دعم المنتج الوطني للحد من أثر الجائحة اقتصاديا
تم النشر في السبت 2020-08-29
د.صلاح الشهلوب
الحركة التجارية اليوم في العالم أصبحت أكثر انفتاحا بعد انضمام أغلب دول العالم إلى منظمة التجارة العالمية بما يعزز حرية انتقال السلع والمنتجات، ولا شك أن لذلك أثرا كبيرا أسهم في نمو حجم التجارة، وأن يكون هناك نوع من توزيع الفرص في العالم باعتبار الميزة النسبية لكل دولة بما يخفض تكلفة الإنتاج ويزيد تنافسية السلع في الأسواق قد يخدم المستهلك في نهاية الأمر في ظل تعدد الخيارات ووجود أسعار مناسبة في السوق، لكن في ظل الجائحة، التي ما زالت آثارها قائمة رغم التحسن النسبي للأسواق والأمل في العالم للوصول إلى لقاح يمكن أن يحد انتشار هذا المرض وأثره في حياة الإنسان.
في المملكة، كان لهذا الوباء أثر في الاقتصاد بسبب انخفاض عوائد النفط، والتكلفة العالية للخدمات الصحية، كما أن حكومة المملكة قدمت كثيرا من الدعم للقوى العاملة الوطنية والسوق بما يحد أثر هذه الجائحة في الأفراد، إضافة إلى دعم القطاع الخاص، خصوصا القطاع المالي، ما عزز قوة ومركز العملة ووفرة السيولة التي تحتاج إليها السوق، ما انعكس بصورة إيجابية على السوق، حتى بدا أثر الجائحة أخف ما يكون على الأفراد مقارنة بدول حول العالم كان لهذه الجائحة أثر في زيادة حجم البطالة والفقر والحاجة في المجتمعات، وانهيار النظام الصحي في بعضها، ما أدى إلى عدد كبير من الوفيات، وكان أثر الجائحة في تلك المجتمعات كبيرا.
رغم ما يمكن أن يظهر أنه انحسار نسبي للوباء في بعض دول العالم، ومنها المملكة، وتفاؤل في العالم بالوصول إلى لقاح له، إلا أن الأثر الاقتصادي قد يمتد إلى أعوام مقبلة، يضعف معها تعافي الاقتصادات في العالم قبل عام ونصف أو عامين لأكثر الخبراء تفاؤلا، ولن يكون ذلك في جميع القطاعات، بل هناك قطاعات، مثل السياحة والنقل الجوي، قد يستمر الأثر الاقتصادي فيهما أعواما أطول في حال تمكن بعضها من البقاء دون إفلاس. ومن هنا، يبقى إسهام الفرد والمجتمع عموما في تعزيز فرص تعافي الاقتصاد بصورة أكبر. ومن الملاحظ خلال الفترة الماضية، وبسبب توقف الرحلات الدولية وصعوبة التنقل والسفر دوليا بسبب الجائحة، أنه الإقبال على السياحة الداخلية أصبح كبيرا وخفف كثيرا على كثير من دور الإيواء السياحي، ووفر بالتأكيد فرصا كبيرة للكسب للقوى العاملة الوطنية والمستثمرين في المناطق السياحية، وكان نوعا من التعافي النسبي بعد تأثير الإغلاق في أعمالهم وأنشطتهم التجارية.
هذا التحسن النسبي يشجع المجتمع على تبني مسألة دعم المنتج الوطني قدر الإمكان، لما لذلك من أثر كبير في الاقتصاد من جوانب متعددة، منها دعم المستثمرين الذين قد يكونون تضرروا بسبب الجائحة، كما أن في ذلك دعم توفير مزيد من الفرص للقوى العاملة الوطنية التي اضطر بعضها إلى التوقف مؤقتا عن العمل بسبب الضعف الذي أصاب السوق عموما، كما أن دعم المنتج الوطني يحد من تسرب العملة الأجنبية إلى الخارج، ويدعم الاحتياطيات من العملة الأجنبية في المصارف، خصوصا أن كثيرا من القوى العاملة الأجنبية تميل حاليا إلى تحويل ما يمكن من مدخراتها لدعم أسرهم وأقاربهم بسبب التأثير الكبير للجائحة في الدول الأكثر فقرا في العالم. دعم المنتج الوطني له أثر كبير في الاقتصاد والتعافي من الجائحة، كما أن بقاء السيولة في البلاد يعود بشكل مباشر أو غير مباشر على المواطن. وبطبيعة الحال، لا يمكن أن ننسى مسألة دعم توظيف القوى العاملة الوطنية، إذ إن ذلك جزء من دعم الاقتصاد الوطني، خصوصا أنها أثبتت كفاءتها في الفرص التي أتيحت لها، والدعم الحكومي الذي تحظى به، والمرونة في التوظيف والسرعة في ذلك، خاصة مع بدء العمل بنظام العمل المؤقت.
الخلاصة: إن جائحة كوفيد – 19 كان لها – بلا شك – تأثير في الاقتصادات في العالم، وفي المملكة كان لها تأثير في أسعار النفط بصورة واضحة، إضافة إلى الإنفاق الحكومي الكبير على القطاع الصحي، ودعم الاقتصاد عموما، وهنا تأتي أهمية إسهام المجتمع في دعم الاقتصاد من خلال دعم المنتج الوطني من السلع والخدمات لتعزيز فرص تعافي الشركات والأنشطة والأعمال التجارية المحلية وزيادة فرص التوظيف وتخفيض حجم تسرب الاحتياطيات الأجنبية
عن الاقتصادية