تم النشر في الثلاثاء 2018-03-06
أرى الكثير من عربات الأطعمة السريعة والتي يديرها الكثير من الشباب والشابات، رائحة الشواء ونظافة الطعام تغريك لشرائه، طبعاً هذه العربات تعد صورة من صور العمل الحر التي تخلق الكثير من فرص العمل سواء على شكل مهن حرفية تتطور، لكن من يتأمل في هذه العربات يجد أغلبها تقدم نفس الوجبة (هامبرغر) مع باقي إضافتها من البطاطس المقلية وقطع الدجاج المقلية، هذا كله ليس من قبيل الصدفة بل من قبيل ثقافة (الوجبات) السريعة والتي اكتسحها جميعاً (الهامبرغر) بفضل قوة الشركات الكبرى وعلى رأسها (ماكدونالدز) في أن تجعل هذا الساندويتش يحتل المركز الأول برغم أنه ليس مرتبطاً بتاريخ الكثير من الشعوب مثل (الجيروس) اليونانية والتي يسميها الأتراك (دونر) والعرب (شاورما) أو (البيتزا) في إيطاليا و(سوشي) في اليابان.
في دراسة لجامعة كندية – منشورة في صحيفة التلغراف – حول أثر تغير سلوك الفرد عندما يرى شعار إحدى الشركات، وكانوا ستاً من ضمنها (ماكدونالدز وكنتاكي)، كان يلحظ على كل فرد أن يزداد استعجاله وحجم مصروفه، لأن شعار هذه الشركات ارتبط عنده بضيق الوقت وضرورة كفاءة استغلاله، وتحت مفهوم منتجات لذيذة وسريعة ورخيصة الثمن وإيقاع حياة يزداد سرعة وتكاليفه أصبحت الأسر في الولايات المتحدة تنفق على الوجبات السريعة، أكثر من التعليم والأجهزة الذكية، في العام 1970 كان الإنفاق 6 مليارات وفي العام 2000 بلغ 110 مليارات، وبالتالي كان لهذا الحجم الضخم من الاستهلاك أن ينعكس على ارتفاع حجم هذه الصناعة والتي بدورها ألقت بظلالها على أشياء كثيرة، مثل تزايد الاستثمارات في تطوير المنكهات والمحسنات ومنذ إدخال قطع الدجاج المقلي للائحة الوجبات السريعة في الثمانينات أصبح اليوم 90 % من الدجاج في الولايات المتحدة يباع على شكل قطع ويعد أعلى معدل نمو بين جميع اللحوم ويعد المركز الثاني في العالم من حيث حجم الاستهلاك.
استطاعت أن تخلق هذه الشركات ثقافة غزت العالم وأصبح (الهامبرغر) هو وجبة المرح والانبساط وبرغم كثرة فروع المطاعم السريعة وهي الأرخص وأصبحت تضم وجبات صحية إلى أنه كل عام تظهر مطاعم متفرقة في شتى العواصم لتقدم هذا السندويتش (العالمي) بنكهات مختلفة تجد من يتقبلها ويرغبها.. كل ما رأيت تلك العربات على طرق الرياض وهي تعد هذا الساندويتش الذي سبق (الهواتف الذكية وآبل) كرمز لقدرة الشركات على تغير ثقافات الشعوب وكيف أثر على الصناعة الغذائية بشكل عام حول العالم بل اختاره الاقتصاديون ليكون مؤشر قدرة الشراء بين العملات (Big Mac index)، استسلم أنا أيضاً لأني من هذا الجيل المفتون به وأتأمل في الشواء أثناء إعداده كأي طفل صغير أسعد أوقاته هي تلك اللحظات.
* نقلا عن “الرياض“