الهيدروجين.. المكوّن الحاسم بمسيرة التحول في الطاقة عالمياً
تم النشر في الأربعاء 2021-03-10
طارق زيداني*
يشهد العالم جهوداً حثيثة نحو تقليص الاعتماد على أنظمة الطاقة العاملة بالوقود الأحفوري التقليدي، ويتطلع إلى بدائل طاقة متجددة ووفيرة وبأسعار معقولة. وهناك عدة عوامل تدعم هذا التوجّه نحو الطاقة النظيفة، وتشمل التخفيض السريع في تكلفة تقنيات الطاقة المتجددة والآثار السلبية للوقود الأحفوري والحاجة المتزايدة لتطوير أنظمة الطاقة الحالية والتعامل مع المخاوف المحيطة بتغير المناخ العالمي.
وتظل الطاقة ضرورية لحياتنا اليومية ولتلبية الطلب العالمي المتزايد على مصادرها، مع العمل في الوقت نفسه على الحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والتي تعد مسألة حاسمة في الوقت الحاضر. وعلى خلفية الوضع العالمي الحالي، سيحتاج مزيج الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي يهيمن عليه الوقود الأحفوري، بلا شك إلى تطوير وسائل أحدث وأكثر استدامة من أجل ضمان حصول الأجيال القادمة على جني ثمار بيئة خالية من التلوث. وفي الوقت الذي تنتشر مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، على نطاق واسع، فإن الهيدروجين يكتسب جاذبية كمصدر طاقة متعدد الاستخدامات في المستقبل. وفي هذا الصدد، فإن “ميتسوبيشي باور” حريصة على تطوير حلول وخدمات طاقة من شأنها تمكين انتقال الهيدروجين من دوره في العلوم المتقدمة إلى كونه وقوداً نظيفاً يقود طموح العالم نحو مستقبل خالٍ من الكربون.
الطريق إلى مستقبل أكثر استدامة وخالٍ من التلوث
تعمل الدول من جميع أنحاء العالم على إعادة صياغة مشهد الطاقة العالمي من خلال تحديد أهداف طموحة للطاقة المتجددة بهدف الحد من انبعاثات الكربون، وتصدت لتحدي التحول من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى أنظمة طاقة أكثر فاعلية واستدامة. ومن أبرز المبادرات الطموحة أخيراً في مجال نقل الهيدروجين من المشروعات الرئيسية، مثل أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم والذي يقع في مدينة “نيوم” بالمملكة العربية السعودية، حيث تبرهن هذه المبادرة على جهود المملكة لتنويع اقتصادها وتقليص الاعتماد على الهيدروكربونات كجزء من “رؤية 2030”. وتعد المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام بمثابة اختبار رئيسي لهذه الأنظمة، حيث تتميز بأراضٍ شاسعة ومنخفضة التكلفة، ومناخ اقتصادي مستقر، وتكلفة منخفضة لرأس المال، وقدرة صناعية قائمة، بينما تعمل أيضاً كمصدر ممتاز للطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية. ومن المتوقع أن يزداد الطلب على حلول الطاقة منخفضة وعديمة الكربون، بما في ذلك الهيدروجين، بشكل كبير في السنوات القادمة، وبالتالي تُتاح للمنطقة فرصة فريدة لتحتل مكان الصدارة على مسار هذا التطور.
ويظل الهيدروجين المصدر الأكثر وفرة للطاقة النظيفة مع قدرة معززة على تحويل الشبكة وتعزيز مستقبل مستدام. ويتميز هذا العنصر بخفة الوزن وسرعة الانتشار، ويمكن تسخيره بشكل فعال لتلبية احتياجات الطاقة المتزايدة على مستوى العالم. ومع ذلك، لا يزال تطوير الهيدروجين يتطلب دعماً مالياً مناسباً وبنية تحتية وسياسية تتيح له تحقيق انتشار واسع. وفي ظل التحدي العالمي المُلح لإزالة الكربون، يجب على المجتمع الاستفادة من مزايا الهيدروجين الآن.
وانطلاقاً من دور “ميتسوبيشي باور” كمزود لتوربينات الغاز الأكثر كفاءة في العالم اليوم، وريادتها في تكنولوجيا التوربينات التي تعمل بوقود الهيدروجين على مدار 50 عاماً، تقود الشركة الطريق نحو مستقبل أنظف. فقد استثمرت بشكل كبير في التكنولوجيا وعمليات التصنيع التي تعزز الكفاءة. ونجحت اختبارات وقود الهيدروجين الأخيرة التي أجريت على توربينات الغاز المتقدمة واسعة النطاق لشركة “ميتسوبيشي باور” في تمهيد الطريق نحو تبني طاقة تعمل بوقود الهيدروجين بنسبة 100%.
تعزيز قدرات الهيدروجين في كافة القطاعات
في حين أن التكنولوجيا التي تهدف إلى تسخير واستخدام الهيدروجين بأمان وفعالية تمضي بقوة إلى الأمام، هناك إجماع متزايد على أن هذا العنصر سيلعب دوراً رئيسياً في تحفيز كفاءات الطاقة عبر مختلف القطاعات. ويتم تعزيز تسليط الضوء على الهيدروجين كمصدر متكامل يمكنه توفير طاقة أنظف على نطاق هائل من خلال إدراك أن استخدامه سيكون حاسماً لإزالة الكربون من القطاعات المعروفة بأنها تساهم في ارتفاع مستويات انبعاثات الكربون، مثل وسائل التنقل والتدفئة المنزلية والصناعية، وكذلك قطاعات التصنيع والصناعة الأخرى.
قطاع النقل
يعد التخلص من الكربون من منظومة النقل أحد التحديات الرئيسية في التخفيف من التغير المناخي. واليوم، يهيمن النفط على مزيج الوقود الذي يلبي نسبة كبيرة من احتياجات النقل في العالم. وستتطلب إزالة الكربون تماماً من قطاع النقل اعتماداً واسع النطاق لمركبات عديمة الانبعاثات، مثل المركبات الكهربائية التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين، والمركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات أو التركيبات الهجينة. وسيؤثر التقدم في التكنولوجيا والاتجاهات الحديثة في التنقل (مثل السيارات المتصلة وتكنولوجيا القيادة الذاتية) على المستويات النسبية للانتشار وسيؤدي إلى تسريع عملية التحوّل.
قطاع البناء
بالإضافة إلى النقل، فإن قطاعي التدفئة المنزلية والصناعية يعملان أيضاً من أجل تحفيز الطلب على الهيدروجين منخفض الكربون لأغراض إزالة الكربون. ويتم بذل الجهود لتطوير تقنيات وعمليات جديدة يمكن أن يكون لها تأثير بعيد المدى، مثل تحديث شبكات الغاز والبنية التحتية الحالية لتلبية الزيادات في الطلب، لا سيما في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
قطاع الصناعة
تشكّل الصناعة من بين جميع القطاعات أعلى طلب على الهيدروجين، خاصةً لأغراض التكرير الكيميائي وتصنيع الصلب. ونظراً لأن هذه الصناعات تستخدم الهيدروجين عالي الكربون، فإن استبداله بهيدروجين منخفض الكربون يتيح فرصة مثالية لزيادة الطلب على مصدر الطاقة مع تقليل انبعاثات الاحتباس الحراري على المدى القصير.
تحفيز التحوّل في الطاقة
يبشر الهيدروجين بمستقبل واعد في طريقة تقليص البصمة الكربونية بمجال توليد الطاقة. وفي ظل تبني أهداف طموحة للطاقة النظيفة من قبل الدول في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، تشهد الطاقة المتجددة انتشاراً بسرعة كبيرة. وشهدت المنطقة زيادة في الاستثمارات بمقدار تسعة أضعاف في السنوات الثماني الماضية وحدها، في الوقت الذي تواصل جهود التحول في مجال الطاقة انتشارها في العديد من البلدان. فمن جانبها، تهدف المملكة العربية السعودية إلى أن تصبح أكبر منتج للهيدروجين الأخضر على مستوى العالم بحلول عام 2030. كما تتوقع المملكة أن تستقطب استثمارات تزيد قيمتها عن 20 مليار دولار أمريكي في مجال الطاقة المتجددة على مدار العقد المقبل. أما المملكة المغربية، فتهدف إلى إنتاج 50 في المئة من الكهرباء عن طريق الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. ومن المتوقع أن تحقق دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان نسبة تتراوح بين 30-35 في المئة من الطاقة الخضراء في مزيجهما الإجمالي بحلول عام 2050، فان دول الخليج الأخرى قد أدركت خطورة ظاهرة التغير المناخي وفوائد تنويع الطاقة. وعليه، فقد حان الوقت الآن لتعزيز دعم الهيدروجين.
، مدير تطوير المشروعات، “ميتسوبيشي باور” الشرق الأوسط وشمال أفريقيا