متابعات
وسط توقعات بمزيد من الانهيارات العملات المشفرة تثير ذعر المستثمرين
الاقتصاد.الوكالات
تم النشر في الأحد 2023-01-22لم تقتصر محنة إعلان شركة “جينيسيس” للعملات المشفرة يوم الجمعة على عملائها والمستثمرين فيها فقط، بل طالت مئات الآلاف من صغار المودعين في صناديق أخرى مثل شركة “جيميني” التي أوقفت أيضاً سحب زبائنها أموالهم منها. ونشرت صحيفة “الفايننشال تايمز” في عددها الأسبوعي تحقيقاً مطولاً عن مآسي صغار المودعين الذين سعوا إلى الحصول على فائدة مرتفعة على مدخراتهم والآن لا يعرفون مصير أموالهم.
فضلاً عن أن لجنة البورصة والأوراق المالية في الولايات المتحدة تحقق في برنامج “إيرن” الاستثماري لشركة “جيميني”. وجمع البرنامج مدخرات أكثر من 340 ألف شخص، غالبهم من صغار المودعين الذين وضعوا في الصندوق كل مدخراتهم ليضمنوا عائداً مقبولاً في ظل وصول نسبة الفائدة في البنوك إلى نحو الصفر في السنوات الماضية.
ولضمان نسبة فائدة بسعر سبعة في المئة للمدخرين، قامت “جيميني” باستثمار أموال المودعين في العملات المشفرة وأقرضت أموال المدخرين لشركة “جينيسيس” التي انهارت قبل أيام. وهي ثالث شركة عملات مشفرة كبيرة تفلس في غضون نحو شهرين بعد إفلاس شركة العملات المشفرة الكبرى “أف تي إكس” في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويحاكم الآن مؤسس وصاحب “أف تي إكس” سام بناكمان – فرايد بتهم النصب والاحتيال بعد ضياع عشرات مليارات الدولارات بين شركات مجموعته التي تزيد على 130 شركة تابعة.
وأدى انهيار المجموعة، وهي ثالث أكبر شركة في قطاع المشفرات والأصول الرقمية، إلى تردد الأخطار في القطاع كله. ومن بين الشركات التي تعاني أيضاً مع أموال مستثمريها شركة “باينانس” التي تعد أكبر متداول لعملة “بيتكوين” المشفرة.
ومنذ انهيار أسعار العملات المشفرة العام الماضي ليفقد القطاع نحو ثلثي قيمته السوقية، بدأت الشركات والمنصات التي أسست لتداول العملات المشفرة والمشتقات الاستثمارية الرقمية تعاني بشدة. وتكشفت سلسلة من التعاملات المريبة من قروض غير مضمونة وإقراض الشركات لنفسها وغيرها بالعملات المشفرة.
وساعد على إخفاء مشكلات شركات القطاع أنها لا تخضع للرقابة المالية من قبل السلطات بشكل محكم مثل بقية الشركات والمؤسسات المالية، وأن معظمها مسجل في خارج نطاق نشاطه الجغرافي في ملاذات ضريبية “أوفشور”. وتنقل “الفايننشال تايمز” عن أستاذة القانون ورئيسة برنامج “البلوكتشين والتكنولوجيا المالية” في جامعة رتجرز في نيوجيرسي يوليا غوسيفا قولها “لا يفيد نظام التدقيق المالي في الولايات المتحدة المستثمرين، ولا حتى الشركات كي تطلق منتجات مالية، إنما يؤدي إلى ثغرات في التطبيق”.
وفي المنتدى الاقتصادي العالمي بمنتجع دافوس بسويسرا تعرضت العملات المشفرة والمشتقات الرقمية المماثلة لهجوم شديد وانتقادات واسعة. ووصف الملياردير دايمي ديمون رئيس بنك “جيه بي مورغان” الاستثماري عملة “بيتكوين” بأنها ليست سوى “عملية احتيال مفرطة ومبالغ فيها”. وقال أمام المنتدى إن العملات المشفرة مجرد “إهدار للوقت”.
لكن ديمون أشار إلى أن التكنولوجيا التي تعتمد عليها المشفرات (شبكة “بلوكتشين”) مفيدة ويمكن استخدامها في تبادل المعلومات المالية بشكل مؤمن. وفي مقابلة مع شبكة “سي أن بي سي” قال ديمون عن “بلوكتشين” إنها “تكنولوجيا قابلة للاستخدام”.
يذكر أن انهيار “أف تي إكس” نهاية العام الماضي اتسع نطاق تأثيره خارج قطاع المشفرات، حيث إن صناديق ومؤسسات مالية تقليدية كانت تستثمر في المجموعة بالتالي انكشفت على إعلانها الإفلاس. ووصفت “الفايننشال تايمز” إفلاس شركة “جينيسيس” بأنه بمثابة ضربة قاصمة لمجموعة “سيلبيرتس” للمشفرات، التي تشمل أشهر منشورات القطاع “كوين ديسك” وشركة إدارة الأصول “غراي سكيل”. وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” ذكرت من قبل أن “كوين ديسك” تسعى إلى إيجاد مشتر لها.
ما زالت سوق المشفرات تشهد وضعاً يشبه إلى حد كبير ما حدث كمقدمة للأزمة المالية العالمية في عام 2008، مع فارق أن الشركات التي انهارت في ذلك الوقت وعلى رأسها شركة “ليمان براذرز” كانت شركات خاضعة لسلطات التنظيم المالي والمراقبة المحاسبية والتدقيق.
وفي نهاية العام الماضي أيضاً أعلنت شركة “بلوك فاي” الإفلاس إثر تضررها من عمليات الاقتراض المتبادل لشركة “أف تي إكس” المنهارة. وعلى الأرجح، كما يرى كثير من المحللين أن “جينيسيس” والصناديق المتضررة من انهيارها لن تكون الشركة الأخيرة في القطاع التي تواجه خطر الإفلاس.
وتشبه عمليات الإقراض والمشتقات المرهونة بالعملات المشفرة ما حدث مع شهادات ضمان قروض الرهن العقاري الأميركي في ما سبق أزمة 2008. وكان يتم تسويق تلك المشتقات الاستثمارية على أساس استمرار الغليان في السوق العقارية الأميركية، لكن مع هبوط أسعار العقارات اتضح وهم تلك المشتقات.