تم النشر في السبت 2017-03-18
معتصم الفلو
على السنوات الماضية، خرج علينا صاحب برنامج “خواطر” بزيارات إلى ما أسماه “كوكب اليابان”. هذا الكوكب الوهمي الذي صدع رؤوسنا بتقدمه وتطوره، من أعلى سلم الإدارات الحكومية والمصانع، وصولًا إلى عامل النظافة، الذي يسمى على ظهر ذلك الكوكب “مهندس نظافة”.
لن أقول أن اليابان ليست بلدًا متقدمًا أو أنها دولة غير متفوقة في كثير من المجالات، ولكنها كأي من دول العالم تعاني من مشكلات جمة، وبعضها كارثية مثل تلوث المحيط الأطلسي عام 2011 بعد انصهار مفاعل فوكوشيما النووي في مياه المحيط، وصولًا إلى تدمير البيئة البحرية في شواطئ الولايات المتحدة حتى اليوم، عدا عن انقراض أنواع من الأسماك بسبب الصيد الياباني الجائر، الذي وصل إلى حد الذهاب إلى السواحل الموريتانية والمغربية لصيد الأسماك؛ رغم أن اليابان كلها مجموعة من الجزر! ولن أتحدث عن اليابانيين الذين يصنّعون سياراتهم في الصين وتايلاند ويبعونها علينا بأسعار تفوق تلك التي كنا ندفعها يوم كانت السيارات تصنع في اليابان، وغير ذلك من الاستغلال الذي أرهق المستهلكين حول العالم!
بالعودة إلى صاحب “خواطر”، وهو رجل أعمال، نقول له:”لماذا لا تمشي على خطى اليابان وتبدأ تطبيق نموذج كوكبك الياباني ضمن شركاتك؟
لماذا لا تطلق لقب “مهندس نظافة” على على عامل النظافة في مكتبك مثلًا، وتمنحه راتبًا يصل إلى 3 آلاف دولار؟
ولماذا لا تمنح عامل القهوة لديك لقب “اختصاصي قهوة” وتقدم له من المزايا الوظيفية ما يحظى به نظيره الياباني؟
ولماذا لا تجعل التوازن نهجًا في تقديم الدول المتقدمة إلينا، فتظهر محاسن كوكبك الياباني و”مساوئه” أيضًا؟
والأهم من ذلك لماذا لا تستورد التجربة اليابانية وتعممها على شركاتك اولًا؟
لا يكفي التنظير، ابدأ بالتطبيق على نفسك، لعل رجال الأعمال يقتدون بك، بدلًا من جلد ذواتنا وإظهار تخلفنا، بمقارنات غير موضوعية، تحمل الجوانب الإيجابية فقط لدى الآخرين والجوانب السلبية فقط لدينا.
عندها اصنع “خواطرك” واظهر لنا كيف استفدت أنت من تجربة كوكب اليابان في تعميم النموذج على شركاتك. أما تجهيل الآخرين بأنصاف الحقائق، فليس سوى تهريج إعلامي و”هياط” ثقافي.
ننتظر حلقة في “خواطر” المستقبل تظهر لنا ذلك التطبيق. وأراه مستحيلًا!
