الاقتصاد البريطاني يستمر في الانتعاش ويعزز رهان بنك إنكلترا بالإبقاء على معدلات الفائدة القياسية
سامر حسن محلل أسواق وعضو قسم أبحاث السوق في الشرق الأوسط في XS.com
تم النشر في الجمعة 2023-11-10ارتفع الجنيه الإسترليني بشكل طفيف صباح اليوم إلى مستوى 1.22348 مؤقتاً عند حوالي الساعة 7:00 صباحاً بتوقيت غرينيتش وذلك قبل أن يتراجع مجدداً إلى المسار الجانبي الذي كان يسلكه طيلة اليوم والذي كان تالياً لسلسلة من الخسائر اليومية الممتدة منذ بداية الأسبوع. فيما استمر اليورو في الارتفاع مقابل الجنيه واقترب مجدداً من أعلى المستويات منذ مايو الفائت وذلك عند مستوى 0.87422 في ذروة ارتفاعات اليوم.
جاءت محاولة الجنيه للانتعاش اليوم مع إعلان الارقام الأولية للناتج المحلي الإجمالي عن الربع الثالث. فيما استطاع الناتج المحلي التغلب على التوقعات بالانكماش بنسبة 0.1% خلال الربع الثالث بالمقارنة مع الربع السابق وذلك بالحفاظ على مستوياته السابقة دون تغيير، لكنه سجل نمواً بنسبة 0.6% مقارنة مع الربع الثالث من العام الفائت وذلك ما يتوفق قليلاً على التوقعات عند 0.5%.
أما البيانات الأعلى تردداً فكانت أكثر اشراقاً. حيث سجل الناتج المحلي نمواً ملحوظاً بنسبة 1.3% خلال سبتمبر الفائت مقارنة مع التوقعات عند 1% والقراءة السابقة عند 0.5%، وعلى أساس شهري فقد سجل نمواً بنسبة 0.2% مقابل التوقعات بعد التغيير.
على مستوى القطاعات المختلفة، فقد أظهر القطاع الصناعي علامات قدرته على التماسك والعودة إلى النمو على الرغم من العوائق المحيطة به. حيث ارتفع الإنتاج الصناعي مجدداً بأسرع وتيرة له، إضافةً إلى القراءة المعدلة لشهر أغسطس، لم نراها منذ يونيو من العام الفائت وذلك مع تسجيله لنمو بنسبة 1.5% خلال سبتمبر الفائت على أساس سنوي. أما على أساس شهري، فقد تمكن الإنتاج الصناعي من إيقاف سلسلة تقلصاتها التي عانا منها لشهرين متتاليين وسجل تماسكاً خلال سبتمبر دون أن ينمو وذلك مقابل التوقعات بنمو بنسبة 0.1%.
الأنشطة التحويلية لم تكن أقل بريقاً أيضاً. حيث تمكن الإنتاج التحويلي من المحافظة على النمو بأكثر من 3% على أساس سنوي للشهر الرابع على التوالي، إلا أن القراءة الجديدة كانت أضعف من المتوقع بقليل. أما على أساس شهري، فقد تمكن الإنتاج التحويلي من العودة إلى النمو، بنسبة 0.1%، خلال سبتمبر الفائت بعد شهرين من التقلص المستمر.
أرقام مخرجات البناء كانت لافتة اليوم أيضاً. حيث سجلت نمواً بنسبة 2.8% خلال سبتمبر الفائت على أساس سنوي و 0.4% على أساس شهري وذلك بما يتوفق على التوقعات والقراءات السابقة.
على الجانب السلبي، فقد سجلت استثمارات الاعمال انخفاضاً ملحوظاً بشكل أكبر من المتوقع خلال الربع الثالث وذلك بنسبة 4.2%، وفق القراءة الأولية، مقارنة مع الربع السابق الذي سجل نمواً بنسبة 4.1%.
أخيراً، وعلى مستوى التجارة الخارجية، فقد سجل الميزان التجاري عجزاً أقل من المتوقع وذلك عند 14.29 مليار جنيهاً في سبتمبر الفائت وذلك مقابل التوقعات بعجز عند 15.3 ملياراً. فيما أن هذه القراءة تقع بالقرب قليلاً من أدنى المستويات خلال هذا العام والعام الفائت وهي عند عجز بمقدار 14.06 ملياراً.
في محصلة تلك الأرقام الجديدة اليوم، يبدو أن الاقتصاد البريطاني قد أظهر قدرته على التماسك والعودة إلى النمو مجدداً، وذلك على الرغم من ظروف الائتمان والإنتاج وسوق العمل والسوق العقارية الصعبة.
لم تكن أرقام اليوم هي الوحيدة التي أظهرت علامات إيجابية حول الاقتصاد البريطاني. فقد عاد مؤشر Halifaxلأسعار المنازل للنمو لأول مرة خلال أكتوبر الفائت على أساس شهري منذ ستة أشهر. إضافة إلى النمو الأعلى من المتوقع لمبيعات التجزئة خلال أكتوبر وفق مؤشر BRC Retail Sales Monitorعند 2.6%.
كما أن هذه الأرقام بمجملها لمختلف القطاعات تقدم المزيد من الحافز لبنك إنكلترا للإبقاء على معدلات الفائدة الحالية عند مستوياتها القياسية المرتفعة لفترة مطولة. هذا ما تحدث عنه محافظ البنك المركزي، Andrew Bailey، خلال الأيام الأخيرة والذي تحدث صراحة عن أنه لا خفض قريب لسعر الفائدة.
كما ساعدة هذه الأرقام على تقديم بعض الدعم لعوائد السندات البريطانية التي تعاني من التراجعات منذ حوالي عشرين يوماً على الرغم من الحديث المتشدد لبنك إنكلترا. حيث تتجه عوائد السندات الحكومية لأجل عشرة وعشرين وثلاثين عاماً إلى ثاني يوم من المكاسب اليومية.
فيما أن عودة الارتفاعات لعوائد، على ضوء البيانات السابقة، قد أعاقت الانتعاش الملحوظ لسوق السندات الحكومية. حيث سجل صندوق iShares Core UK Gilts UCITS ETF (IGLT)، الذي يتتبع أداء السندات الحكومية البريطانية، انخفاضاً ملحوظاً مع بداية تداولات اليوم بعد أن كان بلغ أعلى مستوياته منذ أغسطس الفائت خلال اليومين الفائتين.
إلا أن ارتفاع عوائد السندات البريطانية اليوم لا يبدو أنها كانت قادرة على إيقاف تراجع الجنيه أمام اليورو. حيث أن الأخير يتجه إلى خامس يوم من المكاسب اليومية المتتالية أمام الجنيه. حيث أن الفجوة ما بين عوائد السندات الحكومية الأوروبية لأجل عشرة أعوام ونظيرتها البريطانية آخذة في التقلص إلى أدنى مستوى منذ أكثر من شهر وذلك عند -1.565% مع بداية اليوم.
فيما يبدو أن كلا الاقتصادي يتنافسان في إظهار القدرة على الانتعاش واستعادة النمو والاحتفاظ بمعدلات الفائدة القياسية المرتفعة، وهو ما قد سمعناه على لسان مسؤولي السياسة النقدية سواء من البنك المركزي الأوروبي أو بنك إنكلترا.