شركات التأمين الإسلامية في منطقة الخليج تواجه تحديات بالرغم من تحسن الأرباح
تم النشر في الأثنين 2017-08-07
بعد أن وصل النمو السنوي لإجمالي أقساط التأمين خلال السنوات السابقة إلى 20% في قطاع التأمين الإسلامي (التكافل والتأمين التعاوني الإسلامي) في دول مجلس التعاون الخليجي، تراجع النمو بشكل كبير إلى أقل من 1% في العام 2016. وجاء ذلك إلى حد كبير نتيجةً لتباطؤ نمو أقساط التأمين في المملكة العربية السعودية، التي تمتلك أكبر سوق للتأمين الإسلامي في منطقة الخليج. إلا أنه وبالرغم من هذا التباطؤ، شهد صافي الدخل قبل اقتطاع الضريبة لدى الشركات المدرجة علناً في القطاع تحسناً كبيراً ووصل إلى نحو 683 مليون دولار أمريكي في العام 2016، من نحو 274 مليون دولار أمريكي في العام 2015، ويرجع السبب الرئيسي لذلك إلى رفع الأسعار في المملكة العربية السعودية بعد تطبيق التسعيرة الاكتوارية.
وبغض النظر عن التحسن الكبير في إجمالي صافي الدخل قبل اقتطاع الضريبة، فإنه من المبكر جداً الإعلان عن أخبار سارة فيما يخص القطاع ككل. هذا لأن الأرباح لا تزال موزعة بشكل غير متساوي في القطاع، ولأن الوتيرة السريعة للنمو التاريخي، إلى جانب صافي الخسائر المتراكمة، لا تزال تضعف قوة رأس المال وتلحق الضرر بالأوضاع الائتمانية لعدد من الشركات في القطاع. وهذا ينطبق تحديداً على بعض شركات التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي غالباً ما تنافس نظيراتها التقليدية (غير الإسلامية) الأكبر والأكثر تنوعاً في سوق مكتظ بشركات التأمين. إن السجل القصير لشركات التكافل في دولة الإمارات إلى جانب قلة التنوع في أعمالها يجعلها في وضع غير ملائم الآن مع اعتماد دولة الإمارات العربية المتحدة للوائح تنظيمية أكثر صرامة في قطاع التأمين.
وصل إجمالي أقسط التأمين المجتمعة لدى شركات التأمين الإسلامية في منطقة الخليج في العام 2016 إلى نحو 11 مليار دولار أمريكي (استناداً إلى البيانات المتوفرة من الشركات المدرجة علناً)، ما يمثل ما بين 45%-50% من إجمالي أقساط التأمين الإسلامي العالمي. وخلال العام الماضي استحوذت المملكة العربية السعودية على نحو 87% من إجمالي أقساط التأمين الإسلامية المكتتبة في منطقة مجلس التعاون الخليجي، جاء بعدها قطاع التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة، بنحو 8% من إجمالي أقساط التأمين.
أقساط التأمين ستعود للارتفاع قليلاً في العام 2017
جاء الارتفاع الكبير في معدلات نمو أقساط التأمين في قطاع التأمين الإسلامي في منطقة الخليج في العامين 2014 و2015 كنتيجة رئيسية لتطبيق التغطيات الإلزامية الجديدة، وكذلك نتيجةً للزيادات القوية في أسعار أقساط التأمين في المملكة العربية السعودية، وذلك لاعتماد تغطيات جديدة ومبادئ التسعير الاكتوارية. إلا أنه الآن وبعد أن تم تسعير المزيد من البوليصات بشكل ملائم، تراجع إجمالي نمو أقساط التأمين (انظر الرسم البياني 1). لقد تأثر التباطؤ في نمو الأقساط أيضاً بتراجع النشاط الاقتصادي في أرجاء دول الخليج، مع محاولة الحكومات خفض أو تأجيل خطط الإنفاق نتيجةً لتراجع الإيرادات المتأتية من مبيعات النفط والغاز.
نتوقع بأن يعود نمو إجمالي أقساط التأمين في قطاع التأمين الإسلامي للارتفاع قليلاً في العام 2017، وذلك للتحسن التدريجي في الظروف الاقتصادية ومواصلة الحكومات خصخصة بعض من خدماتها، مما سيعود بالنفع على قطاع التأمين ككل. مع ذلك، نتوقع بأن تكون وتيرة نمو إجمالي أقساط التأمين في قطاع التأمين التقليدي في دول مجلس التعاون الخليجي أسرع، بنحو 10%، وبأن تتفوق على نمو أقساط التأمين في قطاع التأمين الإسلامي، لأن شركات التأمين التقليدية غالباً تستفيد من مصادر دخل أكثر تنوعاً.
ومن بين جميع أسواق التأمين الإسلامي في منطقة الخليج، حقق قطاع التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة أفضل معدل للنمو في أقساط التأمين في العام 2016، بلغ 6%. وكانت الزيادات في أسعار التأمين على السيارات وفي دخل أقساط التأمين من التغطيات الجديدة (على سبيل المثال، تمديد التأمين الطبي الإلزامي في دبي) من المحركات الرئيسية لهذا النمو في أقساط التأمين. ومن الشركات التي كانت الأكثر استفادة من هذا النمو شركة أسكانا تكافل، التي بلغ معدل نمو إجمالي أقساط التأمين لديها على أساس سنوي 60% في العام 2016، تبعتها كل من تكافل الإمارات وميثاق للتأمين التكافلي، اللتان تجاوز نمو أقساط التأمين لديهما 40% وذلك بفضل خطة صحة دبي الجديدة الممددة للتأمين الطبي الإلزامي. وكما تبين هذه الأمثلة، لا يزال هناك العديد من الشركات سريعة النمو في سوق التأمين الإسلامي في منطقة الخليج، لكن قياس النمو بالنسبة المئوية قد لا يعطي فكرة واضحة عن النمو لأن العديد من شركات التكافل لا تزال تنمو من قاعدة صغيرة نسبياً.
ربحية الاكتتاب تبقى القضية الرئيسية بالنسبة لشركات التأمين الإسلامية
حققت شركات التأمين الإسلامية المدرجة علناً في دول مجلس التعاون الخليجي أرباحاً مجتمعة قبل اقتطاع الضريبة تقدر بنحو 683 مليون دولار أمريكي في العام 2016، مقارنةً بنحو 274 مليون دولار أمريكي في العام 2015. نلاحظ بأن سوق التأمين في المملكة العربية السعودية، التي تضم 34 شركة مدرجة علناً تعمل وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، كانت السوق الأكثر ربحية بتفوق كبير في منطقة الخليج. بلغ إجمالي الأرباح قبل اقتطاع الضريبة التي حققتها شركات التأمين العاملة في المملكة العربية السعودية 666 مليون دولار أمريكي في العام 2016، إلا أن الشركات الثلاث الأكثر ربحية استحوذت على 64% من إجمالي صافي الأرباح. بينما حققت شركات التكافل المدرجة في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى– البحرين، الكويت، عُمان، قطر، والإمارات العربية المتحدة – في عينتنا والبالغ عددها 15 شركة أرباحاً مجتمعة بلغت 18 مليون دولار أمريكي فقط، وقد جاء هذا التحسن بعد أن بلغ صافي الخسائر المجتمعة لهذه الشركات نحو 5 مليون دولار أمريكي في العام 2015، ولكن النتيجةً من وجهة نظرنا لا تزال ضعيفة نسبياً.
وكان أداء شركات التكافل المدرجة في دولة الإمارات العربية المتحدة، البالغ عددها 8 شركات، والتي استحوذت على 16% من الحصة السوقية بحسب إجمالي أقساط التأمين في العام 2016، ضعيفاً على وجه الخصوص مقارنةً بجميع الشركات المدرجة في هذا السوق والبالغ عددها 29 شركة. تكبدت هذه الشركات الثمانية صافي خسائر مجتمعة بلغ 24 مليون دولار أمريكي، في حين حققت الشركات الـ 21 المتبقية أرباحاً مجتمعة بلغت 270 مليون دولار أمريكي. نؤكد بأن النتائج العامة لقطاع التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة تراجعت بسبب الخسائر الاستثنائية التي تكبدتها إحدى الشركات والتي بلغت 48 مليون دولار أمريكي في العام 2016 و44 مليون دولار أمريكي في العام 2015. ولكن صافي خسائر الاكتتاب لدى 5 شركات تكافل من أصل 8 شركات مدرجة بلغ 64 مليون دولار أمريكي في العام 2016، مقابل 32 مليون دولار أمريكي في العام 2015.
لذلك، يبقى الأداء التشغيلي أحد القضايا الرئيسية في قطاع التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة. وذلك لأن الشركات غالباً ما تكتتب على خطوط التأمين الشخصية الأقل ربحية والتي يكون حجم دخل أقساطها صغير جداً لكي يخفف من تكاليفها التشغيلية الثابتة. بالإضافة إلى ذلك، كان على بعض الشركات تعزيز الاحتياطات لديها في العام 2016 عملاً باللوائح التنظيمية الجديدة، مما أضاف عبئاً آخر على نتائجها.
ومع ذلك، هناك بعض الاستثناءات الإيجابية في قطاع التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة. لا تزال شركة أبوظبي الوطنية للتكافل هي الشركة الوحيدة التي تحقق باستمرار نسب مجتمعة قوية وتتفوق على متوسط النسبة المجتمعة لدى شركات التأمين التقليدية المدرجة في السوق (انظر الرسم البياني 2). وبالرغم من حجمها الصغير نسبياً بحسب إجمالي أقساط التأمين، تستفيد الشركة من تعرضها المنخفض نسبياً لخطوط التأمين الشخصي ذات التنافسية العالية وتركز بدلاً من ذلك على الخطوط التجارية ذات الأداء الأقوى والتأمين العائلي (على الحياة).
القوانين الجديدة في دولة الإمارات العربية المتحدة تشكل تحدياً كبيراً بالنسبة شركات التكافل العاملة فيها
تشكل القوانين الجديدة المرتكزة على المخاطر تحدياً كبيراً للعديد من شركات التأمين الصغيرة والأقل تنوعاً ذات الهوامش الضيقة لرأس المال في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتشكل شركات التكافل جزءاً لا بأس به من هذه الشركات الصغيرة، لذلك فإن عدداً من شركات التكافل على وجه الخصوص سوف يتأثر بالقوانين الجديدة، والتي يتعين على الشركات الالتزام بها بحلول نهاية العام 2018. واستناداً إلى بيانات نهاية العام 2016، نلاحظ بأن إجمالي حقوق المساهمين لأربع شركات تكافل من أصل ثماني شركات تكافل مدرجة في دولة الإمارات العربية المتحدة كان أقل من الحد الأدنى لرأس المال المطلوب البالغ 27.2 مليون دولار أمريكي (100 مليون درهم إماراتي)، المطلوب بموجب اللوائح التنظيمية الجديدة.
لقد أدت الخسائر المتراكمة نتيجةً لضعف نتائج الاكتتاب لدى بعض من شركات التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة في العديد من الحالات إلى تراجع في الأوضاع العامة لرأس المال لديها. بالإضافة إلى ذلك، تقوم شركات التكافل غالباً باستغلال جزء كبير من أصولها في الاستثمارات العقارية غير السائلة بغرض التوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، مما قد يؤدي إلى المزيد من التقلب في حصصهم إذا ما استمرت أسعار العقارات في المنطقة بالانخفاض. علمنا بأن شركة واحدة على الأقل من شركات التكافل قد أعلنت عن خططها لزيادة رأس المال من خلال إصدار أسهم حقوق الأولوية، لكننا نعتقد بأنه هناك مخاطر بأن عدداً من شركات التكافل الأخرى في دولة الإمارات العربية المتحدة قد لا تكون قادرة على الوفاء بالمتطلبات القانونية لرأس المال. وبالتالي فإنه يتعين على الشركات توفير رأس مال إضافي عبر الوقت إذا ما أرادت الاستمرار في العمل في السوق.
قطاع التأمين في منطقة الخليج بحاجة للمزيد من عمليات الإندماج
لا نزال نرى بأن عدد شركات التأمين في دول الخليج كبير جداً، وبأن العديد من هذه الشركات تنقصها وفورات الحجم للعمل بنجاح في أسواق مكتظة وذات تنافسية عالية. وفي حين أننا شهدنا إعلان عدد صغير من الشركات في دول الخليج عن عمليات إندماج خلال العام الماضي أو نحو ذلك، لا نتوقع بأن نشهد أي عمليات إندماج تحولية في المدى القريب. من وجهة نظرنا، إن شركات التأمين ذات الموارد الجيدة والتي تتمتع برأس مال قوي ولديها الوقت لبناء وفورات الحجم وتطوير قدرة تنافسية فعالة هي فقط التي ستكون قادرة على تحقيق النمو.