عاممقالات

صيد الفيل بسنارة

تم النشر في الثلاثاء 2014-12-30
أعلنت وزارة الإسكان عن استحقاق بعض المواطنين الحصول على منتجاتها، ومفردة منتجاتها هذه لم ترق لي بتاتا إذ إنها مفردة خرجت من بين آليات المصانع المنتجة للسلع فائقة الجودة والتي تخضع منتجاتها للدراسات والمواصفات التي تحقق الجذب والانتشار ويتم تسويقها على أنها سلع قابلة للمنافسة والرواج والديمومة.

ولا أعرف لماذا اختارت الوزارة هذه المفردة تحديدا بينما هي تقدم خدمة يفترض فيها المجانية وعدم الربحية، كما أن مواصفات منتجها متواضعة جدا أمام حلم المواطن الذي انتظر طويلا لكي يحصل على السكن أو أمام المشاريع السكنية التي يشرف عليها القطاع الخاص.

وكلما كتبت عن هذه الوزارة الحديثة أجدني أخضع واقعها الراهن للمقارنة مع الماضي القريب وأتباكى على الأطلال التي كان المواطن فيها يحصل على منحة أرض بمساحة كافية تمكنه من بناء منزله بصورة مريحة (وعلى هواه) من خلال قرض البنك العقاري حتى إذ ظهرت لنا الوزارة في (البخت) جاءت على غير ما نتمنى وبدأت بسن قوانين المنح بما يبعد الكثيرين عن الفرص الماضوية الأكثر بهجة وانشراحا، فمنتجات وزارة الإسكان خرجت علينا على هيئة (علب) من مصنع لم يقم بدراسة منتجه وما يتوافق مع رغبات الطالبين لسلعته، فأنشأت منازل متواضعة لم يكن لطالبها حرية تصميمها أو حجمها، وهي منازل أستطيع تسميتها بالبيوت الضامرة.

وكان بالإمكان تحقيق مشاريع إسكانية رائعة لو أن الوزارة تخلت عن التفكير بدلا عن الطالبين لخدمتها وأشركت الجميع في تقديم مقترحات حول المشاريع السكنية التي يرغبون في توفيرها أو كان بالإمكان الاستفادة من تجارب القطاع الخاص (في الدول العربية) الذي يقدم نماذج سكنية تحتوي على جميع الخدمات والحدائق والمتنزهات.. وكان بالإمكان تغطية جميع طلبات المتقدمين بكل يسر وسهولة، والقضاء على حجة عدم توفر الأراضي اللازمة لتلبية احتياجات المواطنين فبدلا من البيوت المعلبة صغيرة الحجم والتي تم بناؤها أفقيا كان بالإمكان أن تبنى المنازل عموديا بحيث تكون المساحة الواحدة محققة لغرض السكن المريح ومستوعبة لأعداد كبيرة، كأن تقام عمائر كل عمارة مكونة من عشرين دورا متطابقا وكل دور يمثل فيلا بذاته وبهذا تقضي على أزمة الأراضي الشحيحة (كما تقول الوزارة) وتعطي اتساعا في قبول الأعداد الكبيرة الطالبة للخدمة.. كان بالإمكان فعل أشياء كثيرة إلا أن التفكير المنفرد كمن يقتعد غابة ليصيد فيلا بسنارة سمك

نقلا عن عكاظ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock