تم النشر في الأحد 2018-01-28
أدت عمليات بيع الدولار على مدى سبعة أسابيع متتالية إلى دعم ارتفاع قوي في أسعار السلع، ليس أقلها الطاقة والمعادن الثمينة. وبلغ الأمر ذروته هذا الأسبوع عندما وصل مؤشر بلومبرج لموقع الدولار، والذي يتتبع أداء الدولار بالمقارنة مع عشر عملات أجنبية رائدة، بما في ذلك اليوان الصيني، إلى مستوى جديد هو الأدنى له منذ ثلاثة أعوام.
ونجح النفط الخام في استرداد نصف خسائره التي تكبدها خلال عمليات البيع في الفترة بين عامي 2014 و2016، بينما عاد الذهب مجدداً ليتحدى منطقة المقاومة فوق 1350 دولار أمريكي، حيث تم رفضه في ثلاث مناسبات سابقة منذ عام 2014.
وشهدت أسعار الغاز الطبيعي ارتفاعاً أكبر لتتجاوز نطاق التداول الذي كان سائداً لأكثر من عام. وبالرغم من المسار الحالي للإنتاج القياسي، مالت كفة المقياس لصالح المضاربين على الارتفاع نتيجة للسحوبات الأسبوعية الكبيرة والمتتالية من المخزونات، والتوقعات بطقس بارد ومستمر حتى فبراير.
وأدى تراجع أسعار الدولار إلى دعم قطاع الحبوب الذي بدت عليه مؤشرات نشاطٍ طفيفة. وحدث ذلك في مزيج من زيادة القدرة التنافسية للصادرات بالنسبة للعقود المقومة بالدولار، وحاجة الصناديق إلى الحد – مما كان إلى وقت قريب – مركز بيع قياسي على المكشوف في المحاصيل الرئيسية الثلاثة وهي الذُرة والقمح وفول الصويا. وفي الوقت الذي حصلت فيه عقود المحاصيل التي تم تداولها في بورصة شيكاغو على الدعم، لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة لعقود القمح المقوّمة باليورو والمتداولة في باريس. وبينما لم تتغير الأساسيات السلبية من حيث الارتفاع الحالي لحجم العرض كثيراً، يبقى أن نرى مدى قدرة القطاع على التداول بأسعار أعلى بالاعتماد فقط على الارتباط بالعملة.
واصلت أسعار الذهب ارتفاعها على مدار الأسبوع، وبالرغم من الحاجة إلى تعزيزها، تمكنت هذه الأسعار من الصعود إلى منطقة المقاومة الرئيسية بين 1357-1380 دولار للأونصة. وفي هذه المرحلة، أصبحت مختلف العوامل المحددة لحركة الذهب والمعادن الثمينة عموماً تميل حالياً لصالح المعدن.
ولا شك أن الدافع الأكبر ما يزال الدولار الذي وعلى الرغم من تسجيله مستوى ثابتاً تقريباً من الدعم خلال الأسابيع السبعة الماضية استمر في حالة الضعف السابقة. ولكن إلى جانب الدولار، ينبغي الإشارة إلى العديد من العوامل الأخرى.
- وخلال هذه الحالية، شهدنا خمس عمليات رفع لأسعار الفائدة الأمريكية حتى الآن بما يشير إلى تراجع الذهب عن مستوى النقطة التي بدأ التعافي منها. وبدأ الارتفاع الأخير بعد رفع أسعار الفائدة في 13 سبتمبر.
- ولكن ما هو المستوى الحقيقي للتضخم؟ فيما يبدو مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي معلقاً حول 2%، ارتفع مؤشر التضخم الفيدرالي في نيويورك إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من 10 سنوات.
- وبقيت المكاسب الحقيقية مرتبطة بمعدلات تتراوح مع ارتفاع العائد الاسمي الذي تم تعويضه بارتفاع مكاسب نقطة التعادل.
- ويشير الاتجاه العام لأسعار السلع الأساسية إلى الارتفاع، بينما يستفيد الذهب من ذلك عبر اعتباره من المكونات الأساسية لمعظم المؤشرات الرئيسية.
- وقد أدت حالة الرضا السائدة في السوق حالياً حيال الضغوط على التقلبات في معظم فئات الأصول والأسهم عند مستويات قياسية إلى زيادة الطلب على الحماية والتنويع.
- كما ازدادت مؤشرات المخاطر الجيوسياسية منذ تولي ترامب منصبه الرئاسي نظراً للمخاطر الدبلوماسية الكبرى وعاداته المثيرة للجدل في أفضل حالاتها في التعبير خاصةً على حسابه على موقع ’تويتر‘. ويتجه التركيز الحالي نحو مخاطر الحروب التجارية وكوريا الشمالية وإيران مقابل الولايات المتحدة الأمريكية.
- وبصورة عامة، افتقدت البيانات الاقتصادية من الولايات المتحدة الأمريكية للتوقعات في الشهر الماضي، مما زاد من مخاطر التباطؤ الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية.
- ولا يزال الطلب على الاستثمار ثابتاً، حيث وصلت الحيازات في المنتجات المتداولة في البورصة إلى أعلى مستوى لها منذ 55 شهراً من حيث الطلب الثابت من المستثمرين على المدى الطويل، في حين كانت صناديق التحوط بمثابة مشترٍ قوي منذ منتصف ديسمبر.
وصل الذهب إلى عتبة المقاومة عند 1366 دولار للأونصة قبل العثور على البائعين وبعد ارتفاعه بمقدار 130 دولار منذ 12 ديسمبر ودون أي تراجع كبير؛ وبصورة متزايدة، تظهر حاجة المعدن الأصفر الكبيرة للتدعيم. وما يزال الطلب الأساسي قوياً، ومن شأن وقوع تغير كبير في التوقعات السلبية الحالية لأسعار الدولار المساس بهذه المعنويات. ومع ذلك، لا ينبغي استبعاد حصول تصحيح صحي تراجعي مجدداً نحو 1316 دولار في هذه المرحلة.
ويظهر الرسم البياني على المدى الأطول أن اختراق عتبة 1380 دولار للأونصة يمكن أن يدفع الذهب نحو استهداف 1484 دولار للأونصة.
واصل النفط الخام ارتفاعه حيث وجد الدعم نتيجة تراجع أسعار الدولار والتعليقات الداعمة من المملكة العربية السعودية وروسيا، واستمرار انخفاض مخزونات النفط الخام في أمريكا. ولم يتوقف هذا الارتفاع إلا بعد أن تمكن كل من خام غرب تكساس الوسيط وبرنت من استعادة نصف خسائرهما خلال عمليات البيع في الفترة بين عامي 2014-2016.
ومن المرجح أن يؤدي التباطؤ الموسمي في الطلب على المصافي، وارتفاع مخزونات البنزين نظراً لانخفاض الطلب خلال شهور الشتاء والارتفاع المستمر في معدلات الإنتاج، إلى إيقاف التمدد القياسي للتخفيضات الأسبوعية في مخزون النفط الخام.
وبمجرد حصول ذلك، من المرجح أن يتحول تركيز السوق نحو الارتفاع الحثيث في الإنتاج الأمريكي الذي يمكن أن يتجاوز قريباً 10 مليون برميل/يومياً. وفضلاً عن عملية شراء قياسية بلغت نحو 1.1 مليار برميل أجرتها حسابات مضاربة، فإن ذلك قد يؤدي – بالحد الأدنى – إلى عملية توقف وإمكانية تصحيح.
يمكننا أن نلمس الخطورة بالنظر إلى التأثير على أسعار النفط في بضع مئات من آلاف البراميل يومياً في العرض أو الطلب المتغير- وخاصة خلال الأشهر المقبلة – منحرفاً لخفض الأسعار مع النفط الخام برنت أكثر احتمالاً للاستقرار في النطاق بين 60-70 دولاراً بدلاً من الارتفاع المستمر.
وعلى الأرجح، يشكل ضعف الدولار المقترن بالمخاطر الجيوسياسية (مررنا بالكثير منها في النصف الثاني من عام 2017) مصدراً رئيسياً للدعم، ويمكن أن تغيّر من توقعاتنا حيال انخفاض الأسعار خلال الربع الأول من عام 2018.
وعلى المدى القصير، سيتوفر الدعم عبر الارتفاعات الأخيرة عند 65 دولار في خام غرب تكساس الوسيط و70 دولار في خام برنت، فيما قد يشير الاختراق إلى بداية محتملة لمرحلة التصحيح.