8.3 مليار دولار التجارة الإلكترونية في المنطقة.. والإمارات في المقدمة
![](https://i0.wp.com/www.aleqtsad.org/wp-content/uploads/2019/03/BD182816-A05D-4365-ACF2-E03AD827EAFA.jpeg?resize=640%2C470&ssl=1)
تم النشر في الأحد 2019-03-10
بات من المؤكد أن قطاع التجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على وشك تحول محوري، بعد أن أصبحت التجارة الإلكترونية حقيقة واقعة، حيث أعادت تشكيل أنماط تسوق المستهلكين، وانضم إليها أطراف جدد بخبرات مختلفة، مما يتسبب بتغيير ثوري في القطاع، ويخلق نماذج جديدة من فرص العمل، ويفتح الباب أمام لاعبين جدد في مجال التجارة الإلكترونية.
وقد أجرت شركة «بين أند كومباني»، بالتعاون مع شركة «جوجل»، دراسة موسعة حول القطاع، مستفيدة من تزايد كم البيانات المتاحة، وبهدف دعم المستثمرين ورجال الأعمال وتجار التجزئة وغيرهم، من مكونات القطاع، واستندت الدراسة إلى تقييم ديناميكيات السوق على جانبي العرض والطلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بهدف تحديد معالم مستقبل هذا القطاع قياساً على دراسات أجريت لقطاعات مماثلة في العالم.
المرحلة الثالثة
التبني الرقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لم يتبع المسار الذي يشهده السوق عادةً. فمع تحرك المستهلكين عبر الإنترنت، تتبع الشركات عادة حلاً مناسباً، مما يسمح بتطوير تدريجي لنظام التعامل الرقمي في مجالات مثل الإعلام والتجارة الإلكترونية. فقد كانت تجربة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مختلفة شكلاً ومضموناً.
فقد بدأ تصفح الإنترنت الجماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، في منتصف العقد الأول من القرن الحالي، حيث استُخدمت في الغالب الهواتف الذكية والوسائط الاجتماعية مدعومة بسرعات إنترنت أسرع، وهو ما يعرف باسم «مرحلة المستهلك الرقمي»، وتأخرت الشركات في الانضمام إلى الموكب الرقمي. ولم تشهد المنطقة دوراً رقمياً أكثر أهمية في استراتيجية الشركات إلا بعد 2010، وكانت وسائل الإعلام في المقدمة. وكان التحول دراماتيكياً. وفي غضون خمس سنوات، ارتفعت حصة الوسائط الرقمية من أقل من 10% في عام 2012 إلى أكثر من 30% بحلول عام 2017. ونسمي هذا «مرحلة الوسائط الرقمية».
في مارس/آذار 2017، أعلنت «أمازون» الاستحواذ على شركة «سوق دوت كوم»، بمبلغ 580 مليون دولار، وفي وقت لاحق من العام الماضي، أطلق محمد العبار، رئيس مجلس إدارة «إعمار العقارية»، مشروعاً جديداً للتجارة الإلكترونية، بتمويل بقيمة مليار دولار مدعوم من صندوق الاستثمار العام في السعودية، وكان هذا بمثابة بداية لمرحلة رقمية جديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، «مرحلة التجارة الإلكترونية».
8.3 مليار دولار
في عام 2017، بلغت قيمة سوق التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 8.3 مليار دولار، بمعدل نمو سنوي 25%. وهذا معدل نمو أعلى بقليل من متوسط معدلات النمو عالمياً. وتستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي ومصر على 80% من سوق التجارة الإلكترونية، وهي تنمو بمعدل سنوي يبلغ 30%، أي أكثر من ضعفي سرعة باقي دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وبلغت نسبة المشاركة في أنشطة التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من إجمالي مبيعات التجزئة 1.9% في عام 2017، في حين بلغ معدل دول مجلس التعاون الخليجي 3%. ولايزال سوق الإمارات في مجال التجارة الإلكترونية الأكثر تقدماً في المنطقة، بمعدل مشاركات يصل إلى 4.2%، ما يوازي نظيره في تركيا والبرازيل. وتأتي السعودية ثانياً بنسبة 3.8%، أما في مصر فنسبة المشاركات 2.5%، ويمكن مقارنته بتجارة الهند وإندونيسيا.
وقياساً على التوجهات العالمية، فإن سوق التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتيح فرصاً واعدة لمزيد من التطور على مدى السنوات القليلة المقبلة.
المستهلكون جاهزون
يعتبر المستهلك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولا سيما المستهلك في دول مجلس التعاون الخليجي، من بين أكثر المتصلين ارتباطاً رقمياً في العالم. وتوجد في الإمارات والسعودية نسب من أعلى مستويات الاشتراك بالإنترنت والهاتف الذكي والوسائط الاجتماعية على مستوى العالم، في حين تسجل مصر واحداً من أعلى مستويات الوقت المستغرق على الإنترنت التي تلعب دوراً حاسماً في سلوك المستهلكين، من حيث عمليات الشراء والاستكشاف والبحث والشراء الفعلي. وسواء كانوا يتسوقون عبر الإنترنت أو في المتاجر الواقعية، فإن المستهلكين في المنطقة يتأثرون بشدة بتصفح الإنترنت.
وتلعب الشبكة دوراً رئيسياً خلال عملية الاستكشاف عبرها وفي المتاجر، حيث يحصل 48% من المستهلكين في الإمارات والسعودية على أفكار التسوق وإلهاماتهم عبر الإنترنت. وهذا ضعف المعدلات في المملكة المتحدة.
وتلعب محركات البحث دوراً محورياً في عمليات التصفح والاستكشاف. فهناك ما يقرب من 56% من المستهلكين في الإمارات والسعودية ومصر يبدأون رح
لات التسوق عبر الإنترنت، باستخدام محركات البحث بدلاً من مواقع متاجر التجزئة. والمتسوقون أكثر انفتاحاً عند الاختيار عبر الإنترنت مقارنةً بالأسواق الأخرى. فهم يميلون إلى إجراء عمليات بحث أكثر عمومية وأقل تحديداً من حيث العلامة التجارية. على سبيل المثال، تركزت نسبة 43% من طلبات بحث «جوجل» في قطاع الملابس في الإمارات والسعودية على طلبات عامة غير مرتبطة بعلامة تجارية محددة، مقارنة بنسبة 32% في المملكة المتحدة.
كما أن دور الفيديو في سلوك المستهلك في المنطقة صار مهماً جداً، مما يعكس الاهتمام الإجمالي بعروض الفيديو عبر الإنترنت في الحياة الرقمية لمستخدمي الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ففي الإمارات والسعودية، يشاهد 20% من المستهلكين مقاطع الفيديو عند البحث عن المنتجات والخدمات، مقابل 7% في المملكة المتحدة.
الهواتف الذكية
يتصدر المستهلكون عبر الهاتف المحمول المشهد، بعد أن صارت الهواتف الذكية هي الشاشة المفضلة للبحث والتسوق عبر الإنترنت. ففي الإمارات والسعودية، استحوذت طلبات البحث المتعلقة بالتسوق بالهواتف الذكية على 70% من إجمالي عدد المتسوقين. وأعربت نسبة 55% من المتسوقين عبر الإنترنت في الإمارات والسعودية ومصر، عن تفضيل استخدام الهواتف الذكية للتسوق.
ويعد التسوق عبر الإنترنت امتداداً طبيعياً لعادات المستهلك في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فقد أجرى أكثر من 60% من المتسوقين في الإمارات والسعودية و43% في مصر، عملية شراء واحدة عبر الإنترنت على الأقل. وهذا ليس بعيداً عن أسواق التجارة الإلكترونية الأكثر تطوراً، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، حيث تبلغ حصة التجارة الإلكترونية من إجمالي مبيعات التجزئة ثلاثة إلى أربعة أضعاف منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أما قياساً على قيمة المشتريات بمتوسط سلة قيمتها 150 دولاراً، فإن المتسوقين عبر الإنترنت في الإمارات والسعودية ينفقون بنفس القدر، إن لم يكن أكثر، مقارنة مع نظرائهم في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في كل عملية تسوق عبر الإنترنت.
سوق مبعثرة
كان الوصول المحدود إلى مجموعة واسعة وعميقة من المنتجات أحد التحديات الرئيسية التي تعيق تطوير التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويوفر أكبر سوق للتجارة الإلكترونية في المنطقة، أي شركة «سوق دوت كوم»، حوالي 8.4 مليون منتج، مقارنة مع 550 مليوناً التي توفرها شركة «أمازون» في الولايات المتحدة. وفي حين تمثل فئات التجارة الإلكترونية الأربع الكبرى نصف سوق الولايات المتحدة، تمثل نفس الفئات 80% من السوق في منطقة الشرق الأوسط.
وشكل نموذج سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم العمود الفقري لتوسع المنتجات في معظم الأسواق. ففي الولايات المتحدة، تعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تسهم في المواد المعروضة على موقع «أمازون»، وعددها مليون شركة، المحرك الرئيسي لأنشطة منصات «أمازون». وفي الصين، تمكنت «علي بابا» من ضم الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى سوقها، مما يوفر للمستهلكين مجموعة واسعة من خيارات التسوق عبر الإنترنت، لم يكن الأمر كذلك في منطقة الشرق الأوسط. ففي حين تمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة حوالي 90% من إجمالي الشركات المسجلة في المنطقة، فإنها لا تشكل سوى 15% إلى 30% من الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما كانت بطيئة في التحرك عبر الإنترنت.
اللعبة لم تنته
سيطرت الشركات الفاعلة في مجال التجارة الإلكترونية منذ عام 2017 على أكثر من 90% من سوق التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما عزز قدرات تحركها عبر الإنترنت.
ومثلما هو الأمر في معظم الأسواق الناشئة، حيث البنية التحتية لتجارة التجزئة متخلفة نسبياً، تمكن اللاعبون المحترفون في التجارة الإلكترونية من الحصول على حصة الأسد من السوق. ولعل الصين تقدم النموذج الأمثل.
يتبع اللاعبون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استراتيجيات مختلفة للتسويق. فقد أسست مجموعة «الشايع» و«أباريل» و«شلهوب» و«لاندمارك»، شراكات التوزيع مع الطرف الثالث من اللاعبين المخضرمين لتشكيل نواة للتجارة الإلكترونية، بالإضافة إلى إطلاق علامات تجارية خاصة بهم عبر الإنترنت. وعلى النقيض من ذلك، ركز لاعبون مثل «الطاير» و«ماجد الفطيم» على إطلاق قنوات التجارة الإلكترونية الخاصة بهم. لكن هذا التركيز المتزايد على التجارة الإلكترونية يقود إلى تحول عميق داخل شركات التجزئة الكبيرة، عندما تتحول للعمل منفردة.