أسعار السلع تتراجع بصورة ملحوظة بالتوازي مع استمرار سياسة الابتعاد عن الاستثمار في الصناديق
تم النشر في الأحد 2017-03-26
سجلت أسعار معظم السلع تراجعاً ملحوظاً مرةً أخرى خلال هذا الأسبوع مع بلوغ ’مؤشر بلومبيرج للسلع‘ أدنى مستوياته خلال 4 أشهر. ويعزى هذا الضعف إلى الصناديق التي تسببت في تراجع وتيرة التوقعات التي كانت تراهن على العقود الآجلة في قطاعات الطاقة والمعادن والزراعة.
وبحسب تقرير اعده أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع لدى ’ساكسو بنك‘ ساعد بيع كمية قياسية من النفط الخام خلال الأسبوع المنتهي بيوم 14 مارس على تحقيق المزيد من الاستقرار للسوق باعتبار أن هذا الأمر ساهم في تقليص ضغوط البيع الناجمة عن زيادة الرهانات الصاعدة (التي تجاوزت مؤخراً حاجز المليار برميل). ووجد الدعم عند مستوى 50 دولار أمريكي لبرميل خام برنت، مما قد يشير إلى فترة جديدة من التداول ضمن نطاق محدد، وإن كان ذلك التداول عند مستويات أدنى.
واشار الى انه ومع ذلك، سجل عدد المراكز المفتوحة قصيرة وطويلة الأمد لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط مستوىً قياساً جديداً. ومن شأن ذلك أن يضمن حدوث المزيد من التقلبات واحتمال تجدد ضعف الأسعار قبل أن تنجح ’أوبك‘ في تقليص فائض العرض العالمي.
ومن ناحية أخرى، واصلت المعادن الثمينة التعافي من عمليات البيع التي سبقت اجتماع لجنة السوق المفتوحة الاتحادية. وتم توفير الدعم المطلوب من خلال الدولار الأمريكي الضعيف وعائدات السندات المنخفضة والشكوك التي تحيط بقدرة الرئيس دونالد ترامب على تمرير أجندته أمام الكونجرس. ومع ذلك، بقي الطلب على الاستثمار خافتاً مع وجود حاجة ماسة لتجاوز المستويات المرتفعة المسجلة مؤخراً من أجل استقطاب المزيد من الاهتمام.
واضاف ان القطاع الزراعي المدفوع بالمحاصيل الرئيسية التي تشتمل على الذرة والقمح وفول الصويا يخضع لضغوط متجددة قبيل بداية موسم الزراعة الأمريكي. وقدمت محاصيل الذرة وفول الصويا الوفيرة في أمريكا الجنوبية إضافةً كبيرة للإمدادات العالمية الوافرة بالفعل. وفي يوم 31 مارس، ستصدر وزارة الزراعة الأمريكية بيانات تتناول نوايا المزارعين الأمريكيين خلال الموسم المقبل. وتستحوذ الصناديق حالياً على مراكز مفتوحة قصيرة الأمد بالنسبة لكل من الذرة والقمح، في حين تنسجم المراكز المفتوحة طويلة الأجل لفول الصويا مع متوسط السنوات الخمس لهذا الوقت من العام.
سجل النحاس مستوىً أدنى من التداول بالتوازي مع الانخفاض التدريجي لحدة تعطل الإمدادات القادمة من أكبر منجمين في العالم. كما انتهى إضراب العمال الذي استمر لمدة 6 أسابيع في منجم ’إسكونديدا‘ التشيلي، أكبر مناجم النحاس في العالم. وخلال تلك الفترة، فشل النحاس في مواجهة تحدي الصعود مع تسجيل صناديق التحوط لنصف ما كان يعتبر رهاناً صاعداً قياساً في 31 يناير.
وارتفعت أسهم النحاس التي ترصدها ثلاثة بورصات رئيسية في كل من نيويورك ولندن وشنغهاي. وفي الصين التي تعتبر أكبر مستهلك للنحاس في العالم، سجلت الأسهم القابلة للتسليم التي ترصدها العقود الآجلة المتداولة في بورصة شنغهاي زيادةً بمعدل تجاوز الضعف خلال العام الحالي في حين شهدت واردات المنتجات المكررة والمركزة انخفاضاً ملموساً.
وسجل كل من الذهب والفضة مستوىً أعلى من التداول للأسبوع الثاني مع استمرار تلاشي الشعور السلبي الذي سبق الاجتماع الأخير للجنة السوق المفتوحة الاتحادية. وفيما يتعلق بالرئيس ترامب والعامل السياسي الأمريكي، أدى التأجيل المبدئي للتصويت على قانون الرعاية الصحية الجديد إلى منح يوم الجمعة المحدد كموعد للتصويت صفةً ’مصيريةً‘، حيث سيثير أي فشل في هذا الإطار التساؤلات حول قدرة الرئيس على تنفيذ أي سياسات رئيسية أخرى تتعلق بالضرائب أو الإنفاق على البنية التحتية.
وبالرغم من هذه العوامل التفاؤلية، يطغى شعور ’بالترقب‘ على جموع المستثمرين. ولم يشهد الطلب على الاستثمار من خلال المنتجات المتداولة في البورصة وخاصةً العقود الآجلة أي انتعاش حتى الآن مع الحاجة لتجاوز عتبة الارتفاع الأخير بفارق مقنع من أجل استقطاب المزيد من الطلب.
ونحن نحتفظ بتفاؤلنا حيال الاعتقاد بتلاشي احتمال تحقيق الدولار لمزيد من الارتفاع، وخاصةً بعد أن شهدنا صعود ’مؤشر مديري المشتريات‘ (PMI) الذي يعتبر بمثابة مقياس للنشاط التجاري في منطقة اليورو إلى نقطة قريبة من أعلى مستوياته خلال 6 سنوات. ومن شأن هذا الأمر أن يرفع من مخاطر تراجع البنك المركزي الأوروبي بالتوازي مع انخفاض مستمر لمراكز زوج العملات اليورو- الدولار المباعة.
وستواصل المخاطر الجيوسياسية استقطاب المزيد من الطلب من منظور التنويع. وفي الوقت الراهن، يتم تداول الذهب عند سعر ثابت بعد ارتفاع بنسبة 4% منذ 15 مارس. ومن شأن أي ارتفاع فوق عتبة 1265 دولار للأونصة أن يشهد عودة السوق لتجاوز المستوى الذي لامسته على مدى 200 يوم، مستهدفةً 1282 دولاراً للأونصة وفي نهاية المطاف 1295 دولاراً للأونصة، وهو خط الاتجاه الهبوطي لعام 2011.
وسجل النفط الخام مستوىً أدنى من التداول للأسبوع الثاني وبالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الدول المنتجة للنفط من داخل منظمة ’أوبك‘ وخارجها لدعم السوق عبر تقليص إنتاج النفط، شهدنا تراجعاً ملموساً للأسعار بواقع 12% منذ أوائل شهر يناير. وكانت معظم الخسائر في الأسعار ناجمةً عن نجاح ’أوبك‘ في مساعيها ’لإقناع‘ السوق بخطة تقليص الإنتاج.
وساعدت الثقة التي تخللت الصفقة على إطلاق العنان لموجة شراء قوية وغير قابلة للاستمرار في نهاية المطاف من قبل صناديق التحوط. وفي شهر فبراير الماضي، بلغت موجة الشراء هذه ذروتها مع رهان صاعد تجاوز حاجز المليار برميل من النفط الخام.
وأدى التصحيح الأولي الذي تم إطلاقه بعد نمو آخر قوي للمخزونات الأمريكية لحدوث أكبر انخفاض أسبوعي مسجل مع خفض مراكزها المفتوحة طويلة الأمد بما يزيد عن 153 مليون برميل. وحافظت المراكز المفتوحة طويلة الأمد بتاريخ 14 مارس على مستوياتها المرتفعة عند 721 مليون برميل مع كون الانخفاض ناجماً عن التصفية الطويلة وعمليات البيع على المكشوف الجديدة.
وتواصل الفائدة المفتوحة (التي تمثل عدد المراكز المفتوحة طويلة وقصيرة الأمد من العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط) تسجيل مستويات قياسية جديدة. ومن المرجح أن يشير هذا الأمر إلى استمرار التباين الكبير بين المراكز لفترة من الزمن.
وستستضيف مدينة الكويت يوم 26 مارس اجتماع لجنة مراقبة سوق النفط التي تضم خمس دول وتهدف لمراقبة تطبيق اتفاق خفض الإنتاج الصادر بتاريخ 10 ديسمبر 2016. وبالرغم من أنه قد لا يتم الإعلان عن تمديد الاتفاق الحالي قبل اجتماع ’أوبك‘ المقرر يوم 25 مايو في فيينا، من المرجح أن نشهد تقديم بعض المقترحات في إطار الاستجابة لتجدد ضعف الأسعار.
ويعزى تحقيق منظمة ’أوبك‘ لمستوىً عالٍ من الامتثال بشكل رئيسي إلى التزام المملكة العربية السعودية بحصة أكبر من المتفق عليها. وبطبيعة الحال، من المرجح أن تؤدي حالة عدم الامتثال التي نشهدها عند دول منتجة رئيسية من أمثال العراق ومن خارج المنظمة مثل روسيا إلى نشوء تحديات وحواجز جديدة عندما يتعلق الأمر بتمديد الاتفاق.
وكانت السعودية قد حذرت من عدم التقيد بحصص الإنتاج وقد يكون من الصعب جداً تحقيق ذلك دون موافقة الدول المنتجة من خارج المنظمة على تمديد الاتفاق. وكان النقاش المتجدد حول تمديد الاتفاق قد ساعد النفط على تأسيس دعم عند مستوى 50 دولاراً للبرميل، ولكن من المرجح أن يكون التأثير محدوداً بالنظر إلى التحدي المتمثل بتحقيق المستوى المطلوب من الامتثال من قبل جميع المشاركين.
ووجد خام برنت الدعم عند مستوى 50 دولاراً للبرميل الذي يمثل أيضاً دعماً على الرسم البياني الأسبوعي الذي يعود للانخفاض إلى أدنى مستوىً له خلال عام 2016. ونفضل أن نلتزم الحياد بعد رؤية النفط يبلغ هدفنا المحدد على المدى القصير ويطرح نطاقاً أدنى يتراوح بين 50 و53 دولاراً للبرميل. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن نعترف بأن أي انخفاض دون مستوى الـ 50 دولاراً للبرميل قد يؤدي إلى تصفية طويلة إضافية قد تجعل بدورها خام برنت يستهدف نطاق 45-46 دولار للبرميل الذي يمثل المستوى المنخفض الموحد الذي تم تسجيله خلال منتصف العام الماضي.