أين البونص؟
تم النشر في الأحد 2017-01-15
معتصم الفلو
انتهى عام 2016 بخيره وشره وحلوه ومره، والحمد لله على كل حال. وصحيح أن العام الماضي كان ثقيلًا على بعض الشركات، إلا أن العام ذاته كان خيرًا على شركات أخرى. فالأزمات وتأخر الرواتب أجبرت بعض الشركات على التسريح أو الإقفال أو الانسحاب من السوق، إلا أن ذلك شكل فرصة لشركات أخرى لتنمو وتزدهر. أعان الله الموظفين في الشركات والمصانع الخاسرة، فهم في وضع لايحسدون عليه، وهم ليسوا موضوع المقال على أي حال.
أما موظف الشركات أو المؤسسات الرابحة في القطاع الخاص، فلا يزال يسأل: أين البونص؟
ويجيبه آخر: ماهو البونص؟
فيرد عليه بأنه المكافأة السنوية التي تمنح للموظفين نهاية كل عام أو بداية العام التالي نظير الأداء الجيد الذي حققته الشركة.
وعند سؤال الإدارة العليا أو “Upper Management” كما يحبون أن يسموا أنفسهم، عن موعد “البونص” أو إن كانوا سيمنحونه أصلًا، فإن ملامح الوجوه، لدى الأكثرية الساحقة، ستتغير وسيظهر عليها التجهم وعدم الرضا بهذا المطلب “غير المحق”، حتى لو كانت أرباح الشركة عالية، فالظروف لا تسمح ووضع الاقتصاد لايتحمل، وتبدأ المقارنات غير العادلة بالحديث عن الشركات الأخرى وأن الناس يفقدون وظائفهم فيها!
وإذا كان المدير “ابن حلال”، فإنه سيقول لك “عن أي بونص تتكلم؟ احمد ربك عندك وظيفة..غيرك مو محصل”. وسوف تقال هذه العبارة بلهجات ولغات، تختلف بحسب جنسية المدير، سواء كان سعوديًا أو مصريًا أو لبنانيًا أو حتى هنديًا أو أمريكيًا. وليست هذه العبارة من عندياتي، بل هي شائعة ويرويها موظفون كثر.
أما إذا كان المدير يضمر لك الشر و”بالغت” في المطالبة، فإنه سيرفع في وجهك سيف “المادة 77″، التي تتيح له فصلك إذا كان عقدك غير محدد المدة بتعويض 15 يومًا عن كل سنة عمل، فقط بإبلاغك قبل موعد الفصل بثلاثين يومًا عبر خطاب مكتوب أو برسالة بريد إلكتروني؛ حتى يوفر على نفسه عبء الطباعة ويحافظ على الأشجار التي يستخرج منها الورق! وكم من موظف طالته يد الفصل والإبعاد، فقط لأنه طلب زيادة اعتيادية أو مكافأة آخر العام.
بالتأكيد لم تحصد الشركات الخاصة أو المصانع أرباحها، فقط بسبب “حنكة” المدير أو الرئيس التنفيذي، وإنما بالجهد الجماعي لجميع الموظفين، من أكبرهم إلى أصغرهم؛ دون استثناء. ولكن من يستأثر بتلك المكافآت قلة قليلة فقط، تتمثل في الرئيس التنفيذي وأعوانه والمقربين إليه. أما الآخرون، فلا اعتبار لهم، وليحمدوا ربهم أنهم على رأس العمل!
أذكر أن صحيفة “أرقام”الإلكترونية تنشر كل عام تقريرًا تحت عنوان ” لمكافآت والرواتب لكبار التنفيذيين في الشركات السعودية”، توضح فيه حجم الرواتب والمكافآت للشركات المدرجة في سوق الأسهم. الغريب في الأمر أن هناك عددًا لا يستهان به من الشركات الخاسرة أو التي حققت أرباحًا أقل، إلا أن كبار المديرين حصلوا على زيادات في المكافآت والرواتب!
الأمر ذاته يحصل في الشركات غير المدرجة، وما أكثرها، فهناك طبقة مديرين تستأثر بالنعيم، وموظفون “غلابة” يحسدونهم على رواتبهم ويمننون عليهم بقاءهم في وظائفهم!
من جهة أخرى، لاشيء في القانون السعودي يجبر الشركات على تقديم مكافآت عند تحقيق الأرباح، وبالكاد تكتبها الشركات ضمن عقود العمل. فلا يمكن لموظف أن يجبر رب العمل على دفع أي مكافآت غير مدرجة في العقود، وإنما يتم الأمر بشكل ودي ويخضع لتقدير المديرين ومزاجاتهم، وأيضًا ضميرهم بحسب توفره لديهم.
ومما يشجع طبقة الإدارة العليا على مواصلة السير في هذا الاتجاه عدم وجود أي نوع من الضرائب على الرواتب ذات الأصفار الأربعة أو الخمسة!
وما على الموظف إلا أن يتوقف عن المطالبة، أما المتفائلون بالـ”بونص”، فندعوهم أن يغنوا “يا ليل ما أطولك”.