مقالات

شركة علي بابا: استيقاظ العملاق النائم

تشارو تشانانا، رئيسة استراتيجيات الاستثمار في ساكسو بنك

تم النشر في السبت 2025-02-15

شهد سهم شركة علي بابا ارتفاعاً يفوق 46% منذ أدنى مستوياته في يناير، مما ترك منافسيها المحليين والمؤشرات الصينية وحتى عمالقة التكنولوجيا الأمريكيين في مرمى النسيان. وبينما لا تزال وول ستريت مشدودة بمتابعة “العظماء السبعة”، تتجه الأنظار الآن إلى شركات قادرة على تحقيق الربحية عبر استثمار الذكاء الاصطناعي؛ حيث أعلنت شركة علي بابا عن عودة قوية هادئة معتمدةً على إنجازاتها في الذكاء الاصطناعي وشراكتها مع آبل وسعر سهم لا يزال مُجزياً.

من الضغوط إلى النهوض

في أواخر عام 2020، أدت تصريحات المؤسس المشارك جاك ما التي انتقدت الجهات التنظيمية إلى موجة من التدقيق أدت إلى تعطيل الطرح العام لمجموعة آنت ، مما ألحق ضرراً بقطاع التكنولوجيا الصيني بأكمله. وعلى مدى العامين التاليين، تعرضت علي بابا لضغوط تنظيمية حادة واضطرابات ناتجة عن الجائحة وتراجع الطلب الاستهلاكي، فانخفض السهم بأكثر من 75% من ذروته. وفي خضم هذه التقلبات، تمكنت شركات مثل بين دودو” و“جي دي”من تحدي هيمنتها في سوق التجارة الإلكترونية. لكن في عام 2025، تشهد الصورة تحولاً؛ إذ تبنت بكين سياسات داعمة للنمو، واستقرت أعمال الشركة الأساسية، وأثمرت استثماراتها في مجال الذكاء الاصطناعي عن نتائج إيجابية.

إنجازات الذكاء الاصطناعي

نموذج “كوين” من علي بابا: أكثر كفاءة وتوفير  من ديب سيك

لم يعد صراع الذكاء الاصطناعي حكراً على الغرب فقط؛ ففي الوقت الذي تهيمن فيه عناوين مثل إنفيديا وميتا وأوبن أيه آي على الساحة، برز نموذج“كوين 2.5 ماكس” من علي بابا كأحد أبرز المنافسين. فقد أظهرت الاختبارات الأخيرة تفوقه على نماذج تشات جي بي تي 4o ولاما من ميتا ونموذج ديب سيك في 3، مما يؤكد جدارته من حيث الكفاءة والتكلفة. وبدعم حكومي لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي محلياً وبفضل بنيتها التحتية المتطورة في الحوسبة السحابية، تمتلك علي بابا كافة المقومات لتصبح الرائدة في قطاعات حيوية كالنقل والتجزئة والتصنيع.

صفقة آبل: خطوة فارقة

نال طموح علي بابا في مجال الذكاء الاصطناعي دفعة قوية حين أعلنت آبل عن استخدامها لنماذجها في خدمات الذكاء الاصطناعي على أجهزة آيفون في الصين. هذه الشراكة، التي تتعدى كونها مجرد عنوان لافت ومع استحواذ آيفون على حصة سوقية كبيرة في الصين، ستعمل على تمكين خدمات الحوسبة السحابية من علي بابا لتشغيل وظائف الذكاء الاصطناعي الأساسية لملايين المستخدمين. ومع تبني المستهلكين للتقنيات الذكية، قد يشهد قسم الحوسبة السحابية ارتفاعاً ملحوظاً في الاستخدام والإيرادات.

آفاق الأرباح والتحديات

نمو ملموس في الأرباح

بعيداً عن بريق الذكاء الاصطناعي، تظل التجارة الإلكترونية هي محرك الربح الأساسي لشركة علي بابا، إذ بدأت معنويات المستهلكين تتحسن مع زيادة الإنفاق الإلكتروني، خاصةً على منصتي “تاوباو” و”تي مول”. كما أن شراكتها مع آبل قد تسهم في دفع الطلب على حلول الذكاء الاصطناعي المؤسسية، مما قد يحقق نمواً في ربحية السهم بنسبة تصل إلى 24% في عام 2025، مع تباطؤ في الإنفاق الرأسمالي.

مواجهة التحديات الجمركية

تفرض المخاطر الجمركية وعدم اليقين في السياسات التجارية تحديات على الشركات الصينية؛ إذ قد تؤثر الرسوم الجمركية بنسبة 10% والتراجع في الإعفاءات على واردات التجارة الإلكترونية منخفضة التكلفة. إلا أن انتشار علي بابا الواسع جغرافياً يساعدها على التخفيف من هذه التأثيرات، مقارنةً بمنافسيها مثل PDD الذين يعتمدون بشكل كبير على الشحنات الأمريكية من خلال تيمو. قد يعمل هذا التنوع الدولي على عزل عمليات علي بابا الخارجية ويسمح لها بالحفاظ على ميزتها السعرية في الأسواق الرئيسية. وإذا تصاعدت الرسوم الجمركية، فقد يفضل المستثمرون علي بابا على منافسيها الذين يعتمدون بشكل أكبر على الولايات المتحدة.

جاذبية تقييم السهم

على الرغم من الارتفاع الكبير الذي شهده السهم مؤخراً، لا يزال يُتداول بمضاعف أرباح متوقعة قدره 12 مرة فقط، وهو أدنى من المتوسط الخماسي الذي بلغ 14.6 مرة، وأقل بكثير من مضاعفات عمالقة التكنولوجيا الأمريكيين مثل أمازون الذي يتجاوز مضاعف أرباحه 30 مرة. ومع عودة نمو الأرباح، يبدو تقييم السهم جذاباً للمستثمرين الباحثين عن فرصة استثمارية بتكلفة منخفضة وإمكانيات نمو واعدة في مجال الذكاء الاصطناعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock