انتعاش مرتقب للنمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي بالرغم من النمو البطيء خلال الربع الأول من 2018
تم النشر في الثلاثاء 2018-07-03
معهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW، في أحدث تقرير له بعنوان رؤى اقتصادية: الشرق الأوسط للربع الثاني 2018، أن اقتصادات الشرق الأوسط تسير نحو التعافي من صعوبات 2017. وبوجه عام، من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي للشرق الأوسط بنسبة 2.4% في 2018، على الرغم من البداية البطيئة نسبياً في الربع الأول، والبيئة الجيوسياسية المتوترة. ومع ذلك، تقول المؤسسة المتخصصة في المحاسبة والتمويل إن التوقعات وسمات المخاطر تبدو متفاوتة على مستوى اقتصادات الشرق الأوسط.
ويوضّح تقرير رؤى اقتصادية: الشرق الأوسط للربع الثاني 2018، الذي تم إعداده من قبل “أكسفورد إيكونوميكس” – شريك معهد المحاسبين القانونيين ICAEW والمتخصّص في التوقعات الاقتصادية، أن الآفاق الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي تتسم بالإيجابية هذا العام، وذلك بفضل ارتفاع أسعار النفط، وزيادة الإنفاق الحكومي، والتقدم المطرد للإصلاحات الاقتصادية.
ومن المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 2.3% هذه السنة، مرتفعاً من 0.1% العام الماضي. وبينما تزيد أوبك من إنتاج النفط، من المتوقع أن يتسارع نمو إجمالي الناتج المحلي بمعدلات أكبر للدول المصدّرة للنفط خلال هذه السنة، وكذلك في 2019.
ويقول محمد باردستاني، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW، والخبير الاقتصادي الأول للشرق الأوسط في مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس”: “ستشهد اقتصادات الشرق الأوسط تعافياً في نمو إجمالي الناتج المحلي هذه السنة وفي 2019، ولكن لا يعني ذلك أن نشعر بالرضا التام عن الوضع الراهن. فمع تصاعد حدة التوترات على صعيد التجارة العالمية والمخاطر الجيوسياسية، وارتفاع أسعار الفائدة، تصبح الإصلاحات الاقتصادية على درجة بالغة من الأهمية من أي وقت مضى، وذلك لضمان تحقيق نمو أقوى ومستدام وشامل”.
تسارع نمو الاقتصاد الإماراتي في 2018 و2019
على الرغم من تباطؤ اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أدنى مستوى له منذ سبع سنوات في العام الماضي، تتسم التوقعات بنظرة إيجابية أكثر لهذا العام و2019. ومن المتوقع لنمو إجمالي الناتج المحلي أن يتسارع إلى 2.6% في 2018، وإلى حوالي 3.8% في 2019. وسيرتكز النمو بشكل رئيسي على عدة محفزات، أبرزها تعافي أسعار النفط، والوضع المالي التوسعي على المستوى الاتحادي وأيضاً على مستوى الإمارة، وكذلك البيئة التجارية والسياحية المزدهرة، وانتعاش الاستثمارات قبل معرض إكسبو 2020 في دبي.
وكان القطاع النفطي قد انكمش بنسبة 1.6% في العام الماضي، وبالنظر إلى تمديد اتفاقية أوبك حتى نهاية 2018، من المتوقع لنمو قطاع النفط أن يكون محدوداً هذا العام.
من ناحية أخرى، أظهر القطاع غير النفطي مرونة ملموسة في العام الماضي، على الرغم من بيئة الاقتصاد الكلي غير المواتية والتباطؤ الاقتصادي الإقليمي، حيث نما بنسبة 3%. ومن المتوقع أن يحقق القطاع غير النفطي مزيداً من النمو إلى 3.7% ﻓﻲ 2018.
ومن المتوقع أن تزيد الحكومة الاتحادية في الإمارات من الإنفاق بنسبة 5.6% على أساس سنوي، وسترفع دبي من مستوى الإنفاق بنسبة 20% استعداداً لمعرض إكسبو 2020، مع قفز مخصصات البنية التحتية وحدها بنسبة 46.5%. ولا تزال الإمارات تحتفظ بمكانتها المرموقة باعتبارها الوجهة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للاستثمار الأجنبي المباشر، حيث استقطبت 11 مليار دولار أميركي في 2017.
ويقول مايكل آرمسترونغ، المحاسب القانوني المعتمد والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا: “تسير دولة الإمارات على الطريق الصحيح نحو التنويع الاقتصادي، وتمضي قدماً في تنفيذ الإصلاحات المالية الضرورية لدعم هذه الجهود. ويشكّل تطبيق ضريبة القيمة المضافة خطوة هامة نحو تنويع الإيرادات الحكومية وبناء القدرة الضريبية. وننظر أيضاً بتفاؤل كبير في أعقاب التصريحات الأخيرة حول تعديلات تشريعات ملكية الأعمال، وقوانين تأشيرات الإقامة. وسيساعد ذلك بكل تأكيد على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحقيق مزيد من الاستقرار في الأسواق”.
وواصلت أسعار العقارات اتجاهها التنازلي في دبي وأبوظبي، ومع ذلك، من المتوقع أن يؤدي التحسن الاقتصادي والارتفاع الطفيف لأسعار النفط في الآونة الأخيرة إلى بعض الانتعاش في القطاع العقاري.
ومن المتوقع أن ترتفع مستويات الأسعار العامة في 2018، حيث من المتوقع أن يؤدي تطبيق ضريبة القيمة المضافة إلى رفع التضخم إلى 4.0% هذه السنة. وفرضت الضريبة على السلع والخدمات ضغطاً على نشاط القطاع الخاص غير النفطي، إذ بلغ متوسط مؤشر مدراء المشتريات 55.5 في الربع الأول من 2018، منخفضاً من متوسط 56.8 في الربع الأخير من 2017.
نقطة تحوّل للكويت
تبدو النظرة المستقبلية لاقتصاد الكويت أكثر إشراقاً هذا العام، مع ارتفاع أسعار النفط، وزيادة الإنفاق على المشاريع. وتبذل السلطات مزيداً من الجهود بغية تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر، مع تنفيذ إصلاحات بشأن الملكية الأجنبية الكاملة للشركات خارج المناطق الاقتصادية الخاصة، وإصلاحات متعلقة بمكافحة الفساد.
ومن المتوقع أن تصل أسعار النفط إلى 71 دولاراً أميركياً للبرميل في 2018، أي أعلى بنسبة 30% تقريباً من متوسط 2017 الذي بلغ 54 دولاراً أميركياً للبرميل. ومن المتوقع أن ينمو إنتاج النفط في الكويت بمعدل متواضع نسبته 0.5% هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 6.1% في 2017. ولا بد لنمو القطاع النفطي أن يتسارع إلى 1.4% في 2018.
وينبغي أن تستمر القطاعات الاقتصادية غير النفطية في التعافي، مع انتعاش النمو إلى 3.5% في 2018. وسيعكس هذا التزاماً متجدداً بالإنفاق المالي، بالإضافة إلى تحفيز جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وستهدف الحكومة أيضاً إلى تقليل اعتمادها على العمالة المهاجرة.
ومن المتوقع أن يرتفع نمو إجمالي الناتج المحلي لدولة الكويت إلى 2.4% هذا العام، ويستقر حول 3% في 2020-2021. ونتيجة لارتفاع أسعار النفط، ستنخفض فجوة الميزانية من 9.9% من إجمالي الناتج المحلي في 2017، إلى حوالي 0.8% في العام المالي 2018/2019، لتنتقل بعدها إلى فائض صغير.
وتقول مايا سينوسي، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW، والخبير الاقتصادي الأول لدولة الكويت في مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس”: “يبدو اقتصاد الكويت مستقراً على المدى القصير، ولكن هناك حاجة لبذل مزيد من الجهود من أجل بناء اقتصاد مستدام وتنافسي. وينبغي للحكومة أن تزيد من إيراداتها خارج نطاق القطاع النفطي. ومع ذلك، سوف يستمر الخلاف بين الحكومة ومجلس الأمة في وضع تحديات أمام الإنفاق الإجمالي على المشاريع، وعلى الاقتصاد ككل”.
ووافق مجلس الأمة على فرض رسوم على تحويلات المغتربين، والتي يمكن أن تضيف 230 مليون دولار أميركي سنوياً إلى الإيرادات الحكومية. ومع ذلك، لم يتم تمرير مشروع قانون الضريبة الانتقائية، وقد تم تأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة التي يعارضها أعضاء مجلس الأمة، حتى 2019 على أقل تقدير.
ويتوقع التقرير أيضاً معدلات النمو التالية لإجمالي الناتج المحلي في اقتصادات الشرق الأوسط: