تم النشر في الجمعة 2019-12-27
د. منصور السعيد
تعرف منظمة الصحة العالمية ترشيد استخدام الأدوية، بأن يحصل المرضى على الأدوية المناسبة لاحتياجاتهم السريرية بجرعات تلبي احتياجاتهم الخاصة لفترة زمنية كافية وبأقل التكاليف لهم ولمجتمعهم. وكما يعلم الجميع فإن الدواء نعمة إن أحسن استخدامه ونقمة إن أسيئ استخدامه.. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أنه يتم وصف أكثر من نصف الأدوية أو توزيعها أو بيعها بطرق غير ملائمة وأن نصف المرضى لا يتعاطون أدويتهم بنحو جيد. كما تشير دراسة أجريت في كندا إلى أن ربع الحالات التي تصل إلى المستشفيات يمكن تفاديها إذا ما تم وصف الدواء المناسب وتم تناوله بالشكل الصحيح. لا شك أن إساءة استعمال الأدوية هي قضية عالمية، لكنها تبرز بشكل واضح في مجتمعاتنا العربية والمجتمع الخليجي على وجه الخصوص، حيث يلاحظ وجود هدر وإسراف في استهلاك الأدوية فمن يا ترى يتحمل المسؤولية؟ الجهات الحكومية التي يرتبط بها الدواء أو الأطباء والصيادلة أو مندوبو الدعاية الطبية أم أفراد المجتمع؟ ولعل أقرب إجابة أن الجميع يشترك في تحمل المسؤولية وإن كانت المسؤولية العظمى تقع على عاتق الطبيب والصيدلي فهما المؤتمنان على وصف الدواء وصرفه لأن المقصود بترشيد استخدام الدواء هو أن يعطى الدواء المناسب للمرض المناسب بالكمية المناسبة للمريض المناسب.. كما أنه من مشكلات سوء استخدام الأدوية وعدم ترشيدها ما أشار إليه التقرير السنوي لهيئة مكافحة المخدرات والجريمة التابعة للأمم المتحدة من أن الإدمان على الأدوية وفق وصفة طبية يفوق الإدمان على مواد ممنوعة كالكوكايين والهيروين.. إن سلبيات الاستخدام غير الرشيد للأدوية تتنوع بين صحية واقتصادية واجتماعيه، ويمكن أن ينظر إليها بوضوح عندما يخرج مريض يعاني مثلا أعراض الإنفلونزا من مركز صحي أو عيادة أهلية وهو يحمل في يده كيسا مليئا بمختلف أنواع الأدوية بما فيها المضادات الحيوية التي لا علاقة لها بعلاج هذا النوع من الأمراض الفيروسية. وللحد من إساءة استخدام الدواء، فإنه يلزم وضع استراتيجيه وطنية واضحة المعالم تهدف إلى أن تستخدم الأدوية بشكل رشيد، يكون من أهم بنودها إصدار تشريعات صارمة تتعلق بصرف الأدوية أيا كان نوعها، وتتضمن تنظيما للدعاية الطبية، وتشمل برامج لتوعية المرضى بأن الصحة والشفاء ليسا في كثرة الدواء وإنما في تجنبه ما أمكن ذلك.
عن الزميلة الاقتصادية