مقالات

توقعات الجنيه الإسترليني/الدولار في ظل ضغوط الاقتصاد البريطاني وتصريحات ترامب”

رانيا جول ، محلل أسواق أول في XS.com - منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)

تم النشر في الجمعة 2025-01-24

يواجه زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي حالة من التذبذب بالقرب من مستوى 1.2390، مما يعكس حالة من الغموض بين المتداولين وسط ضعف في البيانات الاقتصادية ومحدودية العوامل المحفزة. وبرأيي يعكس هذا السلوك غياب رؤية واضحة تدفع الزوج بشكل واضح في أي اتجاه، حيث تتأرجح الأسواق بين ردود فعل متباينة تجاه الأخبار السياسية وتصريحات القادة. ويبدو أن سيطرة عناوين الأخبار من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على المزاج العام للمتداولين لم تساهم في دعم اتجاه واضح، مما يشير إلى أن تأثير الأخبار السياسية يبقى محدودًا دون محفزات اقتصادية قوية.

حيث تحدث ترامب خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بنبرة واثقة، مسلطًا الضوء على نيته القضاء على العجز في الميزانية الأمريكية والسعي نحو تخفيضات ضريبية جذرية. ورغم أن هذه التصريحات تحمل وعودًا اقتصادية جريئة، إلا أن استهداف الاستقلالية التشغيلية للاحتياطي الفيدرالي يشير إلى محاولة إدخال سياسات جديدة قد تزعزع استقرار الأسواق المالية. فبينما يطالب ترامب بخفض أسعار الفائدة، فإن مثل هذا التدخل في سياسات البنك المركزي قد يرفع من حالة عدم اليقين الاقتصادي ويؤثر على شهية المستثمرين في أسواق العملات.

وفي ظل هذه التصريحات، تتوجه أنظار المتداولين نحو أرقام مؤشر مديري المشتريات العالمية التي ستصدر يوم الجمعة. ويُتوقع أن تكون النتائج مختلطة، مع تراجع في قطاع الخدمات مقابل تحسن طفيف في التصنيع. ومع أن تأثير هذه البيانات عادةً ما يكون محدودًا، إلا أن الأسواق قد تتفاعل بشكل مفاجئ إذا جاءت الأرقام مختلفة جذريًا عن التوقعات. وأعتقد أن يبقى تأثير هذه المؤشرات مرهونًا بمدى توافقها مع الاتجاهات الاقتصادية الأوسع وحذر المتداولين من البيانات غير الموثوقة.

وكان قد شهد الجنيه الإسترليني ارتفاعًا طفيفًا، مدفوعًا بتصريحات ترامب التي طالبت بخفض فوري لأسعار الفائدة. ورغم أن هذا الارتفاع يعكس توقعات متزايدة بتيسير السياسة النقدية، إلا أن الأسواق تدرك أن هذه السياسات قد تكون محفوفة بالمخاطر. فالضغوط التضخمية الناجمة عن سياسات ترامب الاقتصادية قد تحد من قدرة الاحتياطي الفيدرالي على تنفيذ تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة، مما يجعل استجابة الأسواق لتصريحات ترامب مشروطة بالتطورات الاقتصادية المقبلة.

وهنا أرى، أن الجنيه الإسترليني يواجه ضغوطًا محلية جراء بيانات اقتصادية ضعيفة في المملكة المتحدة. فالأرقام الأخيرة التي أظهرت تراجع التضخم وضعف مبيعات التجزئة ونمو الناتج المحلي الإجمالي المحدود تعزز من احتمالات قيام بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة في فبراير. ومع تسعير الأسواق بشكل شبه مؤكد لهذا الخفض، قد يتأثر أداء الجنيه الإسترليني سلبًا، مما يضعف من أي مكاسب قد يحققها مقابل الدولار الأمريكي.

لكن على الرغم من حالة الضعف الاقتصادي، تبقى تصريحات ترامب عاملاً داعمًا للجنيه الإسترليني على المدى القصير، حيث تزيد من احتمالات تخفيف السياسة النقدية في الولايات المتحدة. إلا أن هذا الدعم قد لا يستمر طويلًا في ظل استمرار الضغوط الداخلية التي يعاني منها الاقتصاد البريطاني، مما يجعل المكاسب التي يحققها الجنيه عرضة للتراجع في أي لحظة.

ومن وجهة نظري، يركز المتداولون حاليًا على صدور مؤشرات رئيسية مثل مؤشر مديري المشتريات ومؤشر ثقة المستهلك في ميشيغان. ومن المتوقع أن توفر هذه البيانات رؤى مهمة حول الاتجاهات الاقتصادية في الأجل القصير. لكن ستبقى الأسواق حذرة، حيث يعتمد تحديد الاتجاه المستقبلي لزوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي على مدى قوة هذه المؤشرات وقدرتها على تغيير توقعات المتداولين بشأن السياسات النقدية المستقبلية لكل من بنك إنجلترا والاحتياطي الفيدرالي.

وفي المجمل، يظهر تحليل زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي حالة من التردد بين قوى الدعم قصيرة الأجل الناتجة عن تصريحات ترامب والضغوط الاقتصادية طويلة الأجل التي يعاني منها الاقتصاد البريطاني. حيث يتطلب الخروج من هذا التذبذب وضوحًا أكبر في البيانات الاقتصادية أو سياسات حاسمة من البنوك المركزية. وحتى يحدث ذلك، ستبقى الأسواق في حالة من الترقب الحذر، مما يعكس طبيعة الأسواق في فترات الغموض الاقتصادي والسياسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock