كورونا…و أهمية الأمن الغذائي
تم النشر في الأحد 2020-05-03
الدكتور محمد محمود شمس
إن الإفراط فى إستهلاك النعم من السلع والخدمات خاصة الطعام لا يمكن وصفة بأي حال من الأحوال بأنه كرم حاتمي يتميز به المجتمع السعودي. فللأسف أن موائدنا الغنية بما لذ وطاب من مختلف الوجبات الغذائية خلال المناسبات السعيدة وغيرها تفيض بكميات ضخمة من ألوان الطعام التي تزيد عن حاجة المدعوين في هذه المناسبات لذلك فمصيرها المحتوم يكون في معظم الأحوال في صناديق القمامة. وللأسف أيضا أن الكثير منا لم يتعلم و كذلك لم يهتم حتى الآن بضرورة حفظ النعمة وحمد الله عليها وذلك على المستويين الفردي و الأسري. فتشير الأرقام الإحصائية من أن قيمة ما إستهلكه الشعب السعودي من جميع السلع والخدمات خلال عشر سنوات قفزت من 592 مليار ريال عام 2009 إلى 1,118 مليار في عام 2018 أي أكثر من ترليون ريال بزيادة قدرها 89% وهو يمثل نحو 38% من الناتج المحلى الإجمالي. هذا الاستهلاك الضخم يستهلك كل عام ليس من الإنتاج المحلي بل من النمو المستمر في الواردات التي تستنزف المبالغ الضخمة من العملات الصعبة والتي قفزت خلال نفس الفترة بنسبة 55% من 712 مليار ريال إلى 1,104 مليار ريال. من ناحية أخرى فإنه حتى إذا تغاضينا إلى حد ما عن طبيعة الإسراف أو الكرم الحاتمي إذا أردنا نصفه بذلك فلابد لنا أن نكون حريصين وبشدة على تغطية احتياجاتنا من الإنتاج الزراعي المحلي على الأقل لضمان الأمن الغذائي وعدم الإعتماد الكلي على الأسواق الخارجية.
الحقيقة التي لا يمكن إغفالها بأنه خلال جائحة كرونا والتي قطعت الكثير من سلاسل الإمدادات الغذائية وغيرها من السلع والخدمات في معظم دول العالم تبين أن للأمن الغذائي أهمية قصوى على جميع المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
* رئيس مركز إستشارات الجدوى الإقتصادية بجدة