تم النشر في الثلاثاء 2018-04-10
دعونا نقرر أولا أن حلاوة اللسان، لا تعكس بالضرورة جودة الإنسان، خاصة أننا في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل وباتت الأقنعة مسيطرة ومتمكنة وتوارت خلفها القلوب بلونها الحقيقي إلى أن يأتيها الظرف المناسب فتخرج معبرة عن نفسها من دون أي مساحيق تجميلية.
وحتى يمكنك التعامل مع هذه الوضعية المعقدة، ربما كان عليك أن تتبع منهجا مجربا من كثيرين مفاده ﺗﺠﺎﻫﻞ بعض الأﺣﺪﺍﺙ أو الأﺷﺨﺎﺹ أو الأﻗﻮﺍﻝ، بل عليك تعويد نفسك على ذلك ليصبح ما يمكن تسميته «ﺍﻟﺘﺠﺎﻫﻞ ﺍﻟﺬﻛﻲ» نمطا في حياتك وأسلوبا في تعاطيك مع الغير، فإذا كنت حريصا حقا على المحافظة على صحتك النفسية فلا ينبغي أن تتوقف عند كل أمر في علاقتك بالأصدقاء أو من تعرفهم، فليست كلها يستحق منك ذلك.
وحين قال الامام أﺣﻤﺪ بن حنبل ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ (ﺗﺴﻌﺔ ﺃﻋﺸﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﺎﻓﻞ) كان يقصد هذا المعنى، معنى ألا تتوقف عند التفاصيل بل تقفز على كل ما يمكن أن يجعلك تتوقف وتعيد النظر، فهناك ﺃﺧﻄﺎﺀ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻓﺮﺻﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻭأخرى ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺇﻻ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ، لذا عليك أن تجعل ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﺣﻔﺮﺓ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﺗﺮﻣﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺧﻄﺎﺀ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻚ، على أن تبتعد عن هذه الحفرة ولا تجعل لها مكانا في ذاكرتك لأن العودة إليها يوما إحياء للجراح وتذكير بالماضي الذي يجب ألا يعود، فمن يغفر الأخطاء ينساها للأبد.
المتنبي حاول التعبير عن هذه المعاني لكن بطريقة قد يراها البعض جارحة بعض الشيء، حيث قال «ليس الغبي بسيد في قومه، لكن سيد قومه المتغابي» .
ما نود التعبير عنه قولا واحدا هو أن الصدق، علاجنا الرئيسي لاستقامة علاقاتنا الاجتماعية فليس المهم أن تكون صديقي بل أن تكون صادقا معي، لأن أصدقاء المصلحة مثل البلياردو يتفرقون من ضربة واحدة وهناك أصدقاء يضيئون وآخرون يختفون من الضوء، وهكذا الحياة تتبدل، والعلاقات يعاد إنتاجها من جديد في حالات كثيرة وربما يكون ذلك لأن حفرة أخطائهم قد امتلأت عن بكرة أبيها وآن لك أن تحفر أخرى تدفن فيها الأخطاء الجديدة.
باختصار..تناسوا.. تغافلوا عن أخطاء أصدقائكم، إن كنتم تودون استمرار هذه الصداقة، وسعوا من حفرة أخطائهم،لأنه ومن يدري فربما هم أيضا يفعلون ذلك معكم.. تمنياتي للجميع بحياة سعيدة.
سلمان بن أحمد العيد