تـراجع نـمـو الاقـتصـاد الـعـالـمي إلـى 3.1 % في عام 2015
تم النشر في الأثنين 2015-10-19
توقع صندوق النقد الدولي، في تقرير “آفاق الاقتصاد العالمي” الصادر مؤخرا أن يتراجع نمو الاقتصاد العالمي إلى 3.1% في عام 2015، من 3.5% في عام 2014، ويعتبر أبطأ توسع في الاقتصاد العالمي منذ الكساد الكبير عام 2009.
وأشار التقرير، أنه من المقدّر أن يتباطأ النشاط الاقتصادي في الأسواق الناشئة للعام الخامس على التوالي، في حين يتوقع حدوث تحسن طفيف في انتعاش الاقتصادات المتقدمة.
وكانت الأسواق الناشئة هي محرك النمو في الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة، حيث نمت بمعدل سنوي قدره 5.3% بين الأعوام 2010-2014. كما أنها أسهمت بأكثر من 80٪ من النمو العالمي الذي بلغ في المتوسط نسبة 3.6% سنوياً خلال تلك الفترة.
ومع ذلك، يبدو أن الأسواق الناشئة ستكون في قلب الموجة الثالثة من تداعيات الأزمة المالية العالمية. فقد جاءت الموجة الأولى بسبب أزمة القطاعين العقاري والمالي في الولايات المتحدة في 2008-2009. وتبع ذلك أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو في الفترة 2011-2012.
والآن، فإن الأسواق الناشئة قد أصبحت في خضم الأزمة التي أثارها احتمال تطبيع الولايات المتحدة لسياستها النقدية وإعادة هيكلة الاقتصاد الصيني للتحول من التركيز على الاستثمارات والصادرات باتجاه الاستهلاك والخدمات.
إن الأسواق الناشئة تواجه عدداً من الظروف المعاكسة. أولاً، هنالك المؤثرات الهيكلية السلبية طويلة الأجل على النمو حيث تتسبب عملية إعادة التوازن الاقتصادي في الصين إلى تباطؤ النمو.
ويؤثر هذا التباطؤ على الطلب الخارجي، ولا سيما في الأسواق الآسيوية الناشئة حيث يوجد عدد من الاقتصادات التي تعتمد اعتماداً كبيراً على الصين في صادراتها، وأدى تراجع الطلب الصيني إلى خفض أسعار عدد من السلع، وترتب على ذلك تأثير سلبي على الاقتصادات المصدرة للسلع الأساسية، والتي هي في غالبها من الأسواق الناشئة.
وهناك المؤثرات السلبية الدورية على النمو، وتتعلق تلك المؤثرات أساساً بارتفاع مستويات الديون وتأزم الأوضاع المالية، كما أدت توقعات ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى هروب رؤوس الأموال، وضعف العملات، وارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة.
وأدت قوة الدولار إلى ارتفاع قيمة ديون الأسواق الناشئة بالعملات الأجنبية، وزادت بذلك مصاعب خدمة الديون، وأخيراً، يؤدي تخفيض المديونيات إلى تباطؤ نمو الائتمان ومزيد من البطء في نمو الناتج المحلي الإجمالي.
ويُرجح أن تستمر العوامل الهيكلية التي تعيق النمو. كما ستستمر على المدى المتوسط عملية إعادة التوازن ومعالجة الديون الكبيرة المتراكمة في الصين. ونظراً لأن انخفاض أسعار السلع الأساسية يرتبط بقوة الاقتصاد الصيني، فإن تعافي هذه الأسعار قد يستغرق أيضاً بعض الوقت، الا ان العوامل الدورية المعيقة للنمو، والتي تعد في الأساس عوامل مالية، قد لا تستمر بنفس القدر.
وربما تكون الأسواق المالية قد شهدت بالفعل تصحيحات جزئية بفعل توقعات ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك يُفترض أن تنحسر عوامل إعاقة النمو الناتجة عن هروب رؤوس الأموال وضعف أسعار الصرف بحلول عام 2017. ونتيجة لذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي تعافي نمو الناتج المحلي الإجمالي للأسواق الناشئة من 5.0% في عام 2015 إلى 5.5% في عام 2016 و4.9% في عام 2017.
في الوقت ذاته، نمت الاقتصادات المتقدمة بنسبة 1.8% في عام 2014، وهو معدل بطيء نسبياً لكنه يظل أعلى من إمكانات نموها التي ضعفت بسبب انخفاض عدد السكان وارتفاع معدل الشيخوخة وتباطؤ نمو الإنتاجية.
وساهمت عوامل دورية إيجابية في هذا النمو الذي فاق الإمكانات. من بين هذه العوامل هناك تراجع العائق المالي الحكومي الناتج عن سياسات التقشف، وانخفاض أسعار الطاقة الذي عزز من دخل الأسر القابل للإنفاق بالنظر إلى كون أغلب هذه البلدان مستوردة للنفط، وتخفيف السياسة النقدية بشكل غير مسبوق، والتأثيرات الإيجابية على الثروة نتيجة تعافي سوق الاسكان في الولايات المتحدة وسوق الأسهم في اليابان.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تواصل الاقتصادات المتقدمة نموها بمعدل يفوق امكاناتها الحالية. ومن المتوقع أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من معدل 1.8% في عام 2014 إلى 2.0% في عام 2015 و2.2% في عام 2016 مع توقع استمرار معظم العوامل الدورية الايجابية على الرغم من التطبيع المتوقع للسياسة النقدية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.