قطار الرياض وثقافة التوفير
فهد البقمي . رئيس التحرير
تم النشر في الخميس 2024-12-05سجلت المملكة العربية السعودية رقماً قياسياً في تنفيذ أضخم مشاريع النقل العام في العالم، سواء من حيث التكلفة أو التقنية المستخدمة، أو حتى من حيث طول مساراته التي تعد الأطول عالمياً. ومع مشروع مترو الرياض الذي أطلقه سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، تتجه السعودية نحو تحول جذري في نظام النقل داخل المدن، مما يساهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين والزوار.
ويُعتبر مترو الرياض حلاً مبتكراً لمشكلة الازدحام المروري التي تعاني منها العاصمة. فقد خضع المشروع لدراسات دقيقة جعلته يربط المدينة بكافة الاتجاهات، مما يسهل حركة المواطنين ويقلل من الاعتماد على السيارات الخاصة. على سبيل المثال، تحدث أحد الموظفين في مطار الملك خالد الدولي عن كيف سهل القطار حياته، حيث اختصرت رحلته التي كانت تستغرق ساعتين إلى 40 دقيقة فقط. وكانت تكلفه 800 ريال شهرياً هذا التحسين في زمن التنقل يمثل فائدة كبيرة لأصحاب السيارات الذين كانوا يقضون أوقاتاً طويلة في الازدحام، مما يزيد من إنتاجيتهم ويعزز من جودة حياتهم.
إضافةً إلى ذلك، تُعتبر ثقافة استخدام وسائل النقل العام من الأمور الهامة التي تعود بالفائدة على الأفراد والمجتمع ككل. فعندما ينتقل المواطنون عبر المترو، فإنهم يتجنبون التكاليف المرتبطة بالوقود وقطع الغيار، حيث تشير التقديرات إلى أن استخدام وسائل النقل العامة يمكن أن يوفر حوالي 70٪ من هذه النفقات. هذا التوفير يساهم في إعادة تخصيص الأموال لأغراض أخرى، مثل التعليم أو الترفيه، مما يؤدي إلى تحسين مستوى المعيشة. كما أن استخدام المترو يساعد في تقليل الازدحام المروري، مما يسهم في تقليل انبعاثات الكربون وتحسين جودة الهواء في المدينة، وهذا يتماشى مع رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تعزيز الاستدامة وحماية البيئة.
مع النجاح الذي حققه مشروع مترو الرياض، تتطلع العديد من المدن الرئيسية مثل جدة ومكة المكرمة إلى تنفيذ مشاريع نقل عام مشابهة. حيث تشهد هذه المدن كثافة عالية من السائحين والزوار، وبحسب رؤية المملكة 2030، فإن العدد المستهدف من الحجاج والمعتمرين يتجاوز 30 مليون. لذا، فإن تسريع إنجاز مشروع المترو في جدة سيساهم في توفير تجربة فريدة وجودة حياة عالية للمواطنين والزوار. إضافةً إلى ذلك، فإن وجود وسائل نقل عام متطورة يسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث تعتبر وسائل النقل الفعالة من العوامل الأساسية التي تساهم في تحسين بيئة الأعمال. فالمستثمرون يميلون إلى اختيار المدن التي توفر بنية تحتية قوية تسهل حركة الأفراد والبضائع.
وختاماً فأن مشروع مترو الرياض يمثل نموذجاً للابتكار والتقدم في مجال النقل العام، مما يساعد على تحسين حياة المواطنين ويجعل المملكة وجهة جذابة للسياح والمستثمرين على حد سواء.إذ إن هذه المشاريع الضخمة لا تساهم فقط في تسهيل حركة التنقل، بل تعكس أيضاً رؤية المملكة الطموحة نحو مستقبل مستدام ومزدهر. ومن المؤكد أن المشاريع المستقبلية ستستمر في تعزيز هذه الرؤية، مما يسهم في بناء مجتمع ديناميكي ومتطور يلبي احتياجات جميع المواطنين.