القمح غذاء للإنسان وبنزين لسيارته
تم النشر في الأحد 2019-08-18
د. أنور أبو العلا
الوقود الأحفوري (البترول، والغاز، والفحم) يمد الإنسان الآن بحوالي 86 % من إجمالي مصادر الطاقة بجميع أنواعها التي يستخدمها الإنسان، بينما مصادر الطاقة الأخرى جميعها (سواء طبيعية أو اصطناعية) تمد الإنسان بحوالي فقط 14 %.
أميركا يوجد لديها أكبر الاحتياطيات المعروفة – إذا أضفنا الصخري – من أنواع الوقود الأحفوري الثلاثة (البترول، والغاز، والفحم) في العالم، لكن هذه الاحتياطيات الضخمة من الوقود الأحفوري لم تمنع أميركا – بسبب أنها موارد ناضبة – من تطوير جميع مصادر الطاقة البديلة الأخرى، لكن الجديد الذي لم أكن أتوقعه أنه من كل عشرة براميل بنزين تستهلكها أميركا يوجد برميل واحد مصنوع من الكورن (الذرة الصفراء) والتسعة براميل الأخرى من البترول الخام بعد تكريره في المصافي (المصدر: إدارة الطاقة الأميركية EIA).
عندما قرأت هذا الخبر أصابني الفضول لكي أعرف مقدار (بالأحرى نسبة) البنزين من المحاصيل الزراعية (تسمى بيوفويل) المستخدمة في العالم.
ليست أميركا وحدها تستخدم المحاصيل الزراعية للحصول على البنزين والديزل في المواصلات بل جميع دول العالم في جميع القارات المعمورة.
وفقاً لإحصائية الشركة البريطانية BP الصادرة في شهر يونيو 2019 (قبل شهرين) فإن البنزين الاصطناعي (معظمه من المحاصيل الزراعية) ينمو عالمياً بسرعة، فلقد تضاعف خلال العشر سنوات الأخيرة من 0.948 مليون برميل في اليوم للعام 2008 إلى أن بلغ الضعف 1.83 مليون برميل في اليوم العام 2018. موزعة حسب نسبة إنتاج كل دولة مرتبة من الأكبر إلى الأصغر كالتالي: أميركا 39.9 %، البرازيل 22.4 %، مجموعة الدول الأوروبية 16.7 %، مجموعة الدول الآسيوية 14.6 %، ثم الدول الأفريقية 0.5 % فقط.
لا يمكن إخفاء الشمس بالغربال، كذلك لا يمكن إنكار فضل البترول على النهضة الاقتصادية فلولا اكتشاف البترول واستخدامه كمصدر للطاقة منذ بدايات القرن الماضي، لم يحدث التطور والنمو السريع بمعدلات متصاعدة في الناتج المحلي لدول العالم بأجمعه.
لكن البترول كميته محدودة ويتناقص بالاستخراج سنة بعد سنة فتتصاعد تكاليف استخراج المتبقي من البترول تحت الأرض، والإنسان بطبيعته ذكي يفكر ويخطط لمستقبله منذ أول خطة اقتصادية ذكرها لنا القرآن الكريم في سورة سيدنا يوسف.
الحاجة أم الاختراع: الإنسان بفطرته يسعى لإشباع حاجاته، ومن أهم حاجات الإنسان احتياجه للطاقة التي استخدمها منذ وجوده على سطح الأرض، في البداية كانت أشعة الشمس والرياح والحطب، ثم اكتشف الإنسان الفحم والبترول والغاز، لكن الفحم والبترول والغاز موارد ناضبة فمن الطبيعي أن يعود الإنسان الآن إلى الشمس والرياح ومجاري المياه.
البترول أصغرُ مصادر الطاقة عمراً وأهمها استعمالاً، لذا فمن الطبيعي أن يلجأ الإنسان مضطراً إلى البدائل للبترول كوقود سواء بإيجاد البنزين من المزروعات، أو بالتخلص كلياً من البنزين بإيجاد السيارة الكهربائية وتوفير البترول للكيميائيات
عن “الرياض”