أسواق الذهب والفضة تتراجع متأثرة باحتمالات رفع أسعار الفائدة وتأرجح في أسعار النفط
تم النشر في الأحد 2017-03-05
تتوجه الأنظار في الأسواق مرة أخرى نحو اجتماع ’مجلس الاحتياطي الفيدرالي‘ حول السياسات المالية الذي سينعقد في 15 مارس الحالي، حيث أدّت بعض التصريحات الصادرة عن عدد من الأعضاء المصوتين في ’لجنة السوق المفتوحة الاتحادية‘ إلى زيادة الاحتمالات برفع أسعار الفائدة إلى أكثر من 70%، وهو الأمر الذي انعكس بشكل ملحوظ على حركة الأسواق.
وسجل سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل العملات الأجنبية أعلى مستوياته خلال 7 أسابيع، في حين ارتفعت عائدات السندات الحكومية الأمريكية لأجل عامين إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2009. كما شهدت الأسهم ارتفاعاً كبيراً يوم الأربعاء عقب خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الكونجرس مساء الثلاثاء. وساهمت خطته للبنية التحتية، إلى جانب الإشارات التي أبداها حول تسوية قضية الهجرة وتسريع وتيرة ارتفاع بيانات التصنيع في ارتفاع الأسهم. ويعود ذلك جزئياً إلى الرافعة المالية لصناديق التحوط التي تغطي المراكز المالية القصيرة.
وسجل قطاع السلع الزراعية أداءً إيجابياً بشكل عام وخاصة سلعتي القمح وفول الصويا. بينما لم يطرأ تغيير على تداول المعادن الصناعية، حيث عانت أسواق النحاس في اكتساب أي زخم يتيحه توقف إمداداتها الرئيسية من تشيلي وإندونيسيا. وتعرضت أسعار المعادن الثمينة لانتكاسة بسبب جني الأرباح، في الوقت الذي تراجعت فيه بعد رفع أسعار الفائدة الأمريكية مرتين خلال وقت سابق.
وحققت أسعار الغاز الطبيعي بعض المكاسب الصغيرة بالرغم من أنها شهدت أول إمدادات أسبوعية تتم خلال شهر فبراير على الإطلاق، ومن المرجح أن تبقى المخزونات الإجمالية أقل من مثيلاتها في العام المنصرم عندما يبدأ موسم الإمدادات بعد شهر. وكانت مكاسب النفط الخام أقل مع تسجيل المتداولين رقماً قياسياً في عدم البدء بالتداولات بغية الحد من المخاطر المحتملة، بينما تأرجحت أسعار خام غرب تكساس الوسيط بين أفضل مستوى لها خلال 7 أسابيع وأقل مستوياتها في 3 أسابيع وذلك خلاف فترة أيام معدودة فقط. ومن شأن ذلك كله أن يوفر لنا لمحة عن النطاق الضيق لأي تغيرات كبيرة يمكن أن نشهدها خلال المستقبل القريب. (وفيما يلي المزيد من التفاصيل حول قطاع النفط).
وسجل ’مؤشر بلومبرج للسلع‘ انخفاضاً في التداولات للأسبوع الثالث متابعاً هبوطه لهذا العام. وبالرغم من انعدام دعم الأسعار حالياً، فقد شهدنا مواصلة صناديق التحوط مراكمة تداولاتها اعتماداً على السلع الصاعدة في سوق العقود الآجلة خلال هذه الفترة. وبلغت الاستثمارات طويلة الأمد في العقود الآجلة لـ 24 سلعة رئيسية مستويات قياسية خلال الأسبوع الماضي حيث تم تداول أكثر من 2.4 مليون حصة.
وفيما يلي رسم بياني يوضح السلع التي تجازوت المعدلات الطبيعية وحيث تكون مخاطر التصحيحات مرتفعة في حال فشلت الإجراءات التصحيحية الأساسية في توفير الدعم. وقد شهدنا بوادر حدوث ذلك خلال الأسبوع الحالي مع عدد من السلع أولها الفضة وليس آخرها النفط التي يبلغ إجمالي استثمار العقود الآجلة فيها أكثر 900 ألف حصة أو ما يعادل 900 مليون برميل نفط.
من ناحيته، أنهى النفط الخام شهر فبراير متأرجحاً حول القيمة السعرية التي بدأه منها خلال نفس الشهر، وأفضت العمليات التجارية المرتبطة به إلى أدنى مستويات للتداول الشهري منذ بدايات عام 2004.
وبقيت أسعار النفط عند نطاق محدد، ولكنه بعد أن فشل في تحقيق مستويات أعلى بدأ يتخذ منحى هابطاً متأثراً بعدة أسباب ليس أقلها البيانات الاقتصادية الأمريكية الصادرة مؤخراً والتي تظهر ارتفاع مستويات المخزون والإنتاج. وحظيت الجهود الناجحة لخفض إنتاج النفط التي بذلتها ’أوبك‘ حتى الآن ببعض الاهتمام، خاصة وأنها لاقت دعماً متنامياً من جانب المملكة العربية السعودية. بينما أبدى عدد من المنتجين الرئيسيين مثل العراق والإمارات وفنزويلا، التي كانت الأوضح في تصريحاتها بهذا الشأن، تباطؤاً في الاستجابة إلى متطلبات تخفيض الإنتاج إلى المستويات التي تم الاتفاق عليها.
ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى بروز بعض المخاوف المتعلقة بمدى قدرة هذا الاتفاق على الاستمرار، مع الأخذ بعين الاعتبار الدول المنتجة من خارج منظمة أوبك – بما فيها روسيا- التي لا تزال بعيدة عن الالتزام بمتطلبات خفض الإنتاج. ونتيجة لهذه التطورات، اتجه قطاع النفط إلى تحقيق أكبر خسارة أسبوعية له خلال شهرين.
وأصبحت صناديق التحوّط التي كانت من أكثر المشترين نشاطاً منذ نهاية شهر نوفمبر تقف عند مراكز مالية عاجزة عن تحسين أدائها أو، في أسوأ الحالات، عند مراكز خاسرة. ويشكل حالة عدم تحسن أداء النفط والتي بلغت مستويات قياسية السبب الرئيسي لحفاظنا على ميلنا السلبي على المدى القصير واستمرارنا في توقع هبوط أسعار خام برنت إلى 50 دولار أمريكي/برميل قبل التوقع بارتفاعه إلى 60 دولار/برميل.
ويعزز الإغلاق لما دون 52 دولاراً أمريكياً لبرميل خام غرب تكساس الوسيط و55 دولاراً لخام برنت من مخاطر حدوث حركة بيع طويلة الأجل خلال الأسبوع المقبل.
ومجدداً، تواجه أسواق الذهب والفضة 3 تحديات رئيسية تتمثل بتزايد احتمالات رفع أسعار الفائدة الأمريكية في يوم 15 مارس الجاري، وترافق ذلك مع الاتجاه التصاعدي للدولار والسندات الحكومية الأمريكية. وفي نفس الوقت، ليس ثمة ما يدل على أن أسواق الأسهم ستتخذ أي إجراءات وقائية.
ومن المرجح ليوم 15 مارس أن ينطوي على الكثير من الأحداث ذات المخاطر العالية. فعلاوة على ترجيح قيام ’لجنة السوق الفدرالية المفتوحة‘ برفع أسعار الفائدة وانقضاء فترة السماح الخاصة بسقف الديون الحكوميّة الأمريكية، تبدأ في هذا اليوم أيضاً الانتخابات الهولندية التي تعتبر أولى الانتخابات الأكثر أهمية والتي يتم إجراؤها خلال العام الحالي على مستوى القارة الأوروبية.
وخلال أخر مرتين عمدت فيهما ’لجنة السوق الفدرالية المفتوحة‘ إلى رفع أسعار الفائدة كانت ردة فعل أسعار الذهب سلبية خلال الفترة التي سبقت الإعلان لتستعيد زخمها بعد ذلك. ففي شهر ديسمبر 2015، خسر الذهب 2% من قيمته خلال الشهر الذي سبق الإعلان عن رفع أسعار الفائدة، ليعود بعدها ويحقق مكاسب بلغت 2.6% خلال الشهر التالي. أما ردة فعله تجاه رفع أسعار الفائدة في شهر ديسمبر 2016 فكان الانخفاض بنسبة 5% (ولعب انتخاب الرئيس ترامب دوراً في ذلك)، ليسجل ارتفاعاً بعد ذلك بنسبة 3.4%
وعلى مدى الأسابيع الثمانية الماضية، شهدنا طلباً كبيراً على الفضة. وحدث ذلك في الوقت الذي كانت فيه صناديق التحوّط ذاتها مترددة بشأن موقفها من الذهب. وأدى هذا الزخم إلى بلوغ نسبة الذهب إلى الفضة أدنى مستوياتها خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية في شهر نوفمبر الماضي. وزادت هذه التطورات من مخاطر حدوث إجراءات تصحيحية قوية تطال أسعار الفضة عند تراجع الإقبال على شراء الذهب.
تراجع الإقبال على شراء الذهب بعد فشل الأسعار في تخطي عتبة المتوسط الذي سجله لفترة 200 يوم والتي بلغت 1,261 دولاراً أمريكياً/أونصة، وبدأت عمليات جني الأرباح مع تنامي الاحتمالات برفع أسعار الفائدة الأمريكية. وفي هذه الأثناء، واجهت أسعار الفضة صعوبة في تجاوز عتبة الـ 18.38 دولاراً/أونصة، التي كانت تراجعاً بنسبة 50% عن المكاسب التي حققها في الفترة بين شهري يوليو وديسمبر. وبمجرد توقف الاتجاه التصاعدي هبطت أسعار الفضة بنسبة 4% خلال دقائق معدودة يوم الثلاثاء الماضي.
واستناداً إلى مستويات تراجعها، يمكن لأسعار الفضة أن تهبط إلى 16.70 دولاراً/أونصة دون أن يطرأ تغيير على توجهه التصاعدي على المدى البعيد في الأسواق. وقبل أن يحدث ذلك، سيكون هنالك تركيز قوي على بلوغ الفضة عتبة الـ 17.37 دولاراً/أونصة. بوصفه يشكل مستوى سعرياً مرفوضاً قد يشار إليه على أنه ’مجرد‘ تصحيح ضعيف ضمن توجهه التصاعدي القوي. ومن هنا، فلا شك أن الفضة ستشهد تداولات تتسم بطابع التوتر.
من ناحية أخرى، يواجه الذهب مرة أخرى الكثير من الصعوبات، ولكنه ما زال متماسكاً بشكل جيد أمام التحديات التي وردت آنفاً. وساهمت الانتكاسات التي شهدها ارتفاعه الأخير والتي بدأت خلال منتصف شهر ديسمبر الماضي في أعقاب رفع أسعار الفائدة بتعزيز اهتمام المستثمرين في شراء الذهب بهدف تنويع محافظهم المالية وسط المخاطر السياسية الراهنة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا.
ويبقى النطاق السعري المنشود من ناحية الحفاظ على الدعم متأرجحاً بين 1,220 – 1,210 دولار أمريكي/أونصة كما هو مبين في الرسم البياني أدناه. ونحن نرجح أن يأخذ الذهب منحى تصاعدياً، ونتوقع بأن رفع أسعار الفائدة في يوم 15 مارس قد ساهم اليوم في تحديد الأسعار بشكل كامل. ونرى بأنه يمكن للذهب الاستفادة إلى حد كبير من عدم احتمال إبقاء ’لجنة السوق الفدرالية المفتوحة‘ على أسعار الفائدة كما هي.