مقالات

صناعة النوم

تم النشر في الجمعة 2019-12-27

.

عبدالله بن عبدالرحمن الربدي

تقوم الأعمال والتجارة على مبدأ تلبية الاحتياجات لدى العملاء وبالتالي تسعى الشركات التي يضعف الطلب على منتجاتها أو يضعف الاحتياج إليها، إلى إيجاد الطلب ومحاولة تطبيق تقنيات لتعزيز أهمية وجود منتجاتها في حياة العميل خصوصا للمنتجات التكميلية وغير الأساسية، لكن هناك صناعات وتجارة تقوم على احتياجات أساسية للإنسان وعليه قامت صناعة ضخمة وتجارة كبيرة مربحة، وأعتقد أن من المهم للمستثمر والتاجر معرفة حجم سوقه والقطاع الذي يضم تجارته بجميع فئاته ومستوياته وإن درسها بشكل جيد سيكتشف حدودا جديدة للتجارة وفرصا أفضل.
ولعلي في هذا المقال أتناول قطاعا لا يتكلم عنه أحد ولا يذكر كقطاع خاص وهو قطاع صناعة النوم على سبيل المثال ولتوضيح وجوب دراسة السوق جيدا، رغم غرابة التصنيف وعدم تداوله إلا أنه صناعة ضخمة يجب أن نذكر أنها تضم قطاعات وصناعات مختلفة كلها تخدم في النهاية تحسين تجربة العميل في النوم.
مع الأسف الأرقام للسوق السعودية غير متوافرة لهذا القطاع لكن موجودة للسوق الأمريكية، فيقدر حجم السوق الأمريكية بحدود 29 مليار دولار سنويا لكن هذا الرقم يختص أكثر بمن يعانون مشكلات في النوم ولم يأخذ في الحسبان العملاء الطبيعيين والشراء العادي، ولذلك السوق أكبر من هذا الرقم بكثير، عموما ما يندرج تحت تصنيف قطاع النوم عدة قطاعات فرعية منها:
1 – قطاع صناعة المراتب، وهو من أهم هذه القطاعات التي تنمو بشكل جيد وتتطور مع إدخال تقنيات جديدة تدعم زيادة راحة العميل أو توفر له بدائل طبية أفضل لمشكلات ظهره، وهذا القطاع وحده يحقق مبيعات تفوق 16 مليار دولار سنويا فقط في السوق الأمريكية.
2 – قطاع صناعة المفارش والمخدات، تعد المفارش من المنتجات التكميلية للسرير لكن تمثل أهمية لدى أكثر العملاء وتختلف أسعارها حسب جودتها وهي من المنتجات التي تخضع للتغيير والشراء المتكرر كل فترة من قبل العملاء، أما المخدات فهي مهمة جدا وتتنوع بين الطبي والمريح وحسب الحشوات فلذلك تجد مصانعها متباينة حسب الحشوة والاستخدام.
3 – صناعة الأسرة وغرف النوم، هذا القطاع بالذات نجد أنه يصنف بالعادة تحت تصنيف قطاع المفروشات.
4 – معامل ومختبرات النوم، كذلك هذا القطاع يصنف ضمن القطاع الطبي وهو يهتم ويعالج مشكلات النوم والأرق ومشكلات التنفس أثناء النوم وهو حسب ما أرى قطاع ينمو لكثرة مشكلات النمو واليوم هناك أطباء مختصون لهذه المشكلة.
5 – قطاع الأدوية والأعشاب، تقوم مصانع الأدوية بتصنيع كثير من الأدوية المخصصة لمعالجة مشكلات متعلقة بالنوم وكذلك يوجد كثير من الشركات المصنعة لوصفات أعشاب تساعد على النوم والتخلص من الأرق.
6 – الزيوت والمعطرات، تباع مثل هذه المنتجات على أنها تساعد على تحسين النوم والمساعدة على الحصول على النوم العميق.
7 – الموسيقى وتطبيقات الجوالات والساعات الذكية، كلها منتجات تدعي أنها تساعد على النوم وتحسين الحصول على نوم عميق.
هذه القطاعات ما هي إلا أمثلة لسوق تخدم تجربة أو احتياجا واحدا رغم أن كلا منها قد يبدو قطاعا وصناعة مختلفة وغير مترابطة، كذلك كل منها له صناعة وأسرار وتكاليف وهوامش أرباح مختلفة وطرق بيع مختلفة، المهم من ذكر هذا المثال هو إعطاء فكرة لتوسيع مدارك التاجر والمستثمر أيا كان قطاعه كيف يحسن مبيعاته؟ وما حدود سوقه؟ وما القطاعات الأكثر ربحية؟ فعلى سبيل المثال “وكي يكون المثال عمليا ومفهوما أكثر”، عندما يكون عملك في تجارة المفارش والمخدات فقط، ولديك قنوات بيع عبارة عن معارض كبيرة لهذه المنتجات فقد يكون من الجيد إعادة التفكير في التركيز على خدمة عميلك بتوسيع قاعدة منتجاتك ولتجعلها تضم منتجات أخرى تخدم الهدف نفسه وهو تحسين نوم العميل، فمثلا إضافة المراتب الطبية، إضافة الأعشاب والزيوت المساعدة للنوم، والروائح لغرفة النوم، مخدات للسفر بالطائرة وغيرها كمنتجات فريدة ومميزة وفيها هامش ربح قد يكون أعلى من المنتجات الأصلية في المتجر وقد تحول المتجر بالكامل إلى متجر مستلزمات النوم مثلا، التفكير في أن العميل إذ يدخل المتجر هو في الحقيقة قادم لأجل الحصول على منتجات تعطي راحة أفضل ونوما أفضل تدعوك إلى استغلال هذا الوضع بعرض منتجات تناسب المزاج التسوقي له.
عموما استعرضت مثال سوق النوم حالة فريدة وأصعب منها أمثلة أخرى مثل سوق الأطعمة أو الملابس وغيرها التي تبدو أكثر سهولة وبديهية لأبين للتاجر والمستثمر أنه مهما كان لديك من سوق تعمل بها فهناك دائما مجال لتوسيع سوقك أكثر عبر النظر للصورة الأكبر ودراسة كل طبقات الصناعة مع العلم أنني في هذا المثال فقط تطرقت لسوق النوم من ناحية البيع على المستهلك مباشرة لكن هناك جوانب أخرى كذلك تتعلق بسلاسل الإمداد للصناعة وهي كبيرة ومختلفة لكن ما يهمنا وهو الأكثر وضوحا هو ما يتعلق بالعميل مباشرة، لكل صناعة وقطاع هناك صورة أكبر يجب عليك مراجعتها بين فترة وأخرى لتعرف هل أنت في الموقع الصحيح والرابح في هذه الصناعة أم في المكان الخطأ؟

عن الزميلة الاقتصادية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock