرر الاحتياطي الفيدرالي العام الماضي، عقد مؤتمر صحفي في ختام كل اجتماع للجنة السوق المفتوحة، وبالتالي زاد نطاق مشاكل التواصل المحتملة والتقلبات المترتبة عليها، وسيصبح تحدي التواصل أكثر تعقيدًا في ظل تباين النمو بين الدول المتقدمة (يتسارع في أمريكا ويتباطأ في أوروبا).
ما يحتاجه البنك المركزي الآن
– من المحتمل جدًا الآن أن يقوم مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي (كما فعلوا بعد اجتماعهم في ديسمبر) بالإدلاء بتصريحات على مدى الأسابيع القليلة المقبلة، لتوضيح إشارات السياسة المقصودة واحتواء قلق السوق.
– لا تزال الإدارة الأمريكية لديها فرصة لإضافة أحد أصحاب الخبرة المتعلقة بالسوق إلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ليقوم بالدور الذي لعبه بعض الحكام السابقين مثل “كيفن ورش” و”جيريمي شتاين”.
– للقيام بذلك، يحتاج البيت الأبيض إلى التركيز للعثور على شخص لديه دراية تامة بالعمليات في الأسواق، أو على الأقل شخص منفتح للاستماع إلى المشاركين في السوق، وبالتالي استكمال بناء المجلس الحالي من الاقتصاديين وأصحاب الخبرة.
– بينما من المستبعد أن يتجاوز المستثمرون قلق جلسة الأربعاء بسرعة، تظل الرسالة واضحة؛ مع غياب الفهم الصحيح لوضع السوق واللهجة الحكيمة، فإن الاحتياطي الفيدرالي يخاطر بإحداث تقلبات لا مبرر لها والتي قد تكون مكلفة من الناحية الاقتصادية.