مستقبل صناعة النفط في السعودية
تم النشر في الأثنين 2020-02-10
د.عبد الحفيظ محبوب
لا شك سيكون مستقبل صناعة النفط مليئًا بالتحديات على غرار العقد السابق، ولا أود التقليل من أهمية النفط مستقبلاً وفي نفس الوقت المبالغة في أهميته، المهم أن الدولة اتخذت قرارًا في اعتبار النفط أحد القطاعات الإنتاجية، وكمحرك للاقتصاد الكلي، ولكنه لن يستمر اقتصاد السعودية اقتصاد آحادي كما كان في الفترة الماضية لا يتناسب مع مكانة السعودية وما تمتلكه من مقومات عديدة.
وبنظرة تحليلية حول ميزانية السعودية حتى عام 2013 لم يكن هناك عجز في ميزانية الدولة سوى في عام 2009 بنحو 87 مليار ريال، وكان أكبر فائض في ثلاث سنوات بين 2011 – 2013 بنحو تريليون ريال، لكن منذ عام 2014 بدأ عجز ميزانية الدولة بنحو 66 مليار ريال ثم ارتفع إلى 367 مليار ريال في 2015 ثم انخفض قليلاً إلى 326 مليار ريال في 2016 ونحو 297 مليار ريال في 2016 ونحو 230 مليار ريال في 2017 انخفض إلى 195 مليار ريال في 2018 ونحو 131 مليار ريال في 2019، وحسب التحول الوطني يجب أن يكون عجز الميزانية صفرًا في 2023 بدلاً من 2020 ريثما تقطف الرؤية بعضًا من ثمارها بجانب تأكيد النمو الاقتصادي في الاستدامة المالية وكذلك التركيز على كفاءة الإنفاق مع مشاركة القطاع الخاص لتحقيق رؤية 2030.
هناك من يعد أن ترك «أوبك» ترتفع أسعار النفط فوق مائة دولار للبرميل لسنوات طويلة أسهمت في ظهور تقنيات مضادة لـ»أوبك» مثل تقنية التكسير الهيدروليكي في حوض تكساس وأوكلاهوما وغيرها بجانب الحفر العميق في البحار وهناك محاولات للتنقيب في القطب الشمالي هذا بجانب الاستثمار في تطوير البدائل بسبب أن دول الـ»أوبك» كانت تبحث عن سعر عادل للنفط طيلة السنوات الماضية، ويعدون أن النفط سلعة ليس لها سعر عادل.
أعتقد أن المشكلة ليست هنا بل كانت تتركز حول زخم الفوائض التي جعلت دول الأوبك تركن إلى إيرادات النفط بدلاً من اعتبار النفط كمحرك للنمو الاقتصادي وأن تتحول الفوائض إلى استثمارات لتنويع مصادر الدخل لتشكيل عائد مستقبلي كي يوسع من القاعدة الإنتاجية، ويرفع من القيمة المضافة، ويوفر فرصًا وظيفية التي تفرض تغيير نمط التعليم في الجامعات من أجل أن ترتبط المخرجات بحاجات سوق العمل.
يجب النظر إلى أن مستقبل النفط يجب ألا يكون الدخل الوحيد للنمو الاقتصادي كدخل ريعي تعتمد عليه كافة قطاعات الدولة والمجتمع وهو يعد أكبر تحد تعتمد عليه الميزانيات العامة، ولا يمكن أن نعد التحديات في استمرارية النفط كسلعة على المدى البعيد، صحيح أن الدولة بنت احتياطيات نقدية كبيرة ومن المفيد أن تستخدمها اليوم للصمود أمام تآكل مداخيلها ريثما تقطف ثمار رؤيتها في التحول الاقتصادي الشامل.
سيظل النفط الوقود الأكثر أهمية ومبيعًا، لكن التطور البشري لن يقف على سلعة واحدة لقرنين من الزمن، لذلك علينا بناء نظام اقتصادي إنتاجي مستدام غير معتمد بشكل كلي على اقتصاديات النفط.
عن الزميلة الجزيرة