اقتصاد العالمالأخبار
غازات البطن المشكلة الاكثر شيوعا عند المسافرين بالطائرة
تم النشر في الأثنين 2015-01-05
يواجه المسافرون العديد من المشاكل المعقدة والمتعددة فى كل مراحل السفر إلا أن هناك مشكلة كبرى تواجه الغالبية العظمى من المسافرين لأنها ترتبط بالصعود والهبوط وضغط الهواء وتأثيره على المسافر وهي انتفاخ البطن بالغازات خلال الرحلات الجوية.
وتعتبر هذه المشكلة أحد الأسباب الشائعة للشعور بالضيق أثناء السفر أو عند صعود الطائرة، فما الذي يمكننا فعله لنجنب أنفسنا الحرج؟.
وتحدث الصحفي في قناة “بي بي سي” دافيد روبسون إلى طبيب دنماركي وخرج بإجابات مفاجئة حول هذا الموضوع.
وقد بدأ الطبيب الدنماركي جاكوب روزنبرغ، الذي يعمل أستاذاً بجامعة كوبنهاغن، الاهتمام بمسألة إطلاق ركاب الطائرات ريحاً من البطن خلال الرحلات الجوية عندما كان على متن طائرة في رحلة طويلة إلى نيوزيلندا؛ حيث إنه وخلال تلك الرحلة، نظر إلى بطنه ليجد أن حجمها قد ازداد بشكل واضح منذ أن صعد إلى الطائرة؛ لكن عندما فتح حقيبته ليرى زجاجته البلاستيكية الخاوية من المياه، بدا الأمر مفهوماً بعض الشيء.
وقد وجد الطبيب أن تلك الزجاجة تمددت في ظل الضغط الجوي المنخفض ثم تجعدت عندما حطت الطائرة على الأرض، فأدرك روزنبرغ أن الغازات التي كانت في معدته لا بد وأنها تفعل الشيء نفسه.
وعندما عاد روزنبرغ من رحلته بدأ في التفكير بشكل جدي حول أسباب مثل هذا الأمر من الناحية العلمية، وخرج بورقة بحثية شملت بعض المقترحات التي تهدف إلى التخفيف من متاعبنا كمسافرين خلال الرحلات الجوية.
توصل الطبيب إلى أننا نطلق كمية مثيرة للدهشة من الغازات يوميًا حتى أثناء وجودنا على الأرض، ووفقاً لأحد التقديرات، فإن الشخص العادي يطلق ريحاً بواقع عشر مرات كل 24 ساعة مُصدراً كمية من الغازات يصل إجمالي حجمها إلى ما يوازي لتراً واحداً.
وتنجم هذه الغازات عن تخمر المواد الغذائية التي لم تمتصها الأمعاء وذلك بفعل بعض البكتيريا، وينتج عنها النيتروجين وثاني أكسيد الكربون والهيدروجين بجانب مركبات كبريتية ذات روائح نفاذة بشكل أكبر.
ورغم أن إطلاق مثل هذه الروائح واستنشاقها ربما يكون شائعاً في مختلف أنحاء العالم، فقد خلص روزنبرغ، بعد مراجعة الكتابات الطبية، إلى أن هناك بعض المفاهيم الخاطئة الشائعة حول هذا الأمر.
وقال: “على خلاف الاعتقاد السائد، فإن الدراسات أظهرت أن الرجال لا يطلقون ريحا أكثر من النساء، (على الرغم من أن الرجال ربما يتحدثون عن هذا الأمر بشكل علني أكثر).
وأضاف: “في واقع الأمر، تظهر إحدى هذه الدراسات التي أُجريت في أواخر التسعينيات من القرن الماضي أن غازات البطن التي تطلقها النساء أكثر تركيزًا فيما يتعلق بمحتواها من العناصر الكبريتية ذات الروائح النفاذة، كما أن هذه الغازات نفسها صُنفّت باعتبارها ذات رائحة أكثر قوة من قبل بضعة من المحكمين ذوي الحظ السيء بالتأكيد”.
وأردف: “على الرغم من أن البقوليات ربما تُعرف بأنها “الفاكهة الموسيقية” نسبة إلى أغنية أطفال باللغة الانجليزية تشير إلى أنها تساهم في زيادة غازات البطن، إلا أن تجربة أجريت حديثا كشفت عن أن البقوليات لا تشكل عاملاً مسبباً لإطلاق تلك الغازات بذلك القدر الذي يعتقده غالبية الناس”.
وتابع: “أظهرت هذه الدراسة أن تأثير البقوليات على إطلاق غازات البطن يتفاوت بشكل كبير من شخص لآخروتتضمن قائمة الأغذية التي تُعرف بأنها تقلل من غازات البطن: الأسماك، والأرز، ومنتجات الألبان، وعصير الفواكه المصفى، وذلك نظراً للبقايا المحدودة جدا التي تصل من هذه الأطعمة إلى الأمعاء بدون امتصاص”.
وقال الطبيب: “إذا كان إطلاق غازات البطن يمضي في أغلب الأحوال دون أن يلاحظه أحد، فيمكن لمثل هذه الغازات أن تصبح أشبه برفيق سفر غير مرغوب فيه عندما نطلقها ونحن على متن طائرة”.
وأضاف: “يرتبط تواتر حوادث من هذا القبيل خلال الرحلات الجوية ببساطة بقوانين الفيزياء، كما يقول روزنبرغ الذي يوضح أن الضغط الجوي في هذه الحالة “ينخفض، فيصبح من الضروري على الهواء التمدد ليشغل مساحة أكبر”.
وأردف: “في مثل هذه الحالة، يحتاج اللتر الواحد من الغاز لشغل حيز أكبر من الفراغ بنسبة 30 % مقارنة بالظروف العادية، وهو ما يقود إلى الإحساس بذلك الشعور المقيت بالانتفاخ”.
وتابع: “يبدو أن ذلك يمثل مشكلة معتادة بالنسبة للطيارين، إذ إن أكثر من 60% منهم يقولون إنهم يشعرون بانتفاخ البطن على نحو مستمر، وهي نسبة تزيد كثيراً على نظيرتها بين العاملين في المكاتب”.
وقال الطبيب “روزنبرغ”: بطبيعة الحال، يمكن للشخص أن يحاول كتم هذه الغازات لكن ذلك لا يشكل خياراً حكيماً، فبجانب الشعور بالإنزعاج الناجم عن ذلك، وأعتقد أن الإقدام على كبح غازات البطن قد ينطوي على مخاطرة ما”.
وأضاف: “إذ ما كنت صغيرًا في السن وتتمتع بصحة جيدة فلن يمثل ذلك مشكلة كبيرة لك، ولكن بالنسبة لشخص مسن، فإن ذلك قد يشكل ضغطاً على عمل القلب.”
وأردف: “بينما يمثل الشعور بالانزعاج أو الإحراج من قبل الركاب السيناريو الأسوأ المتعلق بمسألة إطلاق ريح خلال الرحلات الجوية، فقد اتخذت شركات طيران بعض الخطوات العملية للتعامل مع هذه المشكلة.
وفي سياق جهوده البحثية في هذا الشأن، التقى روزنبرغ مع عدد من مهندسي الطائرات العاملين في كوبنهاغن، حيث علم أن عدداً من شركات الطيران تستخدم فلاتر أو مرشحات تحتوي على الفحم في أجهزة تكييف الهواء الموجودة على طائراتها.
ومعروف أن الفحم مادة كثيرة المسام إلى حد بعيد؛ أظهرت قدرتها على امتصاص مجموعة كبيرة من الروائح. ولذا فإن هذه المرشحات تحول دون إعادة توزيع الأبخرة الكبريتية في مختلف أنحاء الطائرة.
وقال الطبيب: “تعمل شركات الطيران على التحقق من أن المأكولات التي تقدم خلال رحلاتها تكون قليلة الألياف، وغنية بالمواد النشوية في الوقت نفسه، وهي معادلة تجعل عملية هضم الأطعمة المقدمة للركاب أكثر هدوءاً”.
وأضاف: “من غير الواضح التوقيت الذي بلورت فيه شركات الطيران قراراتها في هذا الشأن، أو كيف توصلت إلى هذه القرارات من الأساس، لكن يمكننا تخمين أن أطعمة مثل الكرنب، وملفوف بروكسل الشهير بحجمه الصغير، قد حُذفت من قوائم الوجبات المقدمة خلال الرحلات الجوية في وقت مبكر نسبياً من تاريخ الطيران”.
وفي ظل بذله كل هذه الجهود، لا يزال “روزنبرغ” يعتقد أن هناك المزيد مما يمكن فعله، لاسيما بعد أن أدى تطبيق سياسات منع التدخين خلال الرحلات الجوية إلى سهولة تمييز الركاب للروائح الأخرى.
وفي هذا السياق، يقترح “روزنبرغ” وضع جزيئات من الفحم في ثنايا المقاعد نفسها. ومع ذلك فإن دراسات سابقة أشارت إلى أن هذا الحل قد لا يكون فعالاً بالضرورة؛ وذلك ربما لأن غالبية السراويل والتنورات تُحدث ما يُعرف بـ”تأثير النفق”، والذي يؤدي إلى توجيه مسار غازات البطن التي يطلقها الإنسان بعيداً عن وسادة المقعد.
وقد يمثل تخلينا عن شعورنا بالحرج الحل الأمثل في هذا الشأن، وهو ما يعبّر عنه “روزنبرغ” بالقول: “إطلاق غازات من البطن ليس مشكلة نادرة الحدوث، لكننا فقط لا نريد الحديث عنها”.