حان الوقت لبورصة سلع سعودية
تم النشر في الأثنين 2019-12-16
احمد الشهري
نظرا لأهمية تجارة السلع وتأثيرها في الناتج المحلي يتعين علينا في السياسات الاقتصادية أن ندعم أي اتجاهات تحقق نموا وتطورا وبشكل خاص عبر السياسات الاقتصادية النشطة، فإن عام 2019 كان حافلا بأهم حدث في تاريخ الاقتصاد السعودي؛ حيث أدرجت “أرامكو” في سوق الأسهم المحلية كأكبر شركة مساهمة على الصعيدين المحلي والعالمي من حيث حجم الطرح والأرباح والنظرة المستقبلية، لكن الأجدر بالملاحظة أن حجم الطلب على سهم “أرامكو” تخطى كل التوقعات؛ وهذا ما يفسر أن الشركات تسعى بكل السبل للاتجاه نحو سوق المال من أجل تلبية احتياجاتها التمويلية في ظل طلب شديد على منتجات أسواق رأس المال من المستثمرين.
وعلى ضوء ما سبق من وجود تعطش إلى أسواق رأس المال، إضافة إلى احتمالات تدفق استثمارات أجنبية نحو عمق الاقتصاد السعودي؛ فإننا نحتاج إلى تأسيس بورصة سلع مستقلة وموازية لسوق الأسهم السعودية للسلع والعقود الآجلة أو ما يعرف بالعقود المستقبلية ويفضل أن تنشأ وفق أسس الاقتصاد العيني أو الإسلامي.
من الناحية النظرية كلما زادت الاقتصادات من معدل الرصيد الوطني من الاحتياطيات النقدية ومعدل عرض النقد في اقتصادها تحول معظم الصناعات التحويلية إلى الخدمات والتجارة وتم تداولها داخليا بشكل أوسع؛ كما أن تدفق مزيد من النقد الأجنبي في ظل محدودية الفرص الاستثمارية المباشرة التي تكون غالبا من خارج سوق الأسهم فإنها تحدث الأثر نفسه من حيث الاتجاه نحو الخدمات والتجارة؛ لذا علينا أن نتجاوب مع تلك التغيرات عبر سياسات اقتصادية نشطة ونؤسس سوقا للسلع والعقود الآجلة؛ وليس بالضرورة أن تكون سوقا متطورة من اليوم الأول؛ لكن أهميتها تكمن في الاستعداد لمستقبل اقتصادي أكثر ازدهار؛ كما يمكننا من خلال بورصة السلع والعقود الآجلة أن نصحح عقود التمويل الإسلامية أو ما يعرف بالتورق المصرفي الذي يشترط وجود وسيط اقتصادي من سلع أو خدمات قابلة للتداول؛ ويصبح التورق عن طريق بورصة سلعا محلية مرتبطا بشهادات تملك مستورديها وبذلك نجعل أسواقنا أكثر نشاطا وتناغما مع حركة التمويل.
وفي نهاية المطاف فإن تأسيس بورصة سلع وعقود آجلة تفوق مكاسبها المستوى المحلي إلى الدولي ولا سيما أن لدينا سلعا استراتيجية مثل النفط والمشتقات النفطية يمكن أن تكون ضمن سلع البورصة مستقبلا، ثم إن النقطة الجوهرية في رأيي أن سوق السلع والعقود الآجلة إذا ما تمت وفق شروط التسلم والتسليم الحقيقية ستعطي تسعيرا حقيقيا للمنتجات والسلع إضافة إلى السيطرة على أنماط التضخم غير المرغوبة والناتجة من التمويل، كما أنها تقدم تحوطا من تقلبات الأسعار المستقبلية و مصدرا من مصادر نمو ميزان المدفوعات عند وجود مستثمرين أجانب في السوق المحلية في بورصة السلع والعقود المستقبلية.
عن الزميلة الاقتصادية