تقضي خطة التنمية التاسعة 31/1432 – 35/1436هـ (2010 – 2014م) بخفض معدل البطالة في البلاد من 10.5 % إلى 5.5 % مع نهاية الخطة.
وبدلا من تحقيق هذه النسبة مع نهاية الخطة كانت بوصلة البطالة تتجه باتجاه مضاد ومعاكس تماما، وهذا لايحصل للأسف إلا في خططنا الموبوءة بكل أمراض العصر الإدارية والمالية، فقد ارتفعت النسبة إلى 11.7 % بدلا من انخفاضها إلى النسبة المستهدفة، ولم يكن هذا الفارق طفيفا، فالانحراف فاق كل التوقعات وتجاوز الحدود المقبولة والنسب المتعارف عليها عالميا وكان أعلى من الضعف رغم كل التحسينات الرقمية التي عادة ما تجري على طريقة احتساب نسب البطالة في البلاد.
ولعل هذا أكبر دليل على أن هذه الخطط المنقطعة عن سياقاتها العملية والتنفيذية والإجرائية في واد وما تقوم به أجهزة الدولة المعنية في واد آخر.. إن لم تكن في كوكب آخر !!
المتعارف عليه تحقيق نسب محدودة بالنقص أو الزيادة في انحراف في أي خطة، وهذا أمر طبيعي لأي برنامج أو مشروع مستهدف، لكن أن تصل نسبة الانحراف إلى أكثر من 100 % فهذا يعني واحدة من اثنتين إما أن هذه الخطط لا تقوم من أساسها على أسس تخطيطية سليمة ولا قراءة صحيحة للواقع وهي مجرد أرقام تجميلية واستهلاكية، أو أن هذه الخطط كان الممكن تنفيذها فعلا وترجمتها على أرض الواقع بالمعطيات الاقتصادية القائمة، لكنها ضلت طريقها لأسباب غير معروفة أو بمعنى أدق غير مذكورة.
لكن في كل الأحوال فإن مثل هذه الخطط الورقية التي ثبت فشلها وانفصامها عن الواقع وبمثل هذه الصورة المفجعة، ينبغي أن يعاد النظر في منهجيتها ومدى جدواها للبلد ككل.
لا أتذكر أن أي وزير للتخطيط قد عقد مؤتمرا صحفيا مع بداية كل خطة وشرح للناس محتويات خطته الجديدة فهذا موسمه والحد الأدنى من حضوره، وذكر لهم ما تحقق وما لم يتحقق وحاور الناس والإعلام وهذه أبسط واجبات منصب وزير للتخطيط لكنه يظل هو الأدرى والأعلم ربما لأنه يعرف البير وغطاه.
المهندس عادل فقيه الذي تولى لتوه حقيبة التخطيط والاقتصاد، اقتصادي ماهر بالفطرة وكان رجل أعمال ناجحا ورئيس شركة صاعدة وينبغي عليه أن يخرج هذه الوزارة من ورطتها بعد أن أصبحت تعتمد على التخطيط «الاسمي» وليس «السوقي» إذا كان لنا استعارة بعض المصطلحات الاقتصادية من سوق الأسهم، وأن يعتمد على الشفافية كمدخل للتخطيط لتكون هذه الأرقام وإعلانها على الملأ هي الرقيب الحقيقي على الخطة، وعندها يكون في حل من أمره.
أول خطوة نحتاجها من هذه الوزارة الوادعة المضافة والمضاف إليها أن تتفضل علينا بإلقاء الضوء على الخطة الماضية لذكر ما تحقق وما لم يتحقق ودون ذكر الأسباب والمبررات التي قد تكون صعبة وثقيلة رغم أن كل الخطط الوطنية في الدول الأخرى تناقش في البرلمانات جهارا نهارا وعلى مدى شهور وبعد انقضائها تحاسب الحكومات على مدى تنفيذها من عدمه.