“الماركات” الكبرى ترفع الراية البيضاء في حرب الأسعار
تم النشر في الأثنين 2018-02-05
بعد أسبوع من شراء شركة نيلسون بيلتز حصة بقيمة 3.5 مليار دولار من شركة بروكتر آند جامبل، في أول حركة بعد أشهُر من المناورات بين المستثمر النشط صاحب المليارات وعملاق السلع الاستهلاكية، أجرت شركة بروكتر آند جامبل عملية حسابية.
بعد سنوات من فقدان حصتها في السوق لمصلحة منافسين مثل شركة دولار شيف كْلَب، أعلنت الشركة أنها ستخفض سعر علامتها التجارية “شفرات الحلاقة جيليت” بنسبة تصل إلى 20 في المائة – وقد وصف المحللون في بنك باركليز هذا بأنه “عمل يدل على اليأس”.
جاءت هذه الخطوة حين استجابت الشركة لحجج بيتلز بأن الشركة بحاجة إلى كسب الزبائن، حتى لو كان ذلك يعني تخفيضات على ما كان قد أعلن عنه منذ فترة طويلة كمنتجات “متميزة”.
ويشرح موقع جيليت الأمر على النحو التالي “أخبرْتَنا أن شفراتنا يمكن أن تكون مكلفة فوق الحد، واستمعنا إلى ذلك”.
شركة بروكتر آند جامبل ليست وحدها في هذا المسار أو الاتجاه، ضمن الشركات ذات العلامات التجارية الكبرى والرائدة في السوق.
العلامات التجارية الفائقة التي تهيمن على ممرات البقالة في المتاجر والإنترنت لديها مشكلة في الأسعار، التي تردد صداها من خلال بيانات الدخل لأكبر شركات السلع الاستهلاكية في الأسابيع الأخيرة.
كانت الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2017 هي المرة الأولى منذ عام 2011 التي انخفض فيها متوسط أسعار المنتجات التي تبيعها شركة بروكتر آند جامبل وكولجيت بالموليف، مع انخفاض شديد في أصناف مثل شفرات الحلاقة والحفاظات، حيث باتت المنافسة على الإنترنت هي الأقوى.
أعلنت الشركة المنافسة كيمبرلي كلارك أنها ستسرح خمسة آلاف موظف، في الوقت الذي كشفت فيه عن انخفاض أسعار منتجات مثل الحفاظات.
وذكرت شركة موندليز إنترناشيونال التي تصنع البسكويت أوريوز وبسكويت ريتز المملح، أن الأسعار خلال العام الماضي قد ارتفعت بنسبة 1.5 في المائة في المتوسط، لكنها تراجعت في أكبر سوقين لها – أمريكا الشمالية وأوروبا.
هذا خبر سار للمتسوقين، لكنه يشكل ضغطا على الأرباح في أكبر الشركات التي تواجه المستهلكين في العالم. يقول المحللون في بنك سوسييتيه جنرال “التسعير يبدو أكثر صرامة، مما رأيناه في المواد الاستهلاكية”.
يجري الضغط على الشركات المصنعة للمنتجات من قبل تجار التجزئة الكبار – وعلى الأخص، أمازون ووول مارت، اللتان تبيعان معا ما قيمته 600 مليار دولار من السلع سنويا.
منذ فترة طويلة تفرض شركة وول مارت ضغوطا على الموردين لخفض الأسعار. وقد أدى ظهور شركة أمازون إلى تفاقم “الأثر الانكماشي”، كما يقول بنك سوسييتيه جنرال، وأوجد “بيئة أكثر صرامة في الولايات المتحدة”.
وبعد أن اشترت شركة أمازون سلسلة هول فودز في حزيران (يونيو) الماضي، أصبحت حرب الأسعار أكثر حدة في محال البقالة، ما دفع الأسعار إلى الانخفاض إلى أدنى مستوياتها التاريخية بشكل يعاقب المنتجين.
عانى الولاء للعلامة التجارية في هذه العملية. المتسوقون، المجهزون بأدوات لمقارنة الأسعار على الإنترنت بشكل فوري، والذين يتلقون عددا كبيرا من الخيارات المتوافرة، أصبحوا أكثر احتمالا لاختيار منتجات أرخص وعليها خصومات – خاصة في فئات مثل منظفات الغسيل والشامبو. وللحفاظ على بقائها على رفوف المتاجر، يتعين على العلامات التجارية قبول أسعار أقل.
تقول كاثي جيرش، نائبة الرئيس في شركة كوتر للاستشارات “هناك مزيد من المعلومات على الإنترنت للناس على نحو يجعلهم قادرين على الحكم: هل هذا مجرد تسويق؟ هل ينبغي أن أدفع المزيد من أجل ذلك؟ أوج العلامة التجارية نفسها كونها كافية للمفاضلة للمطالبة بنقطة سعر أعلى.. آخذ في التضاؤل”.
يقول بريان جلادين، كبير الإداريين الماليين في شركة موندليز، “إن شركته تواجه بيئة تجزئة تنافسية”.
ويتوقع أن تكون أسعار منتجات شركة مونديليز في أمريكا الشمالية وأوروبا، التي انخفضت بنسبة 0.6 في المائة و0.1 في المائة على التوالي في العام الماضي، “نفس المعدل” في عام 2018.
يقول موظفون سابقون في أمازون “إن خوارزميات الشركة تفحص الأسعار عبر المنافسين في الوقت الحقيقي، وتقوم تلقائيا بضبط أسعارها بشكل تتمكن فيه من تقديم أقل سعر”.
وفي حين إن معظم العلامات التجارية الكبرى لديها اتفاقات لمبيعات الجملة مع شركة أمازون، إلا أن الباعة كطرف ثالث موجودون بكثرة على الموقع، ويعملون على تعقيد ضبط الأسعار بما هو أبعد من ذلك.
تم إدراج زجاجة 34 أونصة من شامبو وبلسم بانتين برو-V من شركة بروكتر آند جامبل من قبل عشرة بائعين مختلفين – تسعة منهم أطراف ثالثة – في موقع التسوق.
هيمنة شركة أمازون تجعل من الصعب على العلامات التجارية التخلي عن المنصة، أو حتى محاولة البيع مباشرة على مواقعها الخاصة.
ويقول جيمس تومسون، مدير سابق في شركة أمازون الذي يقدم الآن النصح والمشورة حول العلامات التجارية “لديك 200 مليون عميل على موقع أمازون. إذا أردتَ الخروج، فهناك 200 مليون شخص سيشترون من منافسيك. ربما لن تستطيع أن تكسب”.
ويضيف “هذا وضع سيئ جدا. إذا كانت العلامات التجارية قلقة بشأن تلبية الأهداف الفصلية، فإنها لا تستطيع أن تفقد مبيعات موقع أمازون”.
ومع ذلك “لا يزال ليس لدى تجار التجزئة ما يكسبونه من خلال دفع (صناع المنتجات الاستهلاكية) إلى الإفلاس”، كما يقول بريان روبرتس، مدير شركة تي سي سي جلوبال ريتيلرز الاستشارية، مشيرا إلى أنه في بعض الأصناف، لا يزال لدى العلامات التجارية الشهيرة نفوذ.
ويشير إلى أنه حتى الشركات التي تقوم بالتعطيل مثل ألدي، شركة البقالة الألمانية ذات المنتجات المخفضة، قد اضطرت إلى بيع العلامات التجارية “الماركات” مثل كوكا كولا.
وكانت مسألة التسعير قد أثيرت مرارا وتكرارا خلال المكالمات الجماعية حول الأرباح في الأسابيع القليلة الماضية، حيث يحاول التنفيذيون طمأنة المستثمرين.
واعترف جون مولر، كبير الإداريين الماليين في شركة بروكتر آند جامبل، بأن “المنافسة التي لا يستهان بها في مجال التجزئة” التي تأتي إلى جانب النمو البطيء في السوق، تعمل على “إجبار الأسعار على الانخفاض”.
وقال “أجرينا بعض التغييرات في تسعير حفاظات لافز.. للاستجابة لهذه الوقائع على الأرض”، لكنه أضاف أنه “على الرغم من أن هذا يشكل نقطة ألم فورية، إلا أنه لا يعتقد أن التسعير اجتاز التحول الضخم الذي يجب أن يكون علامة على وجهة نظركم عن الصناعة على المدى الطويل”.
كشفت شركة يونيليفر، التي أعلنت نتائجها عن العام بأكمله يوم الخميس الماضي، أن الأسعار الأساسية في أمريكا الشمالية انخفضت بنسبة 1 في المائة في الربع الأخير من عام 2017، مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي. وكان هذا الانخفاض أكثر حدة من الانخفاض بنسبة 0.1 في المائة خلال العام بأكمله، إلا أن الأحجام زادت بنسبة 3.2 في المائة خلال الربع.
وقال جرايم بيتكيثلي، المدير المالي لهذه الشركة البريطانية الهولندية التي تصنع صابون دوف، ومزيل رائحة العرق آكس، ومايونيز هيلمان “على مدى السنوات القليلة الماضية كانت الأسعار في الولايات المتحدة قوية نسبيا مقارنة بأوروبا، لذلك ليس من المفاجئ حقا أنه، كلما تنظر إلى شركة أمازون والتجارة الإلكترونية المتنامية، عليك أن تبدأ في رؤية تخفيف يحدث في التسعير”.
ومع ذلك، لا تمثل الولايات المتحدة سوى 13 في المائة من مبيعات شركة يونيليفر، التي تعتمد بدلا من ذلك أكثر على الأسواق الناشئة. وتمثل هذه البلدان، التي تقودها الهند وإندونيسيا، نحو من 60 في المائة من إيراداتها، التي بلغت 53.7 مليار يورو في العام الماضي.
لا يزال المستثمرون ينتظرون نتائج الربع الأخير من ثلاث شركات أوروبية لديها أكبر التعاملات في الولايات المتحدة هي: نستله، لوريال، وريكيت بنكيسر.
ومع ذلك، قالت شركة نستله، مجموعة الطعام السويسرية المصنعة لشوكولاتة كيت كات وقهوة نسكافيه، “إن شركة أمازون وشركات الخصومات كان لها تأثير الانكماش في الأسعار الأمريكية”، وفقا لبنك سوسييتيه جنرال.
استجابت شركات السلع الاستهلاكية لضغوط التسعير من خلال خفض التكاليف بقوة، بقيادة نموذج “الميزانية الصفريّة” من شركة 3G كابيتال، وهي مجموعة الأسهم الخاصة التي مقرها نيويورك، التي غيرت وجه الصناعة الاستهلاكية من خلال عمليات الاستحواذ الجريئة.
ارتفع هامش الدخل التشغيلي المعدل في شركة موندليز بنسبة 1.3 نقطة مئوية ليصل إلى 16.3 في المائة في العام الماضي، حيث شرعت الشركة في تنفيذ برنامج لتوفير التكاليف بقيمة ثلاثة مليارات دولار خلال هذا العام.
وتعهدت شركة بروكتر آند جامبل بتخفيض عشرة مليارات دولار في التكاليف السنوية بحلول عام 2021، في حين تتوقع شركة يونيليفر توفير مبلغ ملياري يورو من خلال حملة لخفض التكاليف لمدة ثلاث سنوات.
وقال محللون “إن هذه الاستراتيجية قد تكون استراتيجية دائمة بالنسبة إلى هذه المجموعات، في الوقت الذي تتعامل فيه مع نتائج انخفاض أسعارها”.
يقول علي ديبادج من وكالة بيرنشتاين “يستغرق الأمر وقتا طويلا للاعتراف بأنك لم تعد شركة نمو”. وأضاف “الأمر آخذ في الوصول إلى تلك النقطة”.