مقالات

ارتداد دورة الأسواق

تم النشر في السبت 2020-01-04

 

هناء مكي

كما توقعت لها، أسعار المنتجات في انخفاض متواصل بحسب تقرير البنك الدولي، إنها دورة السوق التي ما إن تصل إلى أوجها حتى تعود للانحدار، ولكن هل هذا في مصلحة اقتصاداتنا أم في مصلحتنا الفردية؟.

هناك عوامل عالمية تتحكم في ارتفاع الأسعار، وهناك عوامل محلية تساعدها كذلك، فالعوامل العالمية كالحروب التجارية والأحداث الأمنية والسياسية، والكوارث الطبيعية، بعض الاكتشافات الجيولوجية، كلها ممكن أن تتحكم في أسواق فاعلة وترتد على باقي الأسواق، أما العوامل المحلية فلعل أكثرها فاعلية قانون الضرائب، العرض والطلب، سوق العمل المحلي، نسبة العمالة الوافدة، نسبة الاستثمارات، الواردات والصادرات، التضخم، يمكن إيجازها في السيولة المحلية، ومدى قدرة السوق على تنشيطها وتدويرها.

شهدت السنوات الماضية نشاط السوق الاستهلاكية بصورة كبيرة، بالذات مع وجود مصانع إعادة التعبئة والتصنيع في أسواقنا، وبدل أن ينخفض السعر ذهبت السلع في ارتفاع مخيف بسبب نشاط الطلب، حالة النشاط في الاستهلاك تلك التي كانت تنبئ بوضع صحي في سوق العمل، تبدو اليوم أنها تتراجع. وباتت مواسم التخفيضات كالمنقذ فهي ضرورة بعد ارتفاع الأسعار ككرة ثلج ولا يمكن رجوعها، الأمر الذي أدى لتراجع نسبة التوظيف بسبب انتكاسة في القطاع الخاص سببها تراجع النشاط الاستهلاكي، وارتفاع في معدل العمالة الوافدة، وتحويلات الأموال، وبعض القوانين المحلية التي تعنى بتصحيح بعض الثغرات كضريبة القيمة المضافة التي يجب أن تؤثر في العامل الأجنبي أكثر ليتخذ قرار العودة ويخلي عمله للمواطن، إلا أن ما يحدث كله أصبح قاسيا جدا على جيب المواطن الذي بات راتبه لا يتحمل كل هذا الاستنزاف، وعلى الرغم من أنه الوحيد الذي ينعش السوق المحلي صار يحاسب في عملية التبذير الاستهلاكية التي قوضت نشاط بعض القطاعات وساهمت في غلق العديد من المنشآت وفصل الكثير من العمال بالذات المواطنون، لنلاحظ بأنها عملية مستديرة ومتكاملة الحلقات لا يمكن فصلها عن بعضها.

إلا أن الاقتصاد ومع حالة الضبابية في التنبؤات قادر على أن يعيد بناء نفسه بنفسه بسبب تلك العملية المستديرة المتكاملة التي يكون مركزها «الفرد» المواطن ذاته، فهو العامل، وهو صاحب المال، وهو من يدير عمليتي العرض والطلب، وهو من يكون عامل جذب للاستثمارات، وهو من يساهم في تسييل المال وتدويره في الأسواق، وهو من يرفع الإنتاجية أو يخفضها، وهو من يقود إلى «الاختراع» في ظل الحاجة إذا وصل لطريق مسدود.

يقول مدير مجموعة آفاق التنمية بالبنك الدولي أيهان كوس «اعتمادًا على عائدات التصدير من مجموعة صغيرة من السلع الأولية، فإن الاقتصادات النامية المصدرة للسلع الأولية تكون عرضة للمخاطر لأن ارتفاع الطلب وارتفاع الأسعار يمكن أن يحفز على الابتكار ويسهل الإحلال فيما بين السلع».

لذا فإننا بحاجة اليوم لإعادة النظر في خطوات قادت لهذا الوضع، فجفاف السوق يؤثر في الاقتصاد أكثر من الفرد الذي سيحمي نفسه بنفسه، حماية السوق تتم بالاعتماد على المواطن.

نقلا عن الزميلة اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock