اكتتاب أرامكو وسوق الأسهم السعودية
تم النشر في الخميس 2019-10-17
لم تواجَه سوق الأسهم السعودية بضغط متواصل بسبب الاكتتابات الأولية كما تواجَه اليوم لأسباب مرتبطة بملف طرح أرامكو الذي أعتقد أن إدارته الإعلامية لم ترتقِ إلى مستوى الكفاءة المطلوبة؛ وهو ما أثر سلبًا على المتداولين، وثقتهم المستقبلية بالسوق، خاصة أن غالبية أخبار الطرح الأولي، حجمه وموعده وآليته، باتت تأتي من وكالات ووسائل إعلام أجنبية، تمتلك كامل الحرية في طرح توقعاتها المبنية على تسريبات خاصة، تتحول مع مرور الوقت إلى حقائق ثابتة، لا تقبل الشك، في غياب تام للإعلام السعودي الذي تعرَّض لإقصائية، يصعب تفسير أسبابها أو القبول بها.
نتفق على أن أرامكو السعودية شركة عالمية، تؤثر في الاقتصاد العالمي، وأن هناك الكثير من المستثمرين والصناديق الأجنبية المهتمة بالاكتتاب؛ وهو ما يعزز بُعدها الدولي، ويستوجب التواصل مع المهتمين بها، غير أن طرحها الأولي يستهدف السوق السعودية، وليس الأسواق العالمية؛ وهو ما يفرض التعامل مع هذه الحقيقة بمنطقية، تضمن للسوق السعودية توازنها، وتوفر لها الشفافية المطلوبة، وتحمي مستثمريها من خسائر فادحة، لم تكن لتحدث لولا تجاذبات الطرح وأخباره المتضاربة.
يؤمن الغالبية بسيطرة الإعلام الغربي، وقدرته الخارقة على النشر والتأثير. وهذه حقيقة، لا يمكن تجاهلها، إلا أن تهميش الإعلام السعودي فيه الكثير من الظلم والتجني، خاصة مع وجود القيود الرقابية والقانونية التي تحد من اجتهاداته ومبادراته الاستقصائية، بخلاف ما يجده منسوبو الإعلام الغربي من رعاية وتجاوز تام عن أخطائهم التي ترتقي إلى نشر الشائعات المتداولة، والقصص المختلقة.
أحسب أن إدارة ملف طرح أرامكو هي المسؤولة عما حدث من انخفاضات حادة في سوق الأسهم، وهي المتسببة في الحد من مكاسب السوق المستحقة بعد ضم مؤشر «تداول» إلى المؤشرات الدولية للأسواق الناشئة. يطرح البعض أسبابًا أخرى مرتبطة بمتغيرات الربحية والقيمة العادلة للأسهم، وتدني كفاءة الصناديق، وهو أمر لا يمكن تجاهله، إلا أن تدفق أكثر من 70 مليار ريال على السوق كان كفيلاً بدفع المؤشر إلى ما فوق 9000 نقطة، وليس تراجعه إلى مستويات 7400 نقطة.
انخفض مؤشر السوق منذ شهر مايو الماضي ما يقرب من 21 في المائة، وانخفضت قيمتها السوقية بما يقرب من 350 مليار ريال، أي ما يعادل ضعف قيمة أسهم أرامكو المزمع طرحها محليًّا.
وبالرغم من حجم الخسائر الفادحة التزمت الجهات المسؤولة عن السوق الصمت، ولم تسعَ لمراجعة الوضع ووقف المؤثرات الخارجية وحماية السوق من تكهنات طرح أرامكو ذات العلاقة بحجم الطرح، أو موعده.
تتعامل الأسواق المالية بحساسية مفرطة مع الطروحات الكبرى، التي تؤثر في الأسواق العالمية، فكيف بالسوق السعودية محدودة الكفاءة والسيولة؛ ما يستوجب حمايتها والنأي بها عن تلك المؤثرات حماية للاقتصاد والمستثمرين والمدخرات، ودعمًا في الوقت نفسه لطرح أرامكو الذي يتطلب سوقًا كفؤة، وسيولة مرتفعة، وثقة ضامنة لدخول المستثمرين وتغطية الاكتتاب.
نقلا عن الجزيرة