75) عاماً من مسيرة الطيران المدني.. إنجازات طموحة ومساهمة فاعلة في الناتج الوطني
تم النشر في السبت 2020-02-15
شهد العام 1945م هبوط طائرة مدنية من طراز “داكوتا دي سي3” في مدينة جدة، وكانت تلك الطائرة هدية من الرئيس الأمريكي روزفلت للملك عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – على إثر اللقاء التاريخي الذي جمعهم على متن الطراد الأمريكي (يو إس كونسي)، في البحيرات المرة الكبرى شمالي مدينة السويس، فقام المؤسس العظيم بإهداء طائرته الخاصة المهداة له من الرئيس الأمريكي إلى شعب المملكة، وبدأت رحلات داخلية بين الرياض وجدة والظهران، وبعد أشهر قليلة من وصول تكل الطائرةأمر الملك عبدالعزيز بشراء طائرتين من نفس الطراز، وشكّلت الطائرات الثلاث النواة الأولى للطيران المدني في المملكة، كما ساهم المؤسس –رحمة الله- في إرساء قواعد صناعة الطيرانِ المدني، وأدركَ منذ وقت مبكر أهميةَ هذه الصناعة كعنصر أساسي وضروري لنهضة هذا الوطن الذي تزيد مساحته عن المليوني كيلو متر مربع، الأمر الذي يتطلب وسائل مواصلات حديثة وسريعة تربط مختلف أرجاء البلاد المترامية الأطراف بعضها ببعض، ومن ثم بالعالم الخارجي، وتم تأسست إدارة باسم (شعبة الطيران) تشرف على الشئون الفنية، أما الشئون الإدارية فتأسس لها إدارة باسم (إدارة طائرات الخطوط الجوية)، وفي عام 1946م صدرت أول أنظمة للطيران المدني (نظام تعريفة رسوم المطارات ونظام الهبوط وعبور الطائرات ونظام إنشاء المطارات ونظام الملاحة الجوية)، وفي عام 1948م تأسست (مصلحة الطيران المدني) لتضم كلاً من إدارة الطيران المدني والخطوط السعودية، وفي عام 1953م أُقر نظام الطيران المدني الشامل بما يتفق مع القواعد المقررة دولياً، وفي عام 1959م الموافق 1379هـ تم فصل الخطوط السعودية عن الطيران المدني ليصبح المسمى الجديد للأخيرة (مديرية الطيران المدني)، وفي عام 1977م الموافق 1397هـ تم تغيير مسمى (مديرية الطيران المدني) إلى (رئاسة الطيران المدني)، وبموجب قرار مجلس الوزراء رقم (13) والذي صدر في السابع عشر من شهر محرم من عام (1425هـ) (2004م) تحولت رئاسة الطيران المدني إلى هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري لتعمل وفق أسس ومعايير تجارية، بهدف تحرير قطاع الطيران بالمملكة وتطويره، وتحقيق الاكتفاء الذاتي المالي، وذلك بالاعتماد على عوائده الذاتية، وليصبح مسماها الجديد (الهيئة العامة للطيران المدني).
وفي عام 1432هـ (2011م) صدر الأمر الملكي الكريم رقم أ/230 وتاريخ 9/12/1432هـ والذي قضى بفصل الهيئة العامة للطيران المدني عن وزارة الدفاع وإعادة رسم هيكلتها ليمنحها ذلك المزيد من الاستقلالية وليمكنها من العمل على تطوير صناعة النقل الجوي في المملكة.
وواصلت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظ الله- دعمها اللامحدود للطيران المدني وتطويره، وفي 30/7/1437هـ ( 2016م) صدر الأمر الملكي الكريم رقم أ/133 والذي قضى في مادته رقم (23) بربط الهيئة العامة للطيران المدني بوزير النقل، وفي 8/9/1437هـ الموافق 13/6/2016م أقر مجلس الوزراء ترتيبات تتعلق بتفعيل دور الهيئة العامة للطيران المدني كجهة تشريعية مستقلة وذلك بالفصل التام بين مسئولياتها من جهة ومجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية من جهة أخرى، وفي 11/4/1438هـ صدر الأمر السامي الكريم رقم (17049) الذي قضى بفصل الجانب التشريعي عن الجانب التشغيلي في الهيئة العامة للطيران المدني، بغية تمكينها من تعميق دورها كمشرع ومنظم لصناعة النقل الجوي في المملكةِ، ومن ثم الوقوف على مسافةٍ واحدةٍ من كافةِ المشغلين والعاملين في هذا القطاع.
وخلال (75) عاماً من مسيرة الطيران المدني في البلاد، حظيت المملكة العربية السعودية باحترام وتقديرِ ومكانة مرموقة على الصعيد الدولي، حيث تقوم المملكة بأدوار حيوية في الوصول بصناعة النقل الجوي إلى أفضل المستويات الدولية، وأسهمت في ترسيخ التعاون بين دول العالم في مجال الطيران المدني، وبلورة العمل المشترك وتنظيم حركة النقل الجوي العالمية، وصياغة القرار الدولي في المجالات المتعددة لصناعة النقل الجوي، وفي مقدمتها السلامة والأمن، وقد شكّل ذلك كله عاملاً مهماً في تطوير صناعة النقل الجوي التي تستفيد البشرية من خدماتها وإنجازاتها.
وحقق الطيران المدني في المملكة، إنجازات طموحة في مختلف قطاعاته، ووفقا لما صرّحت به منظمات دولية متخصصة ومنها الاتحاد الدولي للنقل الجوي (آياتا)الذي أكد مساهمة قطاع الطيران المدني بالمملكة بما نسبته 5.6% في الناتج الوطني بما قيمته 36.5 مليار دولار في عام 2018 مقارنة بـ 34 مليار دولار في 2014م، ويوفر القطاع ويدعم نحو 594 ألف وظيفة في عام 2018م وكسر حاجز 100 مليون مسافر في زيادة قدرها 22% وزادت أعداد الرحلات في إلى نحو 771 ألف رحلة بزيادة 20% عن عام 2015 واحتلت المملكة الثانية عربيا في حجم الإيرادات من قطاع الطيران المدني.
وعلى مستوى المطارات فقد قفزت هذه الصناعة التي تعّد واحدة من أعظم روافد الاقتصاد حول العالم، وقطاع الطيران المدني في المملكة له تأثير مباشر على الناتج المحلي الإجمالي، كما أن الهيئة العامة للطيران المدني وفرت التقنيات الحديثة بمطارات المملكة التي تبلغ اليوم (28) مطاراً، تلعب دوراً محورياً في صناعة النقل الجوّي وتحسين تجربة المسافرين المخدومين، الذي من المتوقع أن تزداد أعدادهم مع إقبال مستفيدي التأشيرة السياحية الإلكترونية.
وعلى صعيد المشاريع والإنشاءات فتفاخر الهيئة بافتتاح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ال سعود مطار الملك عبد العزيز الدولي الجديد بجدة الصالة 1 الذي يعد أحد المفاخر الكبيرة بسعته وخدماته وموقعه الجغرافي الذي يعد بوابة الحرمين الشريفين بالإضافة لإنشاء مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي الجديد كليا بالمدينة المنورة في 2015م ومشروع إنشاء وتطوير الصالة 5 بمطار الملك خالد الدولي في 2017م، ومشروع تطوير منطقة وصالة الطيران الخاص بمطار الملك خالد الدولي 2018 ومشروع تطوير صالة مطار الأمير سلطان بن عبد العزيز الدولي بتبوك2018 وافتتاح مطار خليج نيوم2019 وتطوير مطار أبها الدولي2019.
دولياً فازت المملكة في 2019م، في انتخابات مجلس الإيكاو التي تعقد كل 3 سنوات واستضافت ونظمت الهيئة مؤتمر الطيران المدني الدولي لعام 2019 الذي أقيم برعاية خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) بالرياض وأبرمت الهيئة (122) اتفاقية ثنائية لخدمات النقل الجوي مع عدد من الدول، وأبرمت وحدثت الهيئة (31) مذكرة تفاهم ثنائية مع عدد من الدول
ومن ناحية خدمة ضيوف الرحمن فقد وضعت الهيئة العامة للطيران المدني على عاتقها مستهدف استقطاب 30 مليون معتمر كأحد أهداف رؤية المملكة 2030م وعلى الأرض هناك العديد من النجاحات ومن أبرزها بلوغ عدد الحجاج في مرحلتي القدوم والمغادرة في مطاري جدة والمدينة أكثر من (3,4) مليون حاج عام 2019 بنسبة زيادة عن عام 2015 بلغت 27,24%، وإطلاق مبادرة إياب في كل من مطاري جدة والمدينة والتي تهدف لإنهاء إجراءات سفر الحجاج بسهولة وآليًا من مقر إقامتهم وقبل الوصول إلى المطار.
هذا وماتزال الإنجازات تتحقق ومتواصلة في ظل القيادة الرشيدة التي تدعم هذه القطاع وغيره من القطاعات التنموية في المملكة في رؤية حكيمة عملت على إرساء أسس البنية التحتية السليمة والأنظمة والاستثمارات المناسبة لتوفير المنتجات المبتكرة وتجربة العملاء المتميزة، وكلها عناصر تساهم معاً في بناء مركز عالمي مرموق للطيران، كما أن الهيئة العامة للطيران المدني ماضية في تحقيق هذه الرؤية من خلال المحافظة على وتيرة النمو في قطاع الطيران بالتزامن مع اتباع أعلى المعايير المعتمدة في مجال السلامة والأمن، ومواصلة تفعيل الابتكار الذي يعد قيمة تأسيسية متأصلة في صناعة النقل الجوي ومحفزاً أساسياً لتطور القطاع حول العالم.