ط
عاممقالات

التسويق لا يعني التلاعب بالعملاء

تم النشر في الثلاثاء 2016-06-21

تزداد نظرة المستهلكين إلى التسويق على أنه شكل من أشكال التلاعب، لذا من المهم تبديد هذا التصور السائد، وأن يبادر المعنيون باتخاذ الخطوات اللازمة للقيام بذلك.

يوجد جدل حول ارتياب المستهلكين المتزايد تجاه عالم الأعمال. ويتساءل معظمهم حول الدافع لذلك، ودور التسويق الذي تشير إليه أصابع الاتهام أخيرا لا سيما مع الأساليب الملتوية التي يستخدمها. كما أصبح المستهلكون أكثر وعيا تجاه المعلومات التي يتعرضون لها على الإنترنت التي تستهدفهم بشكل متزايد أكثر من أي وقت مضى، خاصة على وسائل الإعلام الاجتماعية.

نشر أخيرا كاس سانستين، أستاذ القانون في جامعة هارفارد ومدير سابق في مكتب المعلومات والشؤون التنظيمية في إدارة أوباما، مقالا في مجلة السلوك التسويقي، يطرح مشكلة أسلوب التلاعب المنتشرة في الحياة اليومية، سواء في الحياة العامة أو عالم الأعمال، وبشكل خاص في مجال التسويق. حيث يرى سانستين في “أولئك الذين يبيعون المنتجات، أنهم متورطون بشكل من الأشكال بقضايا التلاعب”.

حدد سانستين التلاعب بكونه شيئا لا يدخل أو يراعي بشكل متعمد قدرة الشخص على الاختيار. وهنا تقع الإشكالية. فعديد من الخيارات تتخذ بشكل غير متعمد. وعلاوة على ذلك، فإن فكرة اتخاذ المستهلكين قرارهم عن معرفة ودراية مجرد خرافة بحتة. كما أصبح العملاء أيضا أكثر وعيا بأهداف التسويق ودوافعه وأساليبه، ابتداء من اختلاف الأسعار والخصومات لبرامج الولاء.

ومع ذلك، في مقال للرد على هذا الموضوع، أود أن أشير إلى أن هذا الوعي يقود ولأسباب مفهومة، إلى التصور أن المسوقين يتلاعبون بالعملاء. ولكن التسويق غير ذلك، ولا يجب النظر إليه على أنه المتهم بالتلاعب. ونظرا للاعتقاد السائد بأن المسوقين متلاعبون، أقترح أن يبادر العاملون في هذا المجال من الأكاديميين والمسوقين إلى تغيير وجهات النظر هذه.

القدرة على التأثير ليست تلاعبا

يجب أن ننتقل إلى تعريف أوسع للتلاعب لنرى إذا ما كان التسويق يقوم بذلك. ووفقا لتعريف مستخدم في علم النفس الأدبي “التلاعب النفسي هو نوع من التأثير الاجتماعي يهدف إلى تغيير نظرة أو سلوك الآخرين من خلال استخدام أساليب مخادعة أو مضللة أو مسيئة”. والقول إن التسويق يستخدم أساليب مضللة ومسيئة هو تعبير خاطئ. سيتهم المسوقون بافتقارهم للأخلاق إذا ما استخدموا طرقا خفية للتلاعب بالعملاء. فلنأخذ على سبيل المثال الإعلان المبطن، عندما يتعرض المشاهدون لمعلومات دون إدراكهم الواعي. تسببت مثل هذه الممارسات بفضيحة أخلاقية عام 1957 عندما اتضح أن رواد السينما تعرضوا لإعلانات “كوكا كولا” و”الفشار” دون إدراكهم لذلك. وقد تم حظر مثل هذه الممارسات في المملكة المتحدة منذ ذلك الحين، وليس من الواضح حتى الآن إذا ما كان لهذه الممارسة تأثير في قرارات الشراء.

وكما رأينا أخيرا، في قضية شركة فولكس واجن، عندما حملت العملاء للاعتقاد على نحو زائف أن انبعاثات سياراتهم أقل مما كانت عليه في الحقيقة. مثل هذا الأسلوب المخادع لا يضر بعلاقة الشركة مع العملاء فقط، ولكن سيؤثر في الشركة ككل التي تعرضت للمساءلة القانونية. وهناك حيل التسويق عبر الهاتف التي أصبحت غير مستحبة، مثل استخدام حجة القيام بمسح لإخفاء النوايا الحقيقية للمتصل، ومن ثم الضغط على العميل للقيام بعملية شراء.

تغيير التصور السائد

يجب على التسويق أن يسعى إلى أن يكون ذا تأثير اجتماعي، لمواجهة التصور السائد عن التجارة أنها مضللة، وخاصة أساليب التسويق المعلنة، أو التي لا تستخدم الخداع أو الإساءة لتحقيق أهدافها. نظرا لارتفاع الوعي بحيل التسويق بين المستهلكين، يحتاج المسوقون إلى مخاطبة العملاء مع الأخذ بعين الاعتبار عامل الاستدامة. ففي حين كان صحيحا أن المسوقين في 1930 كانوا ينظرون إلى مهنتهم على أنها توجيه تدفق المنتجات إلى المستهلكين في اتجاه واحد، يجتمع المتخصصون في مجال التسويق اليوم حول فكرة أن التسويق هو عملية مبادلة بين المنتجين والمستهلكين، مشددين على القيمة التي سيحصل عليها العميل. ويمكن ملاحظة ذلك في استراتيجيات تقصي المعلومات، والشد والجذب عبر وسائل التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، طرحت شركة لوريال منتجا تجاوبا مع تعليقات العملاء عبر الإنترنت حول كيفية الحصول على تسريحة شعر جديدة. في هذا النوع من العلاقة يلعب العميل دورا أساسا، وتعود بالفائدة على الطرفين. ينبغي على الشركات التفكير بكيفية الحفاظ على العميل على المدى الطويل عند بذل الجهود التسويقية.

تبدأ معظم صفوف التسويق التي أعلمها بنقاش حول ما إذا كان المسوقون يلبون احتياجات العميل أو يقومون بإيجاد تلك الاحتياجات لبيع منتجاتهم. فمن يستطيع القول إن المستهلكين كانوا بحاجة إلى “آي فون” حتى عرض المنتج عليهم؟ لحسن الحظ، يعطينا عصر البيانات الكبيرة فرصة ذهبية لفهم الزبائن بشكل أعمق أكثر من أي وقت مضى، شريطة أن تتعامل معها بشفافية. التجربة الشهيرة لـ “فيسبوك” للتلاعب عمدا بالمستخدمين عن طريق تغيير ما يظهر أمامهم على الشاشة من أجل دراسة تأثير ذلك في سلوكهم، حصلت هذه التجربة على إدانة واسعة.

ممارسات المسوقين

ينبغي أن يهدف المسوقون لتوفير قيمة مستدامة، وأن يأخذوا بعين الاعتبار الدوافع على المديين الطويل والقصير من تسويق منتج أو خدمة. وهذا يعني دراسة العملاء بشكل وثيق، وإيجاد تجارب وليس فقط منتجات وخدمات، وتطوير علاقات متكافئة مع العملاء، ومراعاة تأثير هذه الممارسات في المجتمع على نطاق أوسع. عندها فقط، سيصبحون قادرين على التصدي للتصور السائد بأن التسويق هو تلاعب بالآخرين.

نقلا عن الاقتصادية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock