تم النشر في الأحد 2016-04-17
قفزت أسعار السلع والخدمات بشكل كبير بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط وانخفاض سعر صرف الدولار مقابل الكثير من العملات، وقد كان ذلك الارتفاع مبررا، حيث على سبيل المثال ارتفعت أسعار علبة زيوت مكائن السيارات من ثمانية ريالات إلى 18 ريالا في حين ارتفعت أسعار الأيدي العاملة للضعف أيضا، ولكن ما أن نزلت أسعار النفط وارتفع سعر صرف الدولار لم نر أي نزول في أسعار السلع والخدمات إلا ما ندر إذ بقي كل شيء على حاله.
انخفاض أسعار النفط أدى بشكل تلقائي لانخفاض السيولة في أيدي الناس كما أدى لانخفاض الكثير من أسعار السلع والخدمات عالميا، ولكن الأسعار لدينا في الغالب في حالة ثبات إن لم ترتفع الأمر الذي انعكس سلبا على حياة المواطن والمقيم، حيث ارتفاع تكاليف السلع والخدمات مع ثبات الدخول أو انخفاضها كنتيجة طبيعية لانخفاض أسعار النفط وتباطؤ الإنفاق الحكومي.
الكثير من أسعار الخدمات لدينا عالية جدا مقارنة بالدول الخليجية المجاورة رغم ارتفاع مستوى دخل الفرد والأسرة لديهم مقارنة ببلادنا، فما السبب الذي يقف وراء هذه المعادلة غير المنطقية؟، وما السبب الذي يقف وراء عدم انخفاض أسعار الخدمات رغم انخفاض السيولة في البلاد وارتفاع القوة الشرائية للريال المرتبط بالدولار الأمريكي بسعر صرف ثابت؟.
يقول أحد المواطنين تضاعف سعر خدمة تنظيف المكيفات من 50 ريالا إلى 100 ريال أي ارتفع 100 في المائة في عام 2014 على خلفية قرارات وزارة العمل المتعلقة برخصة العمل التي ارتفعت إلى 2400 ريال وعلى خلفية زيادة الطلب وارتفاع السيولة، ويضيف أن العامل الذي يقوم بالتنظيف لا يزيد راتبه في أي حال من الأحوال على ثلاثة آلاف ريال يأخذ نصف يوم عمل لتنظيف عشرة مكيفات بألف ريال وفي حال احتياج المكيف لأي عملية إصلاح، فالحساب لا يقل عن 100 ــ 150 ريالا لأي خدمة تصليح وهذه تكاليف عالية جدا لا تتناسب ومعدلات رواتب العمالة ولا تتناسب وقدرة المواطن أو المقيم الشرائية. آخر يقول إنه ذهب لاستبدال “كوابح” فرامل الإطارات لسيارته فتفاجأ بطلب الورشة 400 ريال لفرامل الإطارات الأربعة بواقع 100 ريال لكل كابح إطار في حين كان السعر سابقا 50 ريالا فقط ولا يزال هذا السعر كما هو إلا ما ندر، ويضيف هناك تفاوت في سعر خدمات إصلاح السيارات بشكل كبير يصل لأكثر من 100 في المائة في بعض الأحيان لعمالة غير مهنية تخطئ تشخيص الخلل عن عمد أو بسبب الجهل كما لا تتقن الإصلاح الأمر الذي يجعل الزبون يرجع لها عدة مرات لإصلاح سيارته دون وجود جهة يلجأ إليها بسهولة لحمايته.
إحدى السيدات كتبت أنها تعاني والكثير من السيدات مبالغة هائلة في صالونات التجميل النسائية فخدمات قص وتزيين الشعر والصبغات والمكياج بأسعار تبلغ حد الخيال، وقالت إنها عندما تقوم باحتساب سعر المواد المستخدمة تجد أن أجرة اليد تتجاوز أحيانا الـ 1500 ريال لأعمال تجميلية لزبونة واحدة لخدمات اعتيادية لا تدخل ضمن نطاق ما يسمى الخدمات الاستثنائية، وتقول هذه السيدة إن هذا إجحاف واضح واستهتار بحقوق المستهلك وفي خدمات تتناول شريحة عريضة جدا من المجتمع، وتنادي من يحمينا من هذا الجشع والجنون في الأسعار؟.
آخر يشتكي من خدمات صيانة المنازل خصوصا صيانة الكهرباء والسباكة، حيث يقول تكلفة سباك لإصلاح سيفون أو تهريب من “حنفية” ماء أو تركيب “لي” ماء في مدة لا تتجاوز نصف ساعة تصل إلى 150 ريالا أو 200 ريال. أما إعادة سباكة أرضية حمام فقط وليس كامل سباكة الحمام تصل لثلاثة آلاف ريال وهي أسعار مبالغ فيها بشكل كبير لو قارنا تكلفة العامل وتكلفة المواد المستخدمة، ويضيف أنه أتى بشركة لعزل السطح فطلبوا 40 ريالا/متر بتكلفة إجمالية وصلت لأربعة آلاف ريال لمساحة 100 مترمربع فقط ووافق على ذلك وحينما رأى العمل فإذا هم يستخدمون ثلاثة براميل مادة عازلة لا يصل سعرها لـ 600 ريال وقاموا بغسيل السطح وتركيب المادة خلال ساعة ونصف الساعة فقط أي أن تكلفة الخدمة وصلت لثلاثة آلاف وأربعمائة ريال، ويضيف من يريد التأكد فليتصل على شركات تسريب المياه ليعرف الأسعار الخيالية.
أما أسعار خدمات المحاماة فلا أحد يعرف كيف يتم حسابها وهي تكاليف باهظة جدا بالنسبة للمواطنين من أصحاب الدخول المتوسطة وما دونها ولذلك دائما ما يعزفون عن المطالبة بحقوقهم لأنهم لن يتحملوا تكاليف المحامين، إضافة إلى الأوقات الطويلة المطلوبة لمتابعة القضايا في المحاكم.
التضخم في أسعار الخدمات التي لا ضوابط واضحة لها يؤدي إلى ارتفاع حالات الفقر والعوز والحاجة ويجعل الكثير يتخلى عن الصيانة الدورية، ويجب مواجهة الارتفاعات غير المبررة والتصدي لها بقوة وحزم حماية للمستهلك الذي يعاني أشد المعاناة من أسعار خدمات صيانة المنازل والسيارات والأجهزة الإلكترونية التي تتطلبها ظروف الحياة بشكل دائم وهو يتطلع لعلاجات جذرية لهذه المعضلة التي أنهكت قدراتهم الشرائية.
يقول البعض إنه من الصعب السيطرة على أسعار الخدمات لأنها تتفاوت في الجودة من شركة لأخرى ومن فني لآخر ومن مهني لآخر وهكذا، وأقول نعم يجب أن تتفاوت الأسعار حسب تفاوت الجودة، ولكن يجب أن يكون ذلك في نطاقات معقولة خصوصا فيما يتعلق بالخدمات المعتادة المقدمة للطبقة المتوسطة وما دونها، ويمكن تصنيف مقدمي الخدمات حسب معايير محددة من وزارة التجارة وعلى أساسها تحدد نطاقات الأسعار المتناولة.
ختاما أتطلع إلى أن تقوم وكالة وزارة التجارة لحماية المستهلك بتخفيف معاناة المستهلكين بالاهتمام البالغ بضبط أسعار الخدمات وفق شرائح تقوم على الجودة أو الموقع أو أي معايير أخرى وتلزم مقدمي الخدمات بوضع لائحة أسعار لخدماتها في مكان واضح للسيطرة على التلاعب والحد من الجشع الكبير لدى معظم مقدمي هذه الخدمات…
نقلا عن الاقتصادية