توقعات البيتكوين والإيثيريوم وسط انتهاء خيارات بـ18 مليار دولار: إلى أين تتجه الأسعار؟
رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
تم النشر في الثلاثاء 2024-12-31انخفض سعر البيتكوين عن أعلى مستوياته على الإطلاق، ثم شهد تصحيحًا لمدة 3 أيام، ومن المرجح إعادة اختبار الدعم عند 91328 دولارًا. كما شهدت سوق العملات المشفرة خلال الأيام القليلة الماضية تطورًا مهمًا مع انتهاء صلاحية عقود خيارات قياسية لعملتي البيتكوين والإيثريوم بقيمة 18 مليار دولار، وهو برأيي رقم قياسي يعكس النشاط المتزايد في هذا المجال. وهذه اللحظة التاريخية قد تكون نقطة تحول للسوق، حيث يمكن أن تؤدي إلى تقلبات غير مسبوقة وتحركات سعرية قد تعيد تشكيل التوقعات المستقبلية.
وقد بلغت القيمة الإجمالية لعقود الخيارات المنتهية للبيتكوين حوالي 14.38 مليار دولار، بينما بلغت عقود الإيثريوم 3.7 مليار دولار. ومن وجهة نظري، الأحجام الكبيرة لهذه العقود تعكس توقعات السوق المتزايدة لتحقيق الأرباح أو التحوط من المخاطر، ما يجعلها مؤشرًا على الاتجاهات المستقبلية. فحجم العقود المنتهية لعملة البيتكوين بلغ 88,537 عقدًا، بينما سجلت الإيثريوم 796,021 عقدًا. وهذا الحجم الهائل يشير إلى توقعات متباينة بين المستثمرين حول المسارات المستقبلية لهذه الأصول.
ومن الملفت أن نسب السعر إلى الشراء (P/C) لكل من البيتكوين والإيثريوم أظهرت توجهات متباينة. فنسبة البيتكوين وصلت إلى 0.69، مما يشير إلى تفاؤل المستثمرين وتفاؤلهم بارتفاع الأسعار. بالمقابل، انخفضت النسبة للإيثريوم إلى 0.41، مما يعكس ثقة كبيرة في قدرة الإيثريوم على تحقيق مكاسب إضافية. وهذه النسب المنخفضة برأيي تدل على وجود اهتمام متزايد بخيارات الشراء مقارنة بخيارات البيع، وهو ما يعكس نظرة إيجابية تجاه السوق.
وأعتقد أن ما يعزز هذه التوقعات هو تداول كل من البيتكوين والإيثريوم بأسعار أعلى من “أسعار القاع القصوى” الخاصة بكل منهما. فبالنسبة للبيتكوين، يبلغ هذا السعر 85,000 دولار، وللإيثريوم 3,000 دولار. وهذا المفهوم يشير إلى المستوى الذي يواجه فيه مشترو الخيارات أكبر الخسائر عند انتهاء صلاحيتها، وغالبًا ما تنجذب الأسعار نحو هذه النقاط. كما أن بقاء الأسعار أعلى هذه المستويات يعكس مرونة السوق واستعداده لتحركات تصاعدية جديدة.
كما أن ارتفاع معنويات التحوط كان له دور كبير في تعزيز نسبة السعر إلى الشراء للبيتكوين خلال الربع الأخير من عام 2024. فالطلب المتزايد على حماية مقاييس الأداء مع نهاية العام أدى إلى تضاعف نسبة السعر إلى الشراء من 0.35 إلى أكثر من 0.70. وهذا التحول يعكس تحوط المستثمرين من المخاطر المرتبطة بالتقلبات الموسمية المعتادة في نهاية العام.
في المقابل، تُظهر الإيثريوم معنويات مختلفة تمامًا. فقد انخفضت نسبة السعر إلى الشراء من 0.97 في أكتوبر إلى 0.41 حاليًا، وهو ما يعكس ثقة كبيرة في إمكانية الإيثريوم على الاستمرار في النمو وتحقيق الاستقرار. وهذا التناقض بين العملتين يشير برأيي إلى تباين استراتيجيات المستثمرين، حيث ينظر البعض إلى البيتكوين كملاذ للتحوط، بينما يراهن آخرون على الإيثريوم كأداة استثمارية للنمو.
ومع انتهاء عقود الخيارات القياسية خلال اليومين الماضيين، فإن السوق يواجه احتمال حدوث تحركات حادة إذا انحرفت الأسعار بشكل كبير عن التوقعات. وهذه اللحظة قد تكون بداية لقصة جديدة في عالم العملات المشفرة مع دخول عام 2025، حيث يستعد المستثمرون لاحتمالات تقلبات متزايدة. وبما أن المراكز المالية تميل حاليًا إلى الاتجاه الصعودي، فإن أي تغييرات مفاجئة قد تؤدي إلى تعديلات كبيرة في اتجاهات السوق.
ووسط هذه التطورات، تُظهر مؤشرات البيتكوين على السلسلة بوادر إيجابية مع زيادة ضغوط الشراء على المنصات المركزية. وتدفق رأس المال إلى صناديق الاستثمار المتداولة بالبيتكوين كان له دور كبير في دعم الأسعار هذا العام، ما يعكس من وجهة نظري اهتمام المستثمرين المؤسسيين بالعملة. فهذه التحركات تشير إلى تحول في اتجاهات السوق مع زيادة انخراط المؤسسات.
ومن جهة أخرى، يبدو أن الإيثريوم يكتسب زخمًا مستدامًا بفضل الاعتماد المتزايد لتطبيقاته اللامركزية. وهذا التفاؤل حول قدرة الإيثريوم لتعزيز مكانته كركيزة أساسية في النظام المالي اللامركزي وعزز من ثقة المستثمرين في أدائه المستقبلي.
ومن رأيي في النهاية، يجب على المستثمرين أن يبقوا يقظين خلال الفترة القادمة، حيث أن انتهاء صلاحية عقود الخيارات بهذا الحجم قد يؤدي لتقلبات غير متوقعة. واشارات حركة السوق الحالية تقدم فرصًا هائلة ولكنها تحمل أيضًا مخاطر كبيرة. لذا، فإن تحليل هذه الاتجاهات واستيعاب تأثيرها على المدى القريب سيكون أمرًا حاسمًا لتحديد استراتيجيات الاستثمار في سوق العملات المشفرة.
وهنا يمكنني القول إن السوق على أعتاب مرحلة جديدة قد تكون أكثر مرونة وابتكارًا. والمستثمرون الذين يتمتعون برؤية واضحة واستراتيجية مدروسة سيكونون الأكثر استفادة من هذه التحولات. وتبقى العملات المشفرة ميدانًا مليئًا بالفرص والتحديات، حيث يمكن للتغيرات اللحظية أن تخلق موجات من الفرص أو المخاطر، ما يجعلها ساحة تستحق المتابعة المستمرة.