تم النشر في الخميس 2017-10-12
ستين جاكوبسن- رئيس الاقتصاديين ورئيس شؤون المعلومات لدى ‘ساكسو بنك’
تنطلق فعاليات المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني خلال الأسبوع القادم في بكين، والذي من المتوقع أن يشكل الحدث الأضخم من نوعه لهذا العام. وسيسهم المؤتمر في إحداث نقلة نوعية حقيقية، تكون عبارة عن تغيير بالغ الأهمية يتم من خلاله استبدال الطرق التقليدية في التغيير أو إنجاز المهام بأساليب جديدة ومختلفة. وينطبق ذلك تماماً على المؤتمر، مما يكسبه أهمية تاريخية كبيرة بالنسبة لنا جميعاً وللاقتصاد العالمي على حد سواء.
ومن خلال إلقاء نظرة معمقة حول هذا الموضوع، نجد بأن الصين تقود العالم في مجال تقديم الائتمان والنمو، فضلاً عن قيادتها الحالية لمختلف مجالات التكنولوجيا. ولا زلت أعتقد بأن الرئيس الصيني شي جين بينغ سيولي نوعية المنتجات تركيزاً أكبر من كمياتها، في حين سيشكل التلوث القضية الاجتماعية الأولى في الصين، وستتنامى سلطة الحزب الشيوعي الحاكم أكثر. وفيما يلي أبرز النتائج التي من المتوقع أن تتمخض عن المؤتمر:
• نمو أقل من المتوقع خلال الـ 18 شهراً المقبلة (فبينما تدأب الصين على تغيير اقتصادها من داعم التصدير إلى اقتصاد يقوم على المكاسب الإنتاجية) – يتطلع الرئيس بينغ إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد الذي تم تسجيله في عام 2010 (عبر تطبيق مبدأ 72 = 72/7% للناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي = 10 أعوام)، أي العمل على تحقيق نسبة نمو سنوية تبلغ 7%. ولكن معظم هذه النسبة ستكون مرتكزة على الإنتاج، ما يعني التركيز على الاستثمار أولاً (وهنا ستنخفض معدلات النمو)، ثم العمل على زيادة هذه المعدلات.
• الحد من التلوث عبر التركيز على استخدام السيارات الكهربائية – بحلول العام 2030، ستصبح جميع السيارات المستخدمة في الصين كهربائية. ومن شأن ذلك أن يسهم في انتقال الصين لتصبح رائدة في مجال تكنولوجيا بطاريات السيارات والمحركات الكهربائية وصولاً إلى خفض مستويات التلوث. (تجدر الإشارة هنا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية انتقلت من الاعتماد الكامل على العربات التي تجرها الخيول نحو الاستخدام الكامل للسيارات بين عامي 1900 و1910/1913)
• معدلات عالية من البحث والتطوير والابتكار لتحقيق الريادة – تتبوء الصين فعلياً مرتبة الصدارة في هذه المجالات، ولكنها ستسعى إلى ترسيخ مكانتها بشكل أكبر في مجالات التجارة الإلكترونية ووسائل الدفع الإلكتروني وتكنولوجيا الخدمات المالية (FinTech).
• الانفتاح التدريجي البطيء لحسابات رأس المال، وزيادة فرص الوصول إلى الأسواق الأجنبية، والتركيز بشكل كبير على تحويل التجارة العالمية من الاعتماد على الدولار الأمريكي نحو اليوان الصيني.
• يوان صيني أضعف في أعقاب المؤتمر.
• تأثير سلبي كبير على معدلات الائتمان والنمو في باقي أنحاء العالم.
وغالباً ما يأتي التغيير بوتيرة أسرع من أن يتقبلها الناس – فعقولنا ليست مهيأة لتقبل تلك التغيرات السريعة – إذ تتمثل إحدى العيوب القليلة في الدماغ البشري بأنه يفضل (ويستعين) بذكريات الماضي القريب لاستشراف المستقبل. كما تتسم أنماط تفكيرنا بطابعها التراتبي المباشر، بينما يتطور العالم من حولنا على نحو شديد العشوائية. وتشكل المقارنة بين صور نيويورك في عامي 1900 و1913 خير مثال على ذلك، حيث يُلاحظ الفارق الكبير في حركة المرور ضمن شوارع المدينة خلال فترة 13 عاماً فقط.
ومن وجهة نظري الشخصية، أعتقد بأن الأعوام الـ 13 المقبلة ستتجاوز في تأثيرها فترة الـ13 عاماً آنفة الذكر في نيويورك من حيث اتساع نطاق التغيير وآلياته، فضلاً عن كيفية تصرفنا وتحليلنا للأمور وأنماط حياتنا.
وبالرغم من أن المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني هو من أبرز الفعاليات المرتقبة، إلا أننا نعلم فعلياً مضمون معظم الحوارات التي ستدور فيه بفضل أسلوب عمل الحزب الحاكم، والعمل البحثي المتميز الذي قدمه تشارلز بانتون (*) في ’توقّع‘ أبرز النقاط التي سترد في كلمة الرئيس الصيني خلال فعاليات المؤتمر. وقد تبين بأن معظم تلك النقاط قد تم ’تقديمها‘، وفيما يلي اقتباس حرفي لأبرز نقاط بحث تشارلز بانتون:
(*) عمل تشارلز بانتون كدبلوماسي لصالح المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأمضى معظم حياته المهنية في الصين. وبعد تقاعده، قام بانتون بإنشاء شركته الاستشارية الخاصة ’تشاينا‘، بالإضافة إلى عمله كمدير تحليل السياسات الصينية في لندن ومستشاراً متخصصاً بالشؤون الصينية لدى ’لجنة الاختيار‘ التابعة لمجلس العموم البريطاني. ومن المقرر أن يعود بانتون قريباً إلى بكين ليعمل كمستشار سياسي داخلي في السفارة البريطانية.
• … ثمة موضوع ثابت يرد في جميع الكلمات التي يلقيها شي جين بينغ ويتمثل في الحاجة إلى الابتكار.
• … تولى (الرئيس بينغ) مسؤولية صياغة التقرير الذي قدمه سلفه هو جين تاو خلال فعاليات المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني.
• تتمثل الأهداف الأبعد للمؤتمر والتقرير في إعادة التأكيد على أهمية الحزب سواء على مستوى كوادره أم على صعيد الدولة الصينية.
• يضاف إلى ذلك ’بناء منظومة بيئية‘، و’بذل جهود حثيثة لتعزيز تطور المنظومة البيئية‘. ولا تثير هذه الإضافات الدهشة بالنظر إلى التهديد الذي يمكن أن يطال الحزب عندما تسود حالة شعبية من عدم الرضا في حال لم تتصدر المجالات الأساسية – مثل التعليم والصحة والضمان الاجتماعي والتلوث وسلامة الغذاء – قائمة الأولويات السياسية.
ومن المحتمل أن يتضمن تقرير المؤتمر 13 قسماً رئيسياً … (انظر الجدول أدناه للاطلاع على مقارنات بين مؤتمرات الحزب الشيوعي الصيني في دوراته 16 و17 و18)