زوج الدولار/الين يتجاوز مستوى 157.00، وسياسة بنك اليابان الحذرة تعيد رسم ملامح سوق العملات
كُتب بواسطة: رانيا جول ، محلل أول لأسواق المال في XS.com
تم النشر في الجمعة 2024-12-20يواصل الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني اختبار مستويات قياسية جديدة، متجاوزًا مستويات 157.00 اليوم الجمعة، في ظل تباين واضح بين سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك اليابان. وهذا التباين برأيي أصبح القوة الدافعة الأساسية وراء أداء زوج الدولار/الين، مما يعكس تأثير الفجوة الواسعة بين نهج السياسات النقدية للبلدين.
وبالنظر إلى بنك اليابان، فإن سياسته الحذرة تجاه رفع أسعار الفائدة، مع إبقاء المعدل عند 0.25%، تعكس حالة من التردد وسط تضخم ضعيف ونمو أجور غير مستدام. وقرارات البنك لا تزال مرهونة بمفاوضات الأجور التي من المتوقع أن تتبلور في الربع الأول من العام المقبل، مما يضعف جاذبية الين في مواجهة الدولار الأمريكي. كما أن التصريحات الأخيرة لمحافظ بنك اليابان، كازو أويدا، التي ربطت أي خطوات مستقبلية بتوفر بيانات إضافية حول الأجور والنمو الاقتصادي، عمقت من شعور السوق بعدم اليقين. وبالتالي، شهد الين تراجعات واسعة، حيث لجأ المستثمرون إلى بيع العملة اليابانية مقابل العملات الرئيسية الأخرى.
وفي المقابل، موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي يبدو أكثر وضوحًا وقوة، مما يعزز من قوة الدولار الأمريكي. ورغم خفض الفائدة الأخير بمقدار 25 نقطة أساس، فإن الاحتياطي الفيدرالي أشار إلى توقعات أكثر تشددًا في المستقبل، بما في ذلك احتمالية تقليص عدد مرات خفض الفائدة في عام 2025. وهذه التوجهات من وجهة نظري رفعت العائدات على سندات الخزانة الأمريكية، وزادت من جاذبية الدولار كملاذ آمن للمستثمرين. فهذا الدعم المتواصل من الفيدرالي دفع بالدولار إلى تسجيل مستويات مرتفعة أمام الين، مع وضوح في الاتجاه نحو منطقة 158 و 160 في المدى القريب والمتوسط.
كما أعتقد أن التحركات الأخيرة لبنك اليابان تعكس تحديًا داخليًا وخارجيًا. فداخليًا، البنك يقف أمام معضلة تحقيق استدامة التضخم عند هدف 2% مع استقرار النمو الاقتصادي، وهو ما يتطلب استجابة مدروسة لأي تحول في سياسته النقدية. وخارجيًا، البنك يواجه ضغوطًا غير مباشرة من الأسواق العالمية، حيث يضعف تراجع الين من القدرة التنافسية للشركات اليابانية ويزيد من تكاليف الاستيراد، مما يثقل كاهل الأسر اليابانية.
ومع وصول الدولار/ين إلى مستويات أعلى 157 ، فإن التركيز يتزايد على قدرة بنك اليابان على التدخل في السوق لتحقيق استقرار العملة. والتجربة السابقة للبنك مع التدخلات عند مستويات قريبة من 160 تظهر أنه لا يزال يملك الأدوات اللازمة للتعامل مع هذه التحديات، لكن تبني نهج أكثر جرأة قد يكون ضرورة في المستقبل القريب. وهذا السيناريو قد يشهد دعمًا من وزارة الخزانة الأمريكية التي قد تغض الطرف عن أي تدخلات، نظرًا للتحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي.
ومن وجهة نظري البيئة الحالية أيضًا تحمل في طياتها فرصًا وتحديات للمستثمرين. وأتوقع إلى احتمال استمرار الاتجاه الصعودي لزوج الدولار/الين، مدفوعًا بالعوامل الهيكلية والسياسات النقدية المتباينة. ومع ذلك، فإن أي تحول مفاجئ في سياسة بنك اليابان نحو التشديد، أو صدور بيانات اقتصادية تدعم رفع الفائدة، قد يعيد تشكيل ملامح السوق ويدفع بالزوج نحو مستويات أدنى.
ومن جهة أخرى، التأخير المتوقع لرفع الفائدة في اليابان إلى بداية عام 2025 قد يترك الين في وضع ضعيف لفترة طويلة، ما لم تتغير معطيات السوق بشكل كبير. وهذا السيناريو سيستمر في دعم تجارة الفائدة(carry trade) التي تعتبر من المحركات الأساسية لضعف الين، حيث يستغل المستثمرون الفجوة في أسعار الفائدة بين اليابان والأسواق الأخرى لتحقيق عوائد أعلى.
والخلاصة برأيي هي أن العلاقة بين الدولار والين تعكس أكثر من مجرد فرق في أسعار الفائدة؛ بل هي انعكاس لتحولات أعمق في الاقتصاد والسياسة النقدية على مستوى العالم. فبينما يستفيد الدولار من الدعم المستمر من الاحتياطي الفيدرالي، يواجه الين تحديات هيكلية تتطلب استجابة مبتكرة من بنك اليابان. ومع استمرار الزوج في اختبار مستويات قياسية جديدة، ستبقى السياسات النقدية لكل من الفيدرالي وبنك اليابان هي العامل الحاسم في تحديد مساره المستقبلي.
التحليل الفني لـ الدولار/الين (USDJPY ):
شهد زوج الدولار/ين مكاسب قوية بعد اختراق القمة السابقة عند مستوى 156.74، وهو اختراق يمثل نهاية واضحة للمرحلة التصحيحية وبداية جديدة لاتجاه صعودي من أدنى مستوى في العام عند 139.57. وهذا الأداء يعكس زخمًا قويًا للثيران الذين استفادوا من التباين في السياسات النقدية بين بنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان. ومن المثير للاهتمام أن تجاوز هذا الحاجز الفني يعزز احتمالية تحقيق المزيد من المكاسب واختبار مستوى المقاومة التالي عند 157.86، مما يجعل الاتجاه الصاعد هو السيناريو الأكثر ترجيحًا في المدى القصير.
الرسم البياني لأسعار الدولار/الين – USDJPY – MT4 – XS.com
إلى جانب ذلك، فإن قرار بنك اليابان الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية دون تغيير يعكس استمرار السياسة النقدية المتساهلة، مما يعزز الفجوة بين سياستي البنكين المركزيين. وهذا التباين كان ولا يزال أحد العوامل الرئيسية وراء الضغط على الين الياباني، ما يجعل الدولار أكثر جاذبية. ومع ذلك، قد تساهم الإشارات الواردة من بنك اليابان حول استراتيجياته المستقبلية في ضبط وتيرة الحركة على المدى القريب.
وفنياً، تشير المؤشرات اليومية إلى حالة ذروة شراء، مما قد يدفع المستثمرين إلى جني الأرباح في تصحيح قريب بعد الارتفاع الحاد. ومع ذلك، فإن الدعم عند القيعان القريبة يبدو قويًا، حيث قد تُعتبر أي حركة هبوطية قصيرة المدى فرصة لإعادة الشراء، مما يعزز احتمالات استمرار الاتجاه الصعودي. وأنصح المستثمرين بمراقبة المستويات التصحيحية المحتملة حول 155.50، حيث قد يظهر الدعم مجددًا لتعزيز الزخم الإيجابي.
وفي المدى القريب، يبقى التركيز الأساسي على قدرة الزوج على تحقيق كسر مستدام أعلى مستوى 157.86. وفي حال تحقق ذلك، فقد يدعم مزيد من الارتفاعات نحو مستويات قياسية جديدة. وفي المقابل، تبقى أي تراجعات محدودة تحت السيطرة طالما بقي السعر فوق منطقة الدعم الرئيسية عند 154.30، ما يجعل الاتجاه الصاعد المرجح هو السيناريو الأساسي الذي يدعمه كل من التحليل الفني والأساسي.
مستويات الدعم: 156.723 – 155.803 – 154.228
مستويات المقاومة: 158.563 – 159.483 – 161.058