المستهلكون في الصين يحدوا من الإنفاق لخوفهم من المستقبل
تم النشر في الجمعة 2018-11-23
على ما يبدو أن الحرب التجارية التي تخوضها الصين مع الولايات المتحدة منذ تقريبًا مارس من العام الجاري بدأت تؤثر بصورة مباشرة على قاعدة المستثمرين بالدولة الذين بدأوا يشعرون بالضغوط الذي يتعرض لها اقتصاد الصين. وعلى الرغم من أن الأوضاع الاقتصادية للمواطنين لا تزال جيدة إلا أنهم بدأوا يحدوا من مستويات الإنفاق نظرًا لضبابية الأوضاع في المستقبل.
وتعليقًا على هذا الوضع قال جيان غوانغ شين، كبير المحللين لدي JD Digits، إن “تراجع مستويات الاستهلاك تعتبر مخاطرة قوية حيث أن الجميع على دراية بتراجع الاستثمارات وعلى دراية بالتوترات التجارية التي تشهدها الدولة مع واشنطن. كما أشار إلى تراجع مستويات الثقة هذا العام وأوضح أن مستويات الاستهلاك ستواصل تراجعها خلال الأشهر المقبلة.
وقد بات هذا الأمر واضحًا خاصة في ظل تراجع مبيعات التجزئة التي بلغت 8.6% في أكتوبر وذلك مقارنة بقراءة سبتمبر التي بلغت 9.2% وتعتبر هذه نسبة النمو الأضعف منذ شهر مايو حين بلغت القراءة 8.5% وكانت هي النسبة الأدنى على الإطلاق التي يتم تسجيلها منذ 2010.
كما أفادت ايضًا بعض البيانات الرسمية الصادرة من قاعدة بيانات Wind أن مبيعات السيارات في أكبر سوق للسيارات في العالم تراجع بأكثر من 11.5% في الشهرين السابقين وهو ما أدى لوصول مستويات النمو للنطاق السلبي منذ بداية العام للمرة الأولى منذ 6 أعوام.
التحديات الاقتصادية التي تواجهها الصين
لقد شاهدنا تباطؤ النمو الاقتصادي للصين هذا العام رغم الجهود التي تبذلها الحكومة لخفض النمو المدعوم بمستويات الدين، وهو ما جعل الأمر أكثر صعوبة للمشاريع للحصول على التمويل اللازم. وقد أضاف تزايد حدة النزاع التجاري مع الولايات المتحدة لهذه الشكوك. وبالأخص في ظل تراجع قيمة العملة كما أن الأسهم الصينية كانت هي الأسوأ في الأداء خلال هذا العام.
ورغم هذه التحديات إلا أن المستهلكين ايضًا يستغلون التطور السريع الذي يشهده القطاع المالي التكنولوجي في الصين وهو ما ساهم في زيادة الإنفاق على الائتمان أو الشراء عن طريق الاقساط.
لماذا واصلت مبيعات الدين للحكومة في الصين إلى الحد السنوي؟
السبب الرئيسي وراء وصول مبيعات الدين إلى الحد السنوي يرجع الدعم المالي الهائل الذي تقدمت به الحكومة وهو ما ساهم في ارتفاع السندات في الربع الثالث بصورة قوية وهو جزء من المهام التي تتخذها الحكومة لدعم الاقتصاد.
فقد أوضحت البيانات الرسمية الصادرة من قبل وزارة المالية الصينية أمس الخميس أن إصدار السندات الخاصة الجديدة التي تستهدف مستويات تمويل محددة مثل تطوير الأراضي بلغ 1.32 تريليون ين ياباني في الفترة من يناير وحتى أكتوبر وصولًا لنسبة 98% من الحصة السنوية التي تبلغ قيمتها 1.35 تريليون ين.
كما أفادت البيانات بأن مبيعات السندات للأغراض العامة الجديدة بلغت 798 مليار يوان في الفترة ذاتها وهو ما يمثل 95% من النسبة المستهدفة للحكومة للعام الجاري.
وأضافت الوزارة أن إجمالي السندات الحكومية المحلية التي تم طرحها بلغت قيمتها 4.1 تريليون يوان في الأشهر العشر الأولى من العام.
ووصل الديوان المعلقة للحكومة المحلية 18.4 تريليون يوان بنهاية أكتوبر، وكانت الحكومة قد قامت بزيادة مستويات الدين المعلقة للحكومة بواقع 21 تريليون يوان في 2018.
ورغم هذه البيانات التي تتسم بالإيجابية نوعًا ما إلا أن بعض المحللين لا يزالوا غير متفائلين بشأن وضع نمو الائتمان بشكل مجمل مشيرين إلى أن التراجع القوي في أكتوبر يمثل عامل خطير للاقتصاد رغم المساعي التي تتخذها الدولة لدعم الأوضاع الاقتصادية.
وأوضحت الوزارة أن الحكومة المحلية في الصين قامت بطرح 256 مليار يوان فيما يخص الدين بتراجع عما تم طرحه في سبتمبر بواقع 748.5 مليار يوان، وهي ما تعد أدنى قيمة منذ مارس.
وفي النهاية ورغم التدابير التي تتخذها الحكومة الصينية لدعم الاقتصاد تظل مخاوف الحرب التجارية مع الولايات المتحدة مؤثرة بصورة كبيرة على الأوضاع الاقتصادية في البلاد بل وفي العالم كله.
P