سعوديات يقتحمن عالم المال والأعمال والوظائف القيادية
تم النشر في الأثنين 2018-12-17
أظهرت نتائج تمكين المرأة السعودية من المشاركة في الحياة العامة بفضل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نجاح وتفوق عدد كبير من السعوديات على امتداد السنة الحالية وفي جميع المجالات والتخصصات على مستوى محلي وعالمي.
أثبتت المرأة السعودية في عام 2018 مقدرتها على التعاطي مع موجة الإصلاحات الأخيرة بِهَدِير مماثل من النجاحات. تُمثل المرأة في السعودية نحو 60 بالمئة من خريجي الجامعات، وأثبتت تميزها المهني وقدراتها القيادية في معظم التخصصات التقنية والإدارية. نائبة وزير العمل السعودية تماضر الرماح أكدت أمام لجنة الأمم المتحدة لوضع المرأة في نيويورك، أن القيادة السياسية في المملكة على قناعة بأن “عمل المرأة حق لها وضرورة تفرضها ظروف الحياة وليس رفاهية أو أمرا ثانويا”.
في مجال العلوم، تمكنت السعودية مشاعل الشميمري أول مهندسة صواريخ عربية، من “الانطلاق” في رحلة صعود ناجحة على الساحة الدولية. وصلت الشميمري إلى “ناسا” وأسست شركتها في مجال الفضاء. كذلك سجل مكتب براءات الاختراع الأميركي براءة اختراع قدمتها موظفة أرامكو المهندسة السعودية عبير العليان لحل مشكلات إنتاج النفط من الآبار بالطرق الكيميائية. هذه فرصة أيضا لنبارك لأشواق البخاري، أستاذة الكيمياء بكلية العلوم في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة لحصولها على منحة يونسكو لدعم أبحاثها عن السرطان. المرأة السعودية خرجت من منظور التقليد إلى استثمار الطاقة؛ ريم الطويرقي، باحثة في الفيزياء تم تكريمها من قبل معهد العالم العربي في باريس.
وللطبيبات السعوديات من النجاح نصيب. اختارت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان الطبيبة السعودية سمر جابر الحمود استشارية جراحة أورام القولون بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض لرئاسة لجنة تحكيم الأبحاث في مجال السرطان. أما المبتعثة السعودية وفاء أبوطالب فقد حصلت بجدارة على جائزة الجمعية الأوروبية للأشعة، بعد أن اُختيرت أبحاثها عن أمراض تصلبات الشريان. سارة الثاري حصلت بتفوق على شهادة الدكتوراه في تخصص “الجينات” من جامعة أوكسفورد في بريطانيا. كذلك وجبت التهنئة لكل من مي الراشد، عميدة كلية التمريض بجامعة الملك سعود، أول عميدة بالجامعة، وريم البنيان تكليفها مديرا عاما لمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام. هذه الأمثلة تثبت كفاءة المرأة السعودية وقدرتها على أداء دورها التنموي.
المرحلة السعودية الحالية موسومة بالإصلاح على معظم المستويات والمرأة السعودية تُشكل اليوم نقطة مهمة على خارطة التنمية
أما في القانون، فقد تفوقت ثنوى عبدالله العمري، بحصولها على درجة الدكتوراه في علم القانون التجاري الدولي من جامعة السوربون بفرنسا بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف. وفي يوليو 2018 أيدت محكمة الاستئناف بجدة حكما بنزع الولاية من أب عنّف بناته جسديا ونفسيا، ومنحت جدتهن لأمهن حق ولايتهن. علينا تعريف المرأة بحقوقها المشروعة في الأحوال الشخصية ونظام العمل ونظام المرافعات ونظام التنفيذ والأحوال المدنية، إضافة إلى حقوقها في التعامل مع التحرش الإلكتروني والإبلاغ عن حالات التحرش. ومن إنجازات المرأة السعودية فوز مرشحة السعودية نائب وزير العمل تماضر الرمّاح بعضوية لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة (سيداو) في الأمم المتحدة. ومن ضمن الإصلاحات الجديدة صدر الأمر السامي رقم “33322” بالتأكيد على جميع الجهات بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي أمرها عند تقديم الخدمات، أو إنهاء الإجراءات الخاصة بها. المرأة السعودية انضمت لمقاعد كليات الحقوق والقانون، ووجب تمكين المحاميات من الترافع وحضور التحقيق والجلسات في المحاكم بجميع أنواعها، والأفضل منح المرأة جميع (وليس فقط بعض) مهام كتابات العدل.
وفي عالم الهندسة، وجب التنويه بتفوق السعودية لمى الشدوخي لحصولها على المرتبة الأولى في تخصص “الهندسة الطبية” من جامعة أوكلاهوما الأميركية، ولولوة الكثيري لحصولها على شهادة هندسة طاقة نووية من جامعة ليدز ببريطانيا، وبدء عملها مديرة بشركة بيكرهيوز العالمية. وبلغ عدد المهندسات المسجلات لدى الهيئة السعودية للمهندسين 2633 مهندسة، منهن 1420 سعودية بنسبة 53 بالمئة. وأحسن أمين محافظة جدة، صالح التركي، صنعا بتكليف ثلاث نساء سعوديات لتولي رئاسة بلديات: هبة البلوي رئيسة لبلدية الشرفية، رشا المهنى رئيسة لبلدية ذهبان ومريم أبوالعينين رئيسة البلدية النسائية الفرعية. أما حنين الصالح (27 سنة)، فهي تعمل بنجاح وتألق في شركة “جنرال إلكتريك” المسؤولة عن هندسة المشاريع التابعة لمشروع “وعد الشمال” ويعمل معها ما يقارب 5000 رجل وامرأة. لا شك أن هذه النجاحات الجديدة للمهندسة السعودية لها صلة بالإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة لتمكين المرأة من المشاركة في جميع المشروعات التنموية.
وفي مجال الأدب، حصلت الروائية السعودية أميمة الخميس على جائزة نجيب محفوظ لعام 2018 عن روايتها “مسرى الغرانيق في مدن العقيق”. كما اعتلت المرأة السعودية منصات الأندية الأدبية والمهرجانات الثقافية لإلقاء القصائد والمحاضرات الأدبية بعد عقود من الإقصاء.
أما في عالم المال فقد حلت رانيا النشار، الرئيسة التنفيذية لمجموعة “سامبا” المالية، في المرتبة الـ95 في قائمة “فوربس” لأكثر 100 امرأة تأثيرا في العالم للعام 2018، كما أبدعت هيفاء العبيد في عملها كبيرة المستشارين في “دويتشه بنك” العالمي في الرياض. وتألقت ضي الضويان بتعيينها لرئاسة مركز تطوير التخطيط للمدن السعودية، وتم تعيين دينا أبوعنق رئيسا لشركة استشارات عالمية، لبناء علاقات مع الجهات الحكومية والشركات لتنمية أعمال الشركة في السعودية والشرق الأوسط. ويجب التنويه هنا بأن اللائحة الجديدة لنظام العمل السعودي اعتمدت المساواة في الأجور بين العاملين والعاملات إذا كانوا يعملون بنفس المهن والأعمال دون أن تشترط حصول المرأة على إذن من أي جهة لمباشرة عملها.
وتألقت المرأة السعودية في مجال الرياضة. لمياء السحيل شاركت بامتياز في سباق “كارتينغ”، والسائقة السعودية ريما الجفالي فازت في سباق السيارات على حلبة مرسى ياس بأبوظبي. أما فرح الزهراني، فهي أول سعودية تنال الحزام الأزرق في رياضة الدفاع عن النفس، وفاطمة النعيمي اقتحمت ميدان الملاكمة الذي كان حكرا على الرجال.
والفارسة السعودية دلما ملحس فازت باستحقاق بالميدالية البرونزية في سباق قفز الحواجز في سنغافورة. أما في مجال تسلق الجبال، فقد تألقت كل من ياسمين القحطاني (38 عاما)، ورشا الخميس (28 عاما) التي دخلت باستحقاق موسوعة غينيس. أمل اليحي أخذت على عاتقها مسؤولية التدريب على اللياقة البدنية في الخبر، ورشا الحربي أسست فريقا نسائيا للجري في جدة. وهناك محاولات جادة لتشكيل فريق نسائي لممارسة رياضة الهوكي وإطلاق فريق نسائي للتزلج بالمملكة. هنيئا للمنتخب السعودي للمبارزة للسيدات تحقيق الميدالية البرونزية ضمن البطولة العربية للمبارزة في تونس.
أما الذين اعترضوا على (أو سخروا من) ممارسة المرأة للرياضة، فهم أنفسهم الذين أفتوا أن مكان المرأة هو فقط بيت أبيها أو سرير زوجها أو حفرة قبرها.
ومنحت الهيئة العامة للطيران المدني 5 رخص لسيدات سعوديات للعمل “كابتن” لقيادة الطائرات، كما أن السعودية ياسمين الميمني (28 عاما)، حاصلة على رخصة “طيار تجاري”. المرأة السعودية دخلت المطارات السعودية بمختلف التخصصات على منصات خدمة الركاب، والمراقبة الجوية، والترحيل الجوي، وإنهاء إجراءات السفر، والعمل الإداري. أتفق مع مدير الخطوط السعودية صالح الجاسر، الذي أقر أن وجود المرأة داخل مؤسسته “ليس بالمستوى المأمول”، لكنه وعد بالتوسع في مشاركاتها. لا بد من رفع الوعي عند المرأة بالفرص الوظيفية المتاحة، والحصول على التمويل، وزيادة عدد حاضنات الأعمال وتنمية المهارات الريادية. في مايو 2018 سجلت مشاركة المرأة السعودية حضورها عبر كاونترات الخدمة في المطارات السعودية وقرابة 500 امرأة سعودية يعملن اليوم في خدمة المسافرين.
وفي عالم الفنون الجميلة، تألقت التشكيلية السعودية علياء الدقس بتدشينها معرض اندماج الحضارات بجدة. الفنانة التشكيلية السعودية هنوف محمد تحزم لوحاتها من لندن إلى حيث تستقر على أحد أهم جدران متاحف فن العالم “اللوفر” في باريس. وعازفة البيانو السعودية إيمان قستي خطفت الأضواء خلال الأمسية الموسيقية التي أقامها مركز الملك فهد الثقافي، بمشاركة كلوي شوا والعازف الشهير جوردن باك.
ودخلت المرأة السعودية أيضا عالم الدبلوماسية؛ هيفاء الدخيل العاملة في ديوان وزارة الخارجية تجيد أربع لغات؛ الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والروسية، كما أسهمت بإنشاء قاعدة بيانات لترشيحات المؤتمرات التابعة لإدارة المنظمات الدولية. كذلك تألقت كل من فاطمة باعشن في عملها في السفارة السعودية في واشنطن، ونورة العكيل “سفيرة النوايا الحسنة” في منظمة اتحاد البرلمان الدولي التابع للأمم المتحدة. أما رندا الهذلي، المتخصصة في الاقتصاد والسياسة فهي تمارس عملها كمستشار اقتصادي بسفارة السعودية بواشنطن. ولا بد هنا من التنويه بجهود منال رضوان المعروفة في عالم الدبلوماسية كعضو فاعل في الوفد السعودي في الأمم المتحدة. غادة الغنيم تحمل شهادة دكتوراه في تحليل النزاعات من الولايات المتحدة الأميركية وبسمة عبدالعزيز الميمان تعمل مديرا إقليميا لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية للشرق الأوسط.
وفرص التوظيف للمرأة السعودية أصبحت متاحة اليوم في وزارة الداخلية. الأمن العام أعلن عن وظائف عسكرية نسائية، وتم فتح باب القبول لوظائف نسائية بالجوازات، كما أصبحت الحاجة ماسة للتوسع في العمل الشرطي النسائي.
استعباد المرأة من الجاهلية. شهدت السعودية تطورات إيجابية في مجال حقوق المرأة ومن ضمنها دخولها في الانتخابات البلدية مرشحة وناخبة. إضافة إلى ذلك، وجه وزير العدل وليد الصمعاني، بأحقية الأم في إثبات حضانة أولادها في الحالات التي ليس فيها نزاع، دون الحاجة لإقامة دعوى قضائية كما كان معمولا به سابقا. إلا أن حالات تعنيف المرأة مازالت تحتاج إلى قوانين صارمة. شكرا للمحكمة العامة في تبوك، لحكمها برفع ولاية مواطن عن شقيقتيه، ونقلها إلى القاضي، بعد أن ثبت عضلهما ورفضه تزويجهما. هناك حاجة لإعطاء المرأة الراشدة حقها باستخراج جواز سفر بنفسها دون اللجوء لوليها وعدم ربط سفرها بموافقة ولي أمرها، فالشرع لم يوجب وليا للمرأة إلا في مسألة النكاح.
وشهد عام 2018 حصول المرأة السعودية على حقها بالقيادة. لا شك أن هناك علاقة تجمع موضوع القيادة وغيره بالإصلاحات التي أعلنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في عدة لقاءات صحافية. مستشارة وزير العمل مها المنیف احتفلت بقيادة سيارتها إلى مقر عملها بالوزارة عند بدء تنفیذ قرار السماح للمرأة بالقیادة. إلا أن توجه الشركات لاستغلال حداثة قيادة المرأة برفع بوليصة التأمين على السيدات تمييز واضح وغير مقبول ضد المرأة.
عدد النساء في المناصب القيادية ينمو ولكنه مازال ضئيلا جدا، إلا أن هناك بوادر إيجابية قادمة. على سبيل المثال عضو الشورى إقبال درندري تطالب بالسماح للمرأة الراشدة بالسفر دون شرط إذن ولي أمرها. وحالة العزل الاجتماعي بين الرجل والمرأة بدأت بالزوال وأتوقع أن يتم قريبا تحرير المرأة من قيود عصر الصحوة والجاهلية. مكانة المرأة السعودية تتعزز داخل مجتمعها بما يشعرها بكامل المواطنة، والفضل يرجع إلى القرارات الحكيمة لتمكين المرأة.
المرحلة السعودية الحالية موسومة بالإصلاح على معظم المستويات والمرأة السعودية تُشكل اليوم نقطة مهمة على خارطة التنمية. في 19 نوفمبر 2018، قال الملك سلمان بن عبدالعزيز “شباب وشابات هذه البلاد هم عماد الإنجاز وأمل المستقبل والمرأة السعودية شريك ذو حقوق كاملة