الفالح: برنامج إصلاح أسعار الطاقة سيضمن إعادة توجيه الدعم للمستحقين وترشيد الاستهلاك
تم النشر في الأربعاء 2016-12-28
كشف المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، أن الإيرادات النفطية للدولة عبارة عن محصلة تشمل أنواعا متعددة من النفوط متفاوتة الأسعار، ويستبعد منها الاستهلاك المحلي، كما يخصم منها التكاليف التشغيلية لشركة أرامكو السعودية والإنفاق الرأسمالي، مشيرا إلى أن التقديرات التي تتحدث عن 700 مليار ريال إيرادات نفطية هي «حسبة سطحية» وغير صحيحة، فمثلا قيمة الدعم على الطاقة محليا تقارب 270 مليارا سنويا.
ووفقا لـ “الاقتصادية” أكد الفالح، أن إصلاحات الأسعار في بداية العام نجحت في خفض الاستهلاك المحلي في قطاع النقل بنسبة 3 في المائة، مقابل متوسط نسبة نمو يقارب 6.5 في المائة في السنوات الخمس الماضية، مشددا على أن برنامج إصلاح أسعار الطاقة سيضمن إعادة توجيه الدعم للفئات المستحقة، كما أن إصلاحات الأسعار هدفها التشجيع على اتباع سلوكيات واعية وفعالة لترشيد استهلاك الطاقة.
وقال وزير الطاقة: «بعد إعادة هيكلة الأسعار لم يسجل الحمل الذروي لقطاع الكهرباء نموا سنويا لعام 2016، وهي سابقة لم تحدث منذ إنشاء الشركة السعودية للكهرباء».
وأشار إلى أن إعادة هيكلة أسعار الطاقة ستسهم في نمو إيرادات الدولة ودفع عجلة التنمية الاقتصادية.
ونوه الفالح إلى أن المملكة لا تهدف إلى تصدير المعادن الخام كما تفعل بعض الدول، مشيرا إلى أن طموح المملكة هو تطوير الثروة المعدنية عن طريق إدخالها في سلسلة تصنيع ذات قيمة مضافة.
وأكد أن المملكة تملك المقومات الأساسية اللازمة لتحقيق الهدف المرحلي الرامي إلى إنتاج 9.5 جيجاواط من الكهرباء بحلول عام 2023 من مصادر متجددة.
وفيما يتعلق بشركة «أرامكو» السعودية أوضح الفالح، أن العمل جار الآن لتقييم طرح نسبة 5 في المائة فقط من إجمالي أسهم «أرامكو السعودية»، وهناك توقعات بخصخصة صناعات وقطاعات أخرى مستقبلا مثل قطاع توليد الكهرباء، مشيرا إلى أن القوائم المالية للشركة ستعلن وفق المأمول في 2017.
وفي الشأن الدولي قال وزير الطاقة إن الاتفاق الذي تم أخيرا بين الدول المنتجة من داخل «أوبك» ومن خارجها، سيسهم في الوصول إلى أسعار مناسبة للنفط.
وعن تقييمهم للموازنة العامة لعام 2017، ودورها في تحقيق التوازن المالي للمملكة أضاف الفالح:” حددت «رؤية المملكة 2030» ملامح التغيير الطموح للوضع الاقتصادي للدولة، وكان هدف تحقيق التوازن المالي للميزانية أحد البرامج المهمة لتحقيق الرؤية. ويهدف برنامج التوازن المالي إلى ترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي وتعزيز الإيرادات النفطية وغير النفطية إضافة إلى برنامج إصلاح منظومة أسعار الطاقة بهدف الوصول إلى تحقيق ميزانية متوازنة في عام 2020. كل المؤشرات إيجابية، فالمصروفات المقدرة لعام 2017 تفوق مصروفات هذا العام بنسبة 7.88 في المائة، ما يعني أنها ميزانية نماء، كما أن العجز سينخفض – بإذن الله – بنسبة 33 في المائة من 297 مليار في العام الحالي (2016) إلى 198 مليار في العام القادم (2017)، كما من المتوقع أن تزيد الإيرادات غير النفطية، ما سيدفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام – بإذن الله.
وعن القول بأنة إذا استمرت أسعار البترول عند مستوى 55 دولارا للبرميل وانخفض إنتاج المملكة إلى معدل 10.1 مليون برميل في اليوم، فسيبلغ دخل المملكة من البترول نحو 760 مليار ريال.. هذا المبلغ يفوق تقديرات ميزانية 2017 التي تبلغ 480 مليار ريال.. علّق الفالح قائلاً:” هذه الحسبة سطحية جدا، وتحتاج إلى مزيد من الإيضاح، حيث إنها تغفل عناصر مهمة يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند احتساب دخل الدولة من بيع النفط، بما في ذلك:
أولا: السعر المشار إليه في السؤال يمثل سعر مزيج برنت كمرجع عالمي لأسعار البترول، وهو لا يمثل على الإطلاق الأسعار التي يتم بها تسويق أنواع البترول السعودي التي تختلف عنه في المواصفات الفنية، حيث إن المملكة تسوق خمسة أنواع من النفط منها الخفيف والثقيل والمتوسط، وهي ذات كثافة أعلى ونسبة كبريت أكثر من نفط برنت، وعلى سبيل المثال فمعدل سعر برنت فاق سعر سلة أوبك بما يزيد على أربعة دولارات للبرميل في سنة 2016.
ثانيا: المعدل الإنتاجي المشار إليه ينقسم إلى قسمين:
قسم يصدر خارج المملكة ويباع بأسعار التصدير السوقية.
قسم آخر يباع بأسعار محلية خاضعة للدعم. علما بأن قيمة الدعم على الطاقة تقارب 270 مليارا سنويا.
وقد بلغت معدلات الصادرات للنفط الخام 7.1 مليار برميل يوميا في 2015 من مجموع إنتاج كلي بلغ 10.2 مليار برميل يوميا تقريبا.
ثالثا: أغفلت الحسبة الإنفاق الرأسمالي والتكاليف التشغيلية لشركة أرامكو السعودية، التي يجب ألا ننسى أنها أكبر شركة منتجة ومصدرة للطاقة في العالم؛ ولذا فإن تقدير الإيرادات النفطية عبارة عن محصلة تشمل أنواعا متعددة من النفوط متفاوتة الأسعار، ويستبعد منها الاستهلاك المحلي، ويخصم منها الإنفاق الرأسمالي والتكاليف التشغيلية.
وعن السبب من رفع أسعار الطاقة على الرغم من أن الاحتياطيات النفطية في المملكة من بين الأكبر في العالم قال الفالح:”
تظل أسعار الطاقة في المملكة اليوم من بين أقل الأسعار إقليميا وعالميا بفضل الدعم الحكومي، رغم الزيادة الأخيرة في عام 2016، ويعتبر تحرير أسعار الطاقة والكهرباء من بين البنود الرئيسة لتنفيذ التوجيهات السامية التي أعلن عنها ضمن ميزانية 1437/ 1438هـ لإجراء إصلاحيات اقتصادية ومالية وهيكلية شاملة والعمل على تقوية وضع المالية العامة، ومن ضمنها مراجعة وتقييم الدعم الحكومي، ويشمل ذلك تعديل منظومة دعم المنتجات البترولية والمياه والكهرباء.
وتنطوي عملية إعادة هيكلة الأسعار على عدة أهداف، أهمها:
تمكن الهيكلة الجديدة من إعادة توجيه الدعم للمستحقين. ففي ظل الوضع الحالي، يذهب معظم الدعم إلى الشرائح السكانية الأقل استحقاقا للدعم.
زيادة وعي المشتركين تجاه الاستخدام الأمثل للطاقة الكهربائية، وتأثير البرامج التوعوية الجاري تنفيذها فيما مضى وحاليا للتعريف بالاستخدام الأمثل للطاقة، سواء من قبل المركز السعودي لكفاءة الطاقة، أو الشركة السعودية للكهرباء، كذلك فإن الآثار الخاصة بالإلزام باستخدام العزل الحراري داخل المباني بدأت تظهر نتائجها في الوقت الراهن.
أيضا فإن حرص المشترك على استخدام الأجهزة ذات الكفاءة الأعلى خاصة أجهزة التكييف والأنوار الموفرة، أسهم في إدارة استهلاكه بشكل أفضل.
وقد أظهرت تقديرات نهاية هذا العام، أن الحمل الذروي لقطاع الكهرباء لم ينمُ لأول مرة منذ إنشاء شركة الكهرباء، كما أن نمو استهلاك قطاع النقل من الطاقة قد انكمش بمقدار – 3 في المائة عام 2016 مقابل متوسط نمو 6.5 في المائة في السنوات الخمس الماضية، وهذه بدوره أسهم في تراجع نمو استهلاك الطاقة بأنواعها كافة لهذا العام إلى 0.5 في المائة مقابل 4.5 في المائة كمتوسط للسنوات الخمس الماضية عقب إعادة هيكلة أسعار الطاقة.
ستسهم إعادة هيكلة الأسعار في نمو إيرادات الدولة، ما سيساعد على تحقيق التوازن المالي، وبالتالي إتاحة المزيد من الموارد لدفع عجلة التنمية الاقتصادية في المملكة.
وحول مساهمة قطاع التعدين في تلبية حاجات المشاريع، وفي الناتج المحلي أوضح الفالج بأن قطاع التعدين أسهم في توفير المواد الخام للمشاريع التنموية والبنية التحتية وحقق أمنا ذاتيا في توفير الخامات والمواد اللازمة لقطاع الإنشاء والبناء، كما أصبحت المملكة من الدول المنتجة لمركزات النحاس والزنك والذهب، إضافة إلى مشاريع عملاقة ومتكاملة في سلاسل القيمة المضافة للأسمدة والألمنيوم التي دشنها خادم الحرمين الشريفين أخيرا في رأس الخير.
أما بالنسبة لمدى مساهمته في الناتج المحلي للمملكة والتطلعات لنمو هذا القطاع، فإن قطاع التعدين قطاع داعم للاقتصاد الوطني، تعمل الوزارة جاهدة لرفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 97 مليار ريال، وزيادة عدد فرص العمل في هذا القطاع لتصل إلى 90 ألف فرصة عمل بحلول عام 2020.
والمملكة لا تهدف إلى تصدير المعادن الخام كما تفعل بعض الدول في إفريقيا وأستراليا، التي تقوم بتصدير الصخور إلى الصين ثم تصنع هناك ويعاد تصديرها من جديد، فنحن نطمح إلى تطوير الثروة المعدنية عن طريق إدخالها في سلسلة تصنيع ذات قيمة مضافة، تسمح بتطوير الاقتصاد وإيجاد الوظائف، وتؤسس لقاعدة صناعية في المملكة من المواد الخام في المناجم إلى المصاهر ومن ثم إلى المصافي وبعد ذلك إلى مصانع المنتجات الاستهلاكية التي تحتاج إلى تلك المواد مثل مصانع السيارات والحديد والألمنيوم والأجهزة المنزلية، حتى يخرج منتج يباع تضاعف فيه قيمة المعدن.
وقال: إننا الوقت الحالي نقيِّم طرح نسبة 5 في المائة فقط من إجمالي أسهم «أرامكو السعودية»، وهناك توقعات بخصخصة صناعات وقطاعات أخرى مستقبلا مثل قطاع توليد الكهرباء، ما سيؤدي إلى تحقيق إيرادات أكبر وزيادة مشاركة المواطنين والقطاع الخاص في هذه المشاريع. أما فيما يتعلق بما نشر أخيرا عن طرح نسبة أعلى مما أعلن عنه سابقا من أسهم «أرامكو السعودية» فلا يعدو كونه من باب التكهنات لا غير.
وبين الفالح بأن «أرامكو» ستقوم بناءً على خطتها الاستراتيجية الأخيرة بمضاعفة قدرتها الإنتاجية من الغاز الطبيعي وطاقتها التكريرية العالمية، مع الاستمرار في تعزيز مجموعة أعمالها في مجال المواد الكيميائية، والدخول بصورة أعمق في قطاع الطاقة المتجددة. وثمة تقييم آفاق دخول الشركة مجال التنقيب والإنتاج دوليا، مع التركيز على إنتاج الغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال.
وعن الاستراتيجية الأساسية التي تسعى «أرامكو السعودية» إلى تنفيذها في قطاع المعالجة والتكرير والتسويق، وما الخطط المستقبلية؟ وما الدور الذي يمكن أن يلعبه قطاع التكرير والمعالجة والتسويق في تحقيق “رؤية المملكة 2030” قال: “تتمثل رؤيتنا لتعزيز التنوع في مجموعة أعمالنا ومشاريعنا بالتوسع الكبير في مجال التكرير والتسويق على مستوى العالم، من أجل توليد القيمة، والوصول إلى أسواق تشهد طلبا مستقرا على النفط الخام، وتقليل مخاطر التقلبات في الإيرادات. كما ستسهم زيادة الاستثمارات الداخلية في تعزيز اقتصادنا الوطني، ولا سيما عندما يكون للمستثمر أعمال وحصة ملكية داخل المملكة.
تبلغ طاقتنا التكريرية الإجمالية داخل المملكة قرابة 3.1 مليون برميل في اليوم، وسنعمل على زيادتها لتتجاوز ثمانية ملايين برميل في اليوم خلال العقد القادم، بحيث تصبح من أكبر الطاقات التكريرية على مستوى العالم.
أدخلنا الخدمة أخيرا في مصفاتين جديدتين هما مصفاة ساتورب في الجبيل وياسرف في ينبع، تبلغ الطاقة التكريرية لكل منها 400 ألف برميل في اليوم، ولا يزال العمل جاريا على قدم وساق للانتهاء من مصفاة ثالثة في جازان بطاقة تكريرية قدرها 400 ألف برميل في اليوم.
أما عن تأثر برنامج الاستثمار الرأسمالي في «أرامكو السعودية» بانخفاض أسعار النفط أوضح الفالح: “تعاني جميع شركات الطاقة من تراجع السوق في الوقت الراهن، و«أرامكو» ليست بمعزل عن هذه الظروف المتغيرة التي تشهدها السوق اليوم، لكن دعني أؤكد على أن تقلبات السوق ليست جديدة بالنسبة لنا، ودائما تتعامل الشركة مع أوضاع السوق ببعد نظر دون المبالغة في ردة الفعل.
كما أجرت الشركة بعض التعديلات قصيرة الأجل، تمثلت في تأجيل عدد من المشاريع غير الملحة وغير المدرجة على قائمة أولوياتنا، لكن دون المساس باستراتيجيتنا بعيدة المدى، وعلى الرغم من التحديات التي تشهدها سوق النفط، سجلت الشركة في العام الماضي أعلى مستوى لإنتاج النفط الخام، حيث بدأ الإنتاج من مشاريع كبرى، في قطاعات التنقيب والإنتاج والمعالجة والتكرير والتسويق، كما نعكف على دراسة تنفيذ استثمارات إضافية في آسيا التي تشير التوقعات إلى أنها ستسجل جل النمو في الطلب على النفط.
وكانت فترة انخفاض أسعار النفط فرصة لتعزيز مستوى الانضباط المالي في الشركة.
ودعني أؤكد أيضا أنه في الوقت الذي تشكل فيه ظروف السوق تحديات في الوقت الراهن، فإنها تحدث أيضا فرصا للشركات التي تتمتع بالقوة والكفاءة المالية مثل «أرامكو السعودية».
وعن أول قوائم مالية لأرامكو السعودية وتكون متاحة للعموم قال:بالنسبة للقوائم المالية لشركة أرامكو السعودية، فإن الشركة اتخذت جميع الإجراءات اللازمة لإعداد هذه القوائم وتقديمها للجهات المعنية فور إصدار التشريعات والقوانين والإجراءات اللازمة الذي نأمل أن يتم خلال عام 2017.
وبخصوص اكتشافات المملكة الجديدة خصوصا من المصادر الهيدروكربونية غير التقليدية قال أن المملكة ستبدأ في إنتاج الغاز غير التقليدي من منطقة أم الوعول القريبة من مشروع وعد الشمال حسب الكميات المخطط لها مسبقا بمعدل 55 مليون قدم مكعبة يوميا في الربع الأخير من عام 2017، علما أن إنتاج الغاز غير التقليدي سوف يصل إلى 3000 مليون قدم مكعب من الغاز الجاف يوميا من جميع مناطق المملكة بحلول عام 2030 توافقا مع “رؤية المملكة 2030”.
كما أن الإنتاج من حقل مدين في تبوك للغاز الطبيعي سوف يبدأ مطلع عام 2017 بمعدل 75 مليون قدم مكعب و4500 برميل من المكثفات يوميا لدعم مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية والصناعية في المنطقة، وهناك أيضا اكتشافات جيدة ومبشرة بالخير للغاز والبترول في البحر الأحمر ضمن برنامج الاستكشاف القائم حاليا الذي يسبق برامج التخطيط والإنتاج عادة.