قطاع التمويل الإسلامي سيشهد تباطؤاً في النمو خلال الفترة المقبلة
تم النشر في الأربعاء 2017-06-28
توقعت وكالة “إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية” بأن قطاع التمويل الإسلامي سيواصل نموه هذا العام، لكنه سيفقد بعضاً من زخمه في العام 2018. وصلت أصول القطاع في نهاية العام 2016 إلى 2 ترليون دولار أمريكي، أدنى بقليل من توقعاتنا في شهر سبتمبر. ورغم تسارع إصدارات الصكوك في النصف الأول من هذا العام والتي من المرجح أن تبقى قوية في النصف الثاني من هذا العام، لا نعتقد بأن معدل النمو سيستمر بهذا المستوى. نعتقد بأن هناك إمكانية لتحقيق نمو أكبر في حال نجحت الهيئات الرقابية والمشاركون في السوق في تحقيق توحيد أكبر للمواصفات، والذي قد يؤدي إلى تشكيل قطاع للتمويل الإسلامي عالمي حقيقي.
لمحة عامة
• أثر الوضع الاقتصادي الحالي في أسواق التمويل الإسلامي وانخفاض قيمة العملة المحلية على أداء القطاع في العامين 2016 و2017.
• يقيد النمو غياب التكامل بين المنتج والسوق، من وجهة نظرنا، وكذلك عدم وجود تفسير موحد للأحكام الشرعية والوثائق القانونية.
• يمكن للتكامل، وتوحيد المواصفات، وزيادة الاهتمام في التمويل المسؤول أن يغير قواعد اللعبة، على المدى المتوسط فقط.
الظروف الاقتصادية غير مساعدة
يبقى التمويل الإسلامي مرتكزاً بشكل رئيسي في الدول المُصدِّرة للنفط، حيث تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي، وماليزيا، وإيران على أكثر من 80% من أصول القطاع. من وجهة نظرنا، أدى الانخفاض في أسعار النفط وخفض الحكومات للإنفاق الاستثماري والجاري إلى تراجع آفاق نمو القطاع. وبينما استمر أداء الاقتصاد الماليزي على نحو ملائم، بفضل تنوعه، انخفض متوسط النمو الاقتصادي لدى دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كبير في الفترة ما بين 2012-2017. من جهة أخرى، شهدت إيران طفرة في النمو في العام 2016 بعد رفع بعض العقوبات عنها وارتفاع أسعار النفط (انظر الرسم البياني 1)، إلا أنه من المتوقع أن يعتدل هذا النمو خلال السنوات الثلاث المقبلة. وبنفس الوقت سيظل الاقتصاد الإيراني يعاني من قلة خيارات التمويل والعقوبات التي بقيت مفروضة على إيران.
من العوامل الأخرى التي تفسر تراجع نمو القطاع انخفاض قيمة العملات في بعض الدول. وتحديداً، لاحظنا تأثيراً ملحوظاً لذلك على نشاط التمويل الإسلامي في إيران، وماليزيا، وتركيا، ومصر التي تدهورت فيها أسعار الصرف (انظر الرسم البياني 2). ومع مواصلة الدولار الأمريكي تعزيز قوته في العامين 2017 و2018، فإننا قد نشهد المزيد من هذا التأثير. وفي هذا السياق، فإن التمويل الإسلامي كان محمياً من خلال ربط العملات المحلية لدول مجلس التعاون الخليجي بالدولار الإمريكي.
و نعتقد بأن معدل نمو القطاع سيستقر عند نحو 5% في العامين 2017 و2018، أدنى من متوسط معدل النمو خلال العقد الماضي (انظر الرسم البياني 3). من المرجح أن تشهد الدول التي انضمت حديثاً للقطاع، مثل المغرب وعُمان، نمواً أقوى، إلا أن مساهمتها في قطاع التمويل الإسلامي بشكل عام ستبقى على الأرجح محدودة.
ومن المتوقع استمرار التباطؤ في البنوك الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي في العام 2017 بعد تراجع نمو الأصول إلى 5.3% في العام 2016 من 10.7% في العام 2014. وبموجب السيناريو الأساسي لدينا، نتوقع استقرار نمو الأصول عند نحو 5% وذلك لأن خفض الحكومات للإنفاق ومبادرات تعزيز الإيرادات، مثل فرض ضرائب جديدة، يحد من فرص نمو البنوك الإسلامية في قطاعي الشركات والتجزئة.
نرى بأن البنوك أصبحت أكثر حذراً وانتقائية في أنشطة الإقراض، مما أدى إلى اشتداد المنافسة. مع ذلك، لا نتوقع بأن ينطبق ذلك على جميع البنوك في جميع دول مجلس التعاون الخليجي. ورغم أن التباطؤ الاقتصادي سيظل على الأرجح ملموساً في المملكة العربية السعودية، إلا أن نمو البنوك الإسلامية قد شهد تسارعاً في العام 2016، وذلك بفضل اتباع تلك البنوك استراتيجة زيادة الأعمال بين الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. بالمقارنة، كان انخفاض النشاط الاقتصادي أكثر حدة في قطر، حيث أن انخفاض السيولة وخفض الإنفاق الحكومي دفع البنوك إلى تقليص خططها التوسعية. وكذلك إن فرض بعض الدول العربية لعقوبات على قطر يمكن أن يضعف أكثر آفاق قطاع التمويل الإسلامي لديها في العام 2017. يكاد نمو الأصول في الكويت لا يذكر خلال العام الماضي، نتيجةً لتأثرها بانخفاض قيمة بعض العملات الأجنبية وما ترتب على ذلك من آثار على البيانات المالية لبعض البنوك الإسلامية الرائدة في الكويت. وبالرغم من الأداء الاقتصادي الفاتر لدولة الإمارات العربية المتحدة وانخفاض أسعار العقارات، واصلت البنوك الإسلامية توسعها بأرقام فردية مرتفعة.
ومع تحول الدورة الاقتصادية، نعتقد بأن مؤشرات جودة أصول البنوك الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي سوف تتراجع في النصف الثاني من هذا العام وفي العام 2018. هذا التراجع لم يكن ملحوظاً في العام 2016 لأن البنوك – بطبيعة الحال – بدأت في إعادة هيكلة تعرضاتها لكي تتكيف مع التحول في البيئة الاقتصادية. لذلك شهدنا ارتفاعاً في القروض المعاد هيكلتها في مجلس التعاون الخليجي العام الماضي، ولم نشهد ارتفاعاً ملحوظاً في القروض المتعثرة لدى البنوك أو ارتفاعاً في تكلفة المخاطر. نعتقد بأن التراجع سيكون ملحوظاً أكثر في العامين 2017 و2018. على العموم، نعتقد بأن تعرضات المقاولين الفرعيين، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتجار التجزئة الوافدين ستتحمل عبء تحول الدورة الاقتصادية وستساهم بشكل بارز في تشكيل قروض متعثرة جديدة خلال تلك الفترة.
لذلك فأن ربحية البنوك الإسلامية سوف تتراجع مرة أخرى في العامين 2017 و2018؛ نرى بأن هناك عدة عوامل لذلك:
• ارتفاع تكلفة التمويل. هذا أدى إلى تقليص هوامش الوساطة لدى البنوك في العام 2016. وبالرغم من تراجع الضغوط قليلاً بعد إصدار الحكومات لسندات دولية وقامت بدفع المستحقات للمقاولين، نعتقد بأن تكلفة التمويل ستبقى متضخمة في الفترة ما بين 2017-2018. إن الارتفاع الأخير في سعر الفائدة للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي سارت على منواله بعض البنوك المركزية في مجلس التعاون الخليجي، يمكن أن يؤدي إلى تحول الودائع إلى حسابات الاستثمار المشاركة في الأرباح من الحسابات الجارية من غير فائدة. وفي حال حدوث ذلك، فإنه سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل أكثر. قام عدد قليل جداً من البنوك الإسلامية بالاحتفاظ بمبالغ كبيرة من الاحتياطات المعادلة للأرباح، التي تقوم بجمعها في السنوات ذات الأداء الجيد وتستخدمها في تعيين العائدات إلى مالكي حساب الاستثمار المشارك في الأرباح عند الحاجة.
• ارتفاع تكلفة المخاطر. نتوقع أيضاً ارتفاعاً أكبر في الخسائر الائتمانية في العامين المقبلين، بسبب الظروف الاقتصادية الضعيفة نسبياً. من المرجح أن يؤدي التعرض للمقاولين الفرعيين، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وعملاء التجزئة (لاسيما الوافدين) إلى تصاعد خسائر الائتمان.
وبشكل عام، نتوقع تباطؤاً في نمو إيرادات البنوك، وبأنها ستركز على قواعد التكلفة لديها لتخفيف آثار ذلك (على سبيل المثال، من خلال إغلاق بعض الفروع). وكنظيراتها من البنوك التقليدية، من المتوقع أن تكون البنوك الإسلامية لدول مجلس التعاون الخليجي، ولأن قواعد التكلفة منخفضة نسبياً لديها، قادرة على حماية ربحيتها إلى حد ما خلال العامين المقبلين. ورغم أن الاندماج قد يكون وسيلة للمضي قدماً في بعض أسواق مجلس التعاون الخليجي، نتوقع بأن تبقى عمليات الاندماج حالة استثنائية في العامين 2017 و2018 وليست قاعدة.
وتشكل الرسملة عموماً عاملاً إيجابياً لدى البنوك الإسلامية لدول مجلس التعاون الخليجي. مع ذلك، نلاحظ بأنها قد تراجعت لأن التسارع السابق في نمو التمويل لم يقابله زيادة في رأس المال. وقد قام عدد قليل من البنوك في مجلس التعاون الخليجي بإصدار صكوك لتعزيز رأس المال، بشكل رئيسي تلك القائمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقطر، والمملكة العربية السعودية.
انتعاش نشاط الصكوك هذا العام ومن غير المؤكد استمرار هذا الانتعاش في العام 2018
حقق سوق الصكوك أداءً قوياً في النصف الأول من العام 2017 مقارنةً بنفس الفترة من العام 2016، وذلك بفضل الإصدارات الضخمة لحكومات مجلس التعاون الخليجي (انظر الرسم البياني 4). نعتقد بأن السبب الرئيسي وراء هذا الأداء هو ظروف السيولة الجيدة في دول مجلس التعاون الخليجي وبشكل أعم في السوق المالية العالمية. ورغم أننا نتوقع استقرار عدد الإصدارات حتى بقية العام 2017، نرى بأنه من غير المرجح أن تتكرر في العام 2018 إصدارات كبيرة بحجم تلك التي صدرت في النصف الأول من العام 2017. لا نزال نعتقد أيضاً بأن إجراءات إصدار الصكوك تتسبب في إحجام بعض المُصْدرين من دخول السوق. مع ذلك، نرى بأن هيئات وضع المعايير في قطاع التمويل الإسلامي قد أحرزت بعض التقدم في هذا المجال هذا العام.
ويرتكز معظم المستثمرين في الصكوك في منطقة مجلس التعاون الخليجي (انظر الرسم البياني 5). وفي هذا المجال فهمنا بأنه للبنوك الدور الأكبر. لاحظنا خلال العامين الماضيين تراجعاً في السيولة لدى الأنظمة المصرفية لدول مجلس التعاون الخليجي، وذلك لتراجع تدفقات الودائع نتيجةً لانخفاض أسعار النفط والاعتماد الكبير على الودائع من الحكومات والكيانات المرتبطة بها. هذا الوضع بدأ يسير في الاتجاه المعاكس في النصف الأول من العام 2017 بعد استقرار أسعار النفط وقيام الحكومات بإصدار سندات كبيرة وبضخ السيولة محلياً. مع ذلك، نرى بأن بنوك دول مجلس التعاون الخليجي تميل إلى الاحتفاظ بكميات كبيرة من النقد والأدوات المكافئة للنقد في ميزانياتهم العمومية. وفي ظل الظروف التشغيلية الحالية الصعبة على البنوك، وتحديداً انخفاض فرص الإقراض لديها، نعتقد بأن بعض هذه البنوك قد تلجأ إلى تحويل جزء من السيولة لديها إلى أصول تحقق دخلاً أكبر مقارنةً بالنقد والأدوات المكافئة للنقد. وفي هذا السياق، يبدو بأن السندات والصكوك أكثر جاذبية من الودائع بين البنوك أو الودائع لدى المصارف المركزية.
ومن جهة أخرى، حافظت السيولة العالمية أيضاً على وضعها الجيد في النصف الأول من العام 2017 ونتوقع بأن تستمر على هذا النحو في النصف الثاني من العام أيضاً. سيواصل برنامج التسهيل الكمي للبنك المركزي الأوروبي، والزيادة البطيئة في أسعار الفائدة لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والسيولة الجيدة لدى بعض الدول الآسيولة دعم نشاط السوق المتعلقة بإصدار السندات والصكوك. وقد تشهد تكلفة التمويل ارتفاعاً بالرغم من قيام البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة ومع بدء البنك المركزي الأوروبي بتخفيف برنامجه للتسهيل الكمي. نتوقع زيادة إضافية بمقدار 25 نقطة أساس في أسعار الفائدة لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بحلول نهاية العام 2017، بعد الزيادة الأخيرة في يونيو. مع ذلك، نرى بأن برنامج التسهيل الكمي يقترب من نهايته في آخر العام 2018 أو في العام 2019 في حال تعرضت الظروف الخارجية (أسعار السلع وسعر الصرف) إلى المزيد من الانكماش، كما نرى أيضاً بأن أسعار الفائدة ستبدأ بالتحرك في العام 2019.
ونظراً للانخفاض الحالي في أسعار الفائدة في الأسواق المتقدمة، فإنه من الممكن أن يبقى مصدرو الأسواق الناشئة ممن لديهم تجارب ائتمانية جيدة ضمن دائرة اهتمام المستثمرين، كما هو ظاهر في الزيادة الكبيرة في معدلات الاكتتاب في بعض المعاملات الأخيرة. لذلك، نتوقع استمرار تدفق السيولة إلى قطاع الصكوك من الأسواق المتقدمة، ولو أنها بوتيرة بطيئة بسبب التطورات الأخيرة في منطقة مجلس التعاون الخليجي. هناك بعض التقدم في تخفيف تعقيدات الإصدار، إلا أنه غير كاف من وجهة نظرنا. لا تزال عملية إصدار الصكوك تستغرق وقتاً أطول من عملية إصدار السندات التقليدية، رغم أن هذا الوضع قد تحسن على مر السنين.
من جهة إيجابية، شهدنا في النصف الأول من العام 2017 قيام هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي) وغيرها من الهيئات ذات الثقل في القطاع المالي، بدفع السوق نحو المزيد من توحيد المواصفات. قامت أيوفي بإصدار مسودات تعرض موحدة حول المجالس الشرعية المركزية ومحاسبة الصكوك بهدف معالجة التعقيدات المرتبطة بالتوافق مع الأحكام الشرعية والهيلكة القانونية للصكوك. لا تزال عملية إصدار الصكوك أكثر تعقيداً مقارنةً بعملية إصدار السندات التقليدية. وحتى نصل إلى ذلك الهدف، نعتقد بأن المُصْدرين سيميلون إلى تفضيل السندات التقليدية على الصكوك.
قطاع التكافل معرض لتراجع دعم البيئة
كان نمو إجمالي مساهمات التكافل (التأمين) مستقراً في العام 2016 مقارنةً بالعام 2015، ونعتقد بأن يبقى الوضع على هذه الحال في العامين 2017 و2018، في حال عدم حدوث أي تغيير في جميع العوامل الأخرى. مع ذلك، نعتقد بأن قطاع التكافل لديه مجالاً كافياً للنمو إذا ما دعمته الحوافز التنظيمية وتم إجراء المزيد من التطوير في قطاعات التمويل الإسلامي الأخرى.
لا يزال انتشار التأمين في أسواق التمويل الإسلامي الرئيسية ضعيفاً، حيث يشكل متوسط أقساط التأمين في دول مجلس التعاون الخليجي الست ما بين 1%-2% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً بأكثر من 6% في الأسواق الأكثر تقدماً. خلقت بعض الإجراءات التنظيمية التي اتخذت مؤخراً، مثل فرض التأمين الصحي الإلزامي في دبي، على سبيل المثال، فرصاً للنمو للشركات المشاركة. نرى بأن ارتفاع الطلب على منتجات التأمين على الحياة والادخار، أو فرض المزيد من خطط التغطية الإلزامية، يمكن أن يحفز النمو. وبنفس الوقت، نعقد بأن تشديد القوانين المرجحة بالمخاطر في بعض الأسواق ستساعد في تقوية شركات التكافل، لكنها يمكن أن تؤدي إلى زيادة التكاليف التشغيلية، لاسيما بالنسبة لبعض الشركات الصغيرة.
وقامت عدة مؤسسات بالاطلاع على سوق التمويل الإسلامي والصكوك وصرفت النظر عنها بالنهاية، بدلاً من المضي قدماً في جميع الخطوات المطلوبة للإصدار. إن الامتثال لأحكام شرعية موحدة وتوحيد الوثائق القانونية، وامتلاك معلومات حول المُصْدرين المعنيين، يمكن أن يساعد السوق في المضي قدماً بهذا الاتجاه. لا تزال الأحكام الشرعية تفسر بطرق مختلفة في مختلف أسواق التمويل الإسلامي. مع ذلك، يبدو بأن القطاع يسير في الاتجاه الصحيح مع الاقتراح الذي قدمته المجالس الشرعية المركزية.
وكذلك نرى بأن توحيد المواصفات يمكن أن يخطو خطوة أخرى للأمام من خلال وضع مبادئ توجيهية مقبولة عالمياً واعتماد التدقيق بعد الإصدار بدلاً من الموافقة قبل الإصدار. نعتقد بأن مجموعة من المنتجات القياسية، التي تتنوع مابين الأدوات المشابهة للدين إلى الأدوات المشابهة للأسهم، يمكن أن تساعد القطاع في استعادة زمام المبادرة. كما ينبغي توضيح معادلة المخاطر والمكافآت للمستثمرين. لقد تم بيع بعض الصكوك كأدوات ثابتة الدخل بالرغم من أنها ليست كذلك. يمكن لهذا النهج أن يؤدي إلى زعزعة استقرار السوق في حال تعرض المستثمرون لخسارة الصكوك. إن الإصدارات في المملكة العربية السعودية، والأدوات ذات مخاطر الأصول المتبقية أو الهياكل التي اعتمدت على عدد من الافتراضات، يجب أن تفسر بشكل جيد وتفهم من قبل المستثمرين.
والتمويل المسؤول، وأهداف التنمية المستدامة، واستثمار التأثير
نرى بأن هناك ارتباطاً طبيعياً بين مبادئ التمويل الإسلامي، والتمويل المسؤول، وأهداف التنمية المستدامة، واستثمار التأثير. كلها تهدف إلى إنشاء أنظمة مالية أكثر إنصافاً ويكون لها تأثيراً إيجابياً ملموساً على الاقتصاد والسكان. إن زيادة مشاركة المؤسسات متعددة الأطراف في التمويل الإسلامي – من خلال إصدار الصكوك والمنتجات الإسلامية، وكذلك التطبيق الصارم لمبدأ تقاسم الربح والخسارة – يمكن أن يخلق فرصاً لنمو القطاع. لا تزال مساهمة قطاع التمويل الإسلامي حتى الآن محدودة بسبب حجم القطاع الصغير نسبياً وبسبب بنيته المكونة من مجموعة من الأسواق المتنوعة. بالإضافة إلى أدوات التمويل الإسلامي، يمكن أن تكون الزكاة (منح الهبات) والوقف (الأعمال الخيرية) مفيدة تحديداً في تمويل مشاريع البنية التحتية الاجتماعية، مثل المساكن ذات الأسعار المعقولة، أو الرعاية الصحية.
وقامت الجهات المنظمة في أعقاب الأزمة المالية العالمية بوضع قانون التصفية للتعامل مع فشل البنوك ذات الأهمية بالنسبة للنظام المصرفي دون اللجوء إلى ضح أموال دافعي الضرائب أو زعزعة استقرار النظام المالي. بالنسبة للبنوك التقليدية، يتم ذلك من خلال تخصيص احتياطي من الالتزمات التي تستوعب الخسارة التي تحمي كبار الدائنين في حال التعرض لضغوط كبيرة. لم تقم الجهات المنظمة في أسواق التمويل الإسلامي الرئيسية حتى الآن بتطبيق أنظمة التصفية، إلا أنها من الممكن أن تقوم بذلك خلال السنوات القليلة المقبلة.
نرى بأن نظام التصفية يمكن أن يتناسب مع التمويل الإسلامي لأن مبدأ تقاسم الربح والخسارة هو أحد المبادئ الرئيسية في القطاع. من الممكن أن يكون أحد الشروط المسبقة المحتملة لهذا النظام هو أن يوضح المصدرون للمستثمرين بأن تلك الأدوات يمكن أن تستخدم للتعويض عن الخسائر (كما فعل البنك المركزي الماليزي عندما أنشأ ودائع تتقاسم الخسارة) وتوضيح الظروف التي قد يحدث فيها ذلك. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتلقى الدائنون تعويضاً كافياً عن المخاطر الإضافية.
و تحتاج أسواق التمويل الإسلامي للتوحد لكي تتحول إلى قطاع عالمي حقيقي. لكن هناك العديد من قصص النجاح، وهذه يمكنها جذب المزيد من المُصْدرين إلى السوق. على سبيل المثال، يمكن لبعض المُصْدرين الاستفادة من مراقبة التمويل الإسلامي في ماليزيا، حيث أننا فهمنا بأن عملية إصدار الصكوك هناك بنفس سلاسة إصدار السندات التقليدية. يمكننا أن نجد مثالاً آخر في عمليات الاستحواذ في خارج الحدود، والتي قد تؤدي إلى تفسير أكثر تماسكاً للأحكام الشرعية. قد يؤدي التكامل الأوثق أيضاً إلى زيادة إصدارت الصكوك، مما قد يحد من تعرض شركات التكافل للاستثمارات العقارية والأسهم ذات المخاطر المرتفعة أو يساعد البنوك في إدارة السيولة لديها. يمكن أن تزود الصكوك صناديق الاستثمار بإيرادات دخل ثابت إضافية، وتشجع في التحول إلى المزيد من الأدوات المشاركة في الربح والخسارة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمصارف الإسلامية البدء في تقديم منتجات تكافل بانتظام أكبر فيما لو تم سن التشريعات اللازمة لذلك.