مستقبل الذهب كملاذ آمن 2025 : ما دور تراجع الدولار وعوائد السندات في تعزيز جاذبيته؟
رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
تم النشر في الثلاثاء 2024-12-17يشهد الذهب تحركات متباينة في السوق، حيث استمد دعمًا نسبيًا من ضعف الدولار الأمريكي وتراجع عوائد سندات الخزانة الأميركية ويتداول اليوم الاثنين عند 2664 دولار. ومع أن المعدن الثمين لا يزال تحت ضغط البيع الذي شهده في أواخر الأسبوع الماضي، إلا أن المستثمرين يراقبون باهتمام تطورات السياسة النقدية والظروف الجيوسياسية، التي تلعب دورًا مهمًا في تحديد اتجاهاته المستقبلية.
ومن وجهة نظري، ضعف الدولار الأمريكي وانخفاض عوائد السندات يوفران بيئة داعمة للذهب، خاصة في ظل تراجع الدولار عن مكاسبه الأخيرة. وهذا الانخفاض يعكس حذر المستثمرين قبل قرار أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي. وبالرغم من أن السوق يسعر بالفعل خفضًا للفائدة، الا إن التوجه نحو تخفيف تدريجي فقط في العام المقبل يجعل الوضع معقدًا. وبرأيي، هذا السيناريو يشير إلى أن دعم الذهب قد يبقى محدودًا إذا لم تتجاوز توقعات السوق حول الفيدرالي مستوى التخفيف النقدي المتوقع.
كما أن الضغط على الذهب يظهر بشكل واضح عند اقترابه من مستوى الدعم المهم عند 2635 دولار. وهذه المنطقة تعتبر مهمة، حيث إن كسرها قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط الهبوطية على الذهب. ومع ذلك، أعتقد أن تراجع عوائد السندات الأميركية يوفر حافزًا للحفاظ على الاستقرار في الأسعار على المدى القريب. كما أن المستثمرون يميلون عادة إلى الذهب كملاذ آمن عندما تنخفض العوائد، ما يجعل هذا العامل محوريًا في دعم الزخم الإيجابي للسعر.
أيضاً التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط تضيف بعدًا آخر لتحركات الذهب. فالتصعيد العسكري في المنطقة، يعزز من مكانة الذهب كملاذ آمن. وبرأيي، التوترات الجيوسياسية قد تستمر في تقديم دعم طويل الأجل للمعدن الثمين، ولكنها وحدها قد لا تكون كافية لتعويض الضغوط الناتجة عن التحركات في الدولار والسياسات النقدية.
ومن ناحية البيانات الاقتصاد الأميركي فهي تشير إلى تباطؤ ملحوظ، حيث يُتوقع أن تُظهر مؤشرات مديري المشتريات انكماشًا في النشاط التصنيعي وتباطؤًا في قطاع الخدمات. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يشهد مؤشر إمباير ستيت للتصنيع تراجعًا كبيرًا. ورغم أن هذه البيانات قد تضغط على الدولار الأميركي، إلا أن تأثيرها على الذهب قد يكون محدودًا قبل قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي. وفي رأيي، هذا يعكس حالة من الترقب الحذر في الأسواق، حيث تركز الأنظار بشكل أكبر على توجهات السياسة النقدية أكثر من البيانات الاقتصادية الآنية.
ويمكنني القول أيضاً أن التوقعات بأن سياسات دونالد ترامب ستثير ضغوطًا تضخمية تضيف تعقيدًا للمشهد. وإذا صحت هذه التوقعات، فقد يؤدي ذلك إلى دعم الدولار على المدى الطويل، ما سيشكل تحديًا إضافيًا للذهب. وبرأيي، هذا العامل يشير إلى احتمالية أن يبقى الذهب في نطاق ضيق إذا لم تطرأ تغيرات كبيرة على المشهد الاقتصادي أو الجيوسياسي.
وبالمجمل، يبدو لي أن الذهب يتحرك في بيئة متقلبة تتأرجح بين الضغوط الناتجة عن توقعات السياسة النقدية والدعم المستمد من ضعف الدولار والتوترات الجيوسياسية. وفي رأيي، الفرص الإيجابية للذهب قد تكون مؤقتة ما لم تشهد الأسواق صدمات كبيرة، سواء من جانب الفيدرالي أو من خلال تصاعد التوترات الدولية. والترقب الحذر والصفقات المدروسة ستظل السمة الأساسية لتحركات الذهب في الفترة المقبلة، ما يجعل القرارات الاستثمارية أكثر تعقيدًا بالنسبة للمستثمرين الباحثين عن استقرار طويل الأجل.