تم النشر في الأربعاء 2014-12-17
لم تكن الخطوط السعودية عبر تاريخها الطويل محل رضا من السعوديين المعنيين باستخدام هذه الخطوط أكثر من غيرهم، حتى إن الكل اتفق على سوء خدماتها وضعف منتجها وتأخر رحلاتها، ولم يكن منهم أحد إلا ويتذكر أنه رفع عقيرته بالشكوى جراء خلل قد أصابه منها، ناهيك عن أنهم يتقلبون غيرة وكمدا من الرقي الذي تعيشه خطوط الطيران الأخرى في الدول التي تجاورهم، وتسابقها ليس بالظفر بإرضاء وإسعاد ركابها، بل على نيل التفضيلات العالمية كأفضل خطوط طيران في العالم.
ما علمناه وعرفناه بعد أن وفقنا الله للقدرة على المقارنة أن الإدارة هي الشأن المعطل لرقي الخطوط السعودية، وكأن البيروقراطية في العمل والتعامل ضربتها في موجع، لا سيما وأن هذه الخطوط لم تكن أقل تحديثا ومواكبة للمنتج الجديد من أحدث الطائرات في العالم، لكن ظلت المشكلة بالمشغل ومن يتولى الأمر!
ومع الصيحات حول وجوب إنقاذ هذه الخطوط التي كان بمقدورها أن تكون عنوانا للرقي والتفوق توالت الأسماء التي تقودها، لكن ظل العيب الإداري لحوحا في إبقائها في سماء عدم القدرة على الإنجاز والتفوق، والسبب أن الإدارة القديمة فكريا هي من يقودها من الداخل ولا سبيل لانتزاعها إلا بعملية جراحية صعبة.
حاليا ما الذي يحدث في هذه الخطوط التي تحمل اسمنا وتطير لأجلنا، حتى لو افترضنا أنها مؤسسة وطنية ربحية قبل أن تكون خدمية، هنا أجزم أن أشياء كثيرة تغيرت في هذه الخطوط، والسبب أن العمل على انتزاع ورمها الداخلي بدأ يظهر للعيان من قبل جراحها أو قائدها الجديد المهندس صالح الجاسر، فلا حلول إلا بآلية عملية متطورة تنبع من الداخل تجبر الموظف الكبير حتى الصغير إلى الالتزام بالمعايير المطلوبة، وهذا ما نحسب أنه بدا يتجلى للعيان مع هذا المهندس الشاب.
قد يقول قائل إن الأمر في مجمله لم يسفر عن قدرات كما لدى الآخرين، إلا أنه علينا الاعتراف بأن إيجابيات كثيرة بدأت تظهر على هذه الخطوط من أهمها احترام الراكب واحترام وقته، فلم يعد بالإمكان أن تأخذ حجز غيرك كما كان متداولا قبل سنوات قليلة، ولم يعد بالإمكان أن تنعم بالتفضيل لأنك شخصية معروفة أو اعتبارية على حساب آخر ليس في الوضعية الاجتماعية نفسها.
لسنا في محل المادح لمدير الخطوط السعودية، لكن كان جديرا ونحن الذين اعتدنا على نقد هذه الخطوط أن نعترف بأن تحسنا كبيرا طرأ على محياها حتى باتت أكثر قبولا، ولعل سعادتنا ستكون أكبر في ظل المنشآت الكبيرة في المطارات والتنافس الذي بات حتميا من خلال الرحلات الداخلية والخارجية، وسط الكم الكبير من خطوط الطيران التي تعبر سماءنا، ولا بد أن تكون خطوطنا في محل التفوق والقدرة على التفوق عليها لا.. الاصطفاف خلفها.
جميل القول إننا وليس في الخطوط السعودية وحدها أدركنا القيمة العالية للفكر الشبابي المتجدد المتحرر من قيود البيروقراطية، بل بدأنا نتلمسه في قطاعات خدمية أخرى، ونتمنى أن يذهب إلى أكثر من ذلك في كل الخدمات التي تقدم للمواطنين.