مقالات

ماهو التالي لأسعار الذهب (XAUUSD)، وهل يعوّض ترامب تشدد الفيدرالي في الأسواق؟

رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com

تم النشر في الأثنين 2025-01-13

يتحرك الذهب في بداية الأسبوع بهبوط واضح بالقرب من مستويات 2671 دولار، ولكنه يبقى عاجزًا عن تحقيق استمرارية واضحة في هذا الاتجاه. فالأداء السلبي الذي يسجله حاليًا من وجهة نظري يعكس تأثره بعدة عوامل متشابكة، أبرزها التوقعات المتشددة لسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي. في الوقت نفسه، فإن ارتفاع عائدات السندات الأمريكية وتعزيز الدولار الأمريكي لمستويات قياسية يضعان ضغطًا إضافيًا على اسعار الذهب. وهذه المعطيات تجعل من الذهب تحت ضغط توجهات الأسواق التي تفضل الأصول المدرة للعوائد في ظل ارتفاع تكلفة الفرص البديلة.

ولكن من ناحية أخرى، لا يمكن تجاهل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، سواء في أوكرانيا أو الشرق الأوسط، والتي تعزز من دور الذهب كملاذ آمن. فهذه التوترات تقيد الخسائر المحتملة، إذ تحافظ على طلب مستقر على الذهب كأداة للتحوط في أوقات الأزمات. لذا أرى أن هذه التوترات تشكل دعامة أساسية لسعر الذهب، لكنها ليست كافية لتعويض الضغط الناتج عن السياسات النقدية المتشددة، على الأقل في الوقت الراهن.

وفي الأسبوع الماضي، تأثر الذهب بأرقام وظائف أمريكية فاقت التوقعات. وهذه البيانات عززت الاعتقاد بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيحتفظ بسياسته النقدية المتشددة، مما أدى إلى صعود عائدات سندات الخزانة الأمريكية إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عام، وكذلك تعزيز الدولار الأمريكي. لكن هذه التطورات لم تكن في صالح الذهب، الذي يعاني في مواجهة بيئة تتسم بارتفاع العائدات.

ومن وجهة نظري، وسط المزاج المتقلب في الأسواق وتزايد الإقبال على تجنب المخاطرة يوفران دعماً محدوداً للذهب. وهذا الدعم يرتكز على العوامل النفسية أكثر منه على أساسيات اقتصادية متينة، مما يترك الذهب عُرضة لتحركات تصحيحية قد تكون عميقة إذا استمرت التوقعات المتشددة لبنك الاحتياطي الفيدرالي. وهنا، أعتقد أن المستثمرين بحاجة إلى رؤية المزيد من المؤشرات الاقتصادية قبل اتخاذ قرارات استراتيجية طويلة المدى بشأن الذهب.

كما وقد يتحول التركيز نحو بيانات التضخم الأمريكية المنتظرة هذا الأسبوع، والتي قد توفر إشارات حاسمة حول الاتجاه المستقبلي للسياسة النقدية. هذه البيانات ستلعب دوراً محورياً في تحديد ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي سيستمر في مساره الحالي أو سيتراجع تحت ضغط الأسواق. ومن وجهة نظري، أي إشارات تشير إلى انخفاض التضخم قد تضعف الدولار وتدعم الذهب بشكل مؤقت، لكن الاتجاه العام سيظل متأثراً بالسياسات الفيدرالية المتشددة.

كما أن التوترات الجيوسياسية تشكل بُعدًا آخر لا يمكن إغفاله. فالعقوبات الأمريكية والبريطانية الجديدة على صناعة النفط الروسية، والهجمات المتبادلة في الشرق الأوسط وسط الحديث عن تهدئة في غزة ولقاء روسي امريكي لانهاء الحرب الاوكرانية، تعزز من حالة عدم اليقين. كما أن هذه التطورات المتضاربة ربما تدعم تذبذب سعر الذهب كملاذ آمن، لكن تأثيرها يبقى محدوداً مقارنة بالعوامل الاقتصادية المباشرة. وأرى أن هذه التوترات قد توفر فرصاً قصيرة الأجل للمضاربين على الذهب، لكنها ليست كافية لإحداث تغيير جوهري في الاتجاه طويل الأجل.

وعليه يبدو لي أن سعر الذهب عالق بين مطرقة السياسات النقدية المتشددة وسندان التوترات الجيوسياسية. فبينما تحد التوترات من الخسائر، إلا أن تأثيرها الإيجابي يبقى محدوداً أمام قوة الدولار وارتفاع عائدات السندات. لذلك، أعتقد أن المستثمرين بحاجة إلى توخي الحذر عند التعامل مع الذهب في هذه المرحلة. لأن الرهان على الذهب كملاذ آمن يجب أن يكون مدروساً بدقة، مع الأخذ بعين الاعتبار كل من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية التي تلقي بظلالها على السوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock