مقالات
(التعايش مع الواقع)
تم النشر في الثلاثاء 2020-12-22
إن الرفض الشديد للواقع وانكاره أو التفكير بعمق بالأوضاع السلبية والشعور بالنقمة والخوف من القادم والعجز عن التقبل واحتواء المشاكل والصعوبات، يٌحدث اضطراب بدني وروحي وشتات ذهني تفقد الدماغ كثيراً من اتزانه، يبدأ بتعكر المزاج وسيطرة اليأس، والتوتر، والقلق مما يشحن الجسم بشحنات سلبية تؤثر على طاقته، تزداد معها الاضطرابات الانفعالية بحيث تكثر الافكار الدخيلة وتشل معها الدور الاجتماعي والوظيفي في الحياة، مما يساهم ذلك على الانغلاق على النفس والانسحاب من العلاقات الاجتماعية وقد تصل الحالة للاكتئاب.
وأكثر ما يكون ذلك عند وفاة عزيز مثلا أو خسارة وظيفة أو فشل بمشروع أو تزايد المتطلبات المعيشية أو رسوب في اختبار لم يكن متوقع، لكن كما قال الخبراء ” إن الواقع وإن كان صعب قد يكون مؤقت ” فمثلما أن الحدث يصبح جزءاً هاماً من قصة حياة الفرد، لكنه لن يظل متحكماً في مشاعره وأفكاره، ولن يكون مصدراً لإرهاق صحته العقلية، بل إنه قد يجعل الفرد أقوى من ذي قبل، وللتحرر من تلك الحالة والازمه حتى لا نرهق ذاتنا بأن شيئا ما قد انتهى بداخلنا وتغير للأبد وأننا نعيش حاله استثنائية لا خروج منها، لا بد اولاً : أن نعلم أن ما نعيشه حينها امر طبيعي والتغيرات التي احدثتها تلك الصدمة ليست بأمر مستغرب، وأن الجميع من قبلنا ومن حولنا وحتى من بعدنا خاضع لها ومتجاوز لها، بل إن ذلك وعد إلهي ( فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا ) وقد قال العديد ممن مروا بأزمات خطيرة في حياتهم أنهم تغيروا ووجدوا مواردًا لم يعرفوا أبدا أنها قد كانت كامنة بداخلهم، فالحياة بعد الأزمات قد تبدو أكثر هشاشة وضعفًا، لكنها أيضاً تصبح ذات معنًا أكبر من ذي قبل.
أما بالنسبة للمعاناة الناتجة من الحياة الاجتماعية وصعوبة التعامل مع بعض الشخصيات، فذلك يتطلب منك الكثير من الهدوء والثقة والثبات والدبلوماسية، فعلى سبيل المثال عندما يحاول أحدهم استفزازك، لا تُبدي أي موقف، وإنما انتظر لينهي حديثه ثمّ أنهي الحديث بابتسامة أو بقول: (هل انتهيت؟)، (هل هذا كل شيء؟). إنهاء بعض الحوارات في وقتها خير من جدل يستنزف المرء ولا يكتسب منه سوى طاقة سلبيه تؤثر على صفاء يومه، وعليه يفترض بنا الحرص على تكوين العلاقات الاجتماعية مع الأشخاص الإيجابيين والجيدين، والابتعاد عن كل شخص لا نستطيع الالتقاء معه بعلاقه مثمرة.
ولنبدأ يومنا بطاقة ايجابيه فإن العبادات والرياضة خاصة المشي وممارسة الهوايات بكل انواعها تنشط الجسم، وتبعث في النفس السعادة حتي وان كانت جزئيه، كما ان الاِسترخاء بعد العبادة او الرياضة تساهم بالصفاء الذهني، والأعمال التطوعية والارتباط بمحبي أعمال الخير والعطاء ممن يحبون رؤية السعادة على وجوه الآخرين تصل بالإنسان إلى أسمى مراتب الراحة النفسية التي يتبعها راحة جسدية وصحة سليمة، وتسهم في تهذيب الأخلاق وتقويمها لأن اعمالك تدفع بعقلك للتعامل مع ما حولك بطريقة راقيه، وتجعلك متصالحاُ مع ذاتك وتزيد ثقتك بنفسك وتشبع الحاجة الدينية والروحية والاجتماعية بالتالي الشعور بالارتياح .
وأخيراً،
في الحياه (استمتع بيومك كأنك تعيش ابدا) .. وفي العبادات (عيش يومك كأنك تموت غدا) ،،
—