توقعات بتزايد الصعوبات التشغيلية التي تواجه البنوك السعودية
تم النشر في الخميس 2016-01-21
ذكر تقرير لوكالة ستاندرد آند بورز ان تمتع النظام المصرفي السعودي ببيئة تشغيلية قوية على مدار السنوات الأربع الماضية، حيث كان متوسط نمو الأصول والقروض والودائع مكوناً من رقمين، إضافة إلى تراجع الخسائر الائتمانية وحدوث تحسين كبير في نسب تغطية الديون المتعثرة.
وأضاف: انه مع انخفاض أسعار النفط، برز العديد من التحديات في النصف الثاني من عام 2015، فبينما فقد النمو الائتماني بعضاً من زخمه، بدأت ترتفع أسعار الفائدة المحلية رداً على شح السيولة. وعلى الرغم من أن جودة الأصول لدى البنوك لم تتعرض للخطر، برزت مخاطر محتملة من بعض القطاعات، مثل الأعمال الإنشائية، حيث أفيد بأن المقاولين يواجهون تأخيرات في السداد.
وتوقعت وكالة ستاندرد آند بورز تزايد الصعوبات التشغيلية التي تواجه البنوك السعودية خلال العامين القادمين، نتيجة للضغوط على الإنفاق الحكومي والآثار المتوقعة على الاقتصاد المحلي.
وعلى وجه الخصوص توقعت بأن يتقلص نمو الأصول إلى أرقام فردية متوسطة، بالنظر إلى الارتباط القوي ما بين أسعار النفط والإنفاق الحكومي والنمو الائتماني. كما توقعت بأن تتراجع جودة الأصول لكنها ستبقى مدارة بإحكام، نتيجة للهوامش التي فرضتها الجهات التنظيمية في السنوات الأخيرة لمواجهة التقلبات الدورية. بالإضافة إلى ذلك، توقعت مزيداً من التشديد في شروط السيولة العامة، يؤدي إلى ارتفاع أكبر في تكاليف التمويل.
النمو يعتمد على الإنفاق الحكومي وأسعار النفط
وأشارت الوكالة إلى أن منح قروض جديدة تباطأ في عام 2015، بعد النمو الائتماني الذي وصل إلى رقم مضاعف كل سنة على مدى السنوات الأربع الماضية، وجاء الانخفاض جزئياً من تراجع الاستثمار الرأسمالي الخاص، نتيجة للانخفاض في أسعار النفط، لا سيما في النصف الثاني من العام.
وساهمت اللوائح التنظيمية التي فرضت في عام 2014، والتي بموجبها تم رفع الدفعة الأولى على القروض العقارية السكنية، بهذا التوجه أيضاً.
وبحسب البيانات المصرفية الشهرية لمؤسسة النقد العربي السعودي، بلغ معدل نمو القروض %8.4 (أو 9.1 سنوياً) خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2015، بينما بلغ النمو التراكمي خلال الفترة الممتدة من يوليو إلى نوفمبر %2.7 فقط. وتوقعت أن الائتمان في النظام ارتفع إلى ما بين %9 – %10 في العام الماضي، مقارنة بـ%12 في عام 2014، وتوقعت حدوث المزيد من التباطؤ ليصل إلى نحو %5 في عام 2016.
وأفادت بأن النمو الائتماني خلال الفصول العديدة المقبلة يُقيّده سببان رئيسيان. الأول هو أن الحكومة قد تتبنى موقفاً أكثر انتقائية تجاه الإنفاق على البنية على التحتية، والذي سيؤدي إلى تراجع تدريجي في النشاط الاقتصادي، بفضل أسعار السلع القوية خلال الفترة ما بين 2011 و2014. ومع تجاوز متوسط سعر برميل خام برنت 100 دولار، بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة العربية السعودية نحو %5.4، وجاء في مقدمة ذلك الإنفاق الحكومي على البنية التحتية. وخلال هذه الفترة، بلغ متوسط النمو الائتماني السنوي في النظام المصرفي السعودي نحو %13 وبلغ الإنفاق الحكومي %14.
مع ذلك، توقعت الوكالة أن يكون النمو الائتماني في عامي 2016 و2017 قريباً من أرقام فردية متوسطة نتيجة لتراجع الإقراض الناتج عن انخفاض الإنفاق الحكومي.
السبب الثاني هو ان برنامج إصدار الدين الحكومي سيؤثر في حجم السيولة المتوافرة لإقراض القطاع الخاص.
وتوقعت بان يبلغ العجز المالي العام للحكومة %10 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016، منخفضا عن توقعاتنا لعام 2015 التي بلغت %16، لكنه اعلى بكثير من %1.5 من الناتج المحلي الاجمالي في عام 2014.
متوقعة ان تقوم المملكة العربية السعودية بتمويل هذا العجز من خلال الاعتماد على اصولها المالية واصدار الدين.
ورأت أن النظام المصرفي مستعد لاستيعاب إصدار حكومي كبير، ويمكن أن يُموّ.ل بارتياح ما بين 75 – 100 مليار دولار اميركي (%11 – %15 من الناتج المحلي الإجمالي) من الديون السيادية بنهاية عام 2016. إلا أن ذلك من الممكن ان يؤدي الى تراجع قدرة البنوك على منح القروض للقطاع الخاص في حال تزايد اعتماد الاصدار الحكومي على السوق المحلي فقط.
واشارت «ستاندرد آند بورز» الى ان اقتراض القطاع الخاص حساس تجاه تقلبات اسعار النفط، كما حدث خلال طفرة السلع في الفترة ما بين 2000 – 2014، لا سيما في عام 2009 عندما انخفض متوسط سعر برميل النفط %37 على اساس سنوي، حيث سجل إقراض القطاع الخاص نمواً سلبياً لمرة واحدة ولاول مرة منذ عام 2000. وهذا يعني أنه بالرغم من تراجع سعر برميل النفط على اساس سنوي بنحو %50 في المتوسط في عام 2015، لا تزال البنوك السعودية تظهر نمواً صحياً في الإقراض بنحو %9.
ومن وجهة نظرنا، قد يكون ذلك ناتجا عن الاثار الايجابية الناجمة عن استقرار نمو القروض خلال السنوات الاربعة الماضية.
وقد تعكس ايضا ثقة السوق الكبيرة نتيجة للاحتياطيات الكبيرة للمملكة العربية السعودية، والتي ستساعد الحكومة في دعم الانفاق الاستثماري، وبالتالي النمو وحتى 30 نوفمبر 2015 كانت الاحتياطات الاجنبية للمملكة العربية السعودية تعادل %96 من الناتج المحلي الاجمالي المتوقع في العام 2015 في مقابل نحو %25 في اوائل العام 2000.