مقالات

بريكس: هل يمكن للتحالف الاقتصادي الجديد أن يحقق استقلاله عن الدولار؟

الدكتور عبدالله الجسار عضو جمعية اقتصاديات الطاقة عضو جمعية الاقتصاد السعودية

تم النشر في الأحد 2024-10-27

في خطوة استراتيجية وسّعت مجموعة بريكس من عضويتها التي تضمالبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا لتشمل السعودية والإماراتومصر وإيران وإثيوبيا اعتبارا من يناير 2024. هذا التوسع يرفع من أهميةالمجموعة كقوة اقتصادية تساهم بنحو ثلث الناتج المحلي العالمي، وتطمحللحد من الاعتماد على الدولار، وهو طموح يعترضه العديد من العقباتالنقدية والهيكلية. فعلى الرغم من الرغبة المعلنة في الاستقلال الاقتصادي،الا انه يظل الدولار مهيمنا على جزء من البنية التحتية المالية لبريكس، ممايحد من قدرة المجموعة على تشكيل نظام مالي مستقر بعيدا عن تأثيرالاقتصاد الأمريكي.

أحد أبرز تحديات بريكس يتمثل في تأسيس بنك التنمية الجديد (NDB) بالدولار! الذي تم تأسيسه لدعم مشاريع تنموية في اقتصادات الدولالأعضاء، إلا أن اعتماده على رأس المال بالدولار الأمريكي” يبقيه عرضةلتقلبات أسعار الفائدة الامريكية، حيث تتأثر تكاليف القروض نتيجة هذه التقلبات، مما يضع ضغوطا على قدرة البنك في تقديم تمويل مستدام. هذاالارتباط النقدي يجعل بنك التنمية الجديد الذي يُفترض أنه مستقل، جزءامن النظام المالي التقليدي الذي يريدون الاستقلال عنه.

العقبة الأخرى تكمن في ارتباط بعض العملات الوطنية لدول بريكس بالدولارالامريكي، مما يجعل اقتصاداتها خاضعة للتقلبات المالية الامريكية. ومعاستمرار بعض الأعضاء في الاعتماد على الدولار، تصبح قدرتهم على إدارةالتضخم وتحقيق استقرار مالي حقيقي محدودة، بسبب اضطرار البنوكالمركزية لمتابعة السياسات النقدية الامريكية مما يعوق قدرة الدول علىضبط اقتصاداتها بما يتلاءم مع احتياجاتها الداخلية. في هذا السياق،يمكن استخدام نموذج ARIMAX كأداة فعالة للتنبؤ بمعدلات التضخمالناتجة عن تأثير الدولار والعوامل الخارجية الأخرى، مما يساعد الدولالأعضاء على التكيف مع التحديات الاقتصادية المستقبلية.

كما أن التوسع في بريكس يعزز طموح المجموعة لتطوير نظام دفع مستقل،يمكن أن يكون بديلا عن شبكة سويفت، لتسهيل التجارة البينية باستخدامالعملات الوطنية بدلا من الدولار. لكن ارتباط بعض عملات الأعضاء بالدولاريُبقي هذا الهدف صعب المنال، إذ أن تأثير الدولار يمتد ليكون عاملا غيرمباشر في حسابات هذا النظام كما وضحنا سابقا، مما يعوق من فاعليته. هذا الوضع يُظهر أن الدولار، رغم عدم استخدامه في المعاملات، يظل عاملامؤثرا على استقرار الاقتصادات للدول الأعضاء.

على الجانب الآخر، تواجه بريكس تحديات فيما يخص تكلفة التمويل؛ إذ إناعتماد البنك على الدولار يرفع من تكلفة الاقتراض عند ارتفاع الفائدةالأمريكية. هذه التكاليف المتزايدة تعيق قدرة البنك على تقديم تمويل لمشاريعتنموية مستدامة، حيث اتوقع أن تكلفة الاقتراض للدول الأعضاء قد ترتفعبنسبة تصل إلى 15% خلال السنوات التي ترتفع فيها الفائدة الأمريكية. هذه الأعباء المالية تؤثر على الدول الأعضاء وتحد من قدرتها على تمويلمشاريع البنية التحتية المطلوبة بشكل مستمر لتعزز من اقتصاداتها.

بعد ان نظرت الى اهداف تمويل البنك وجدت ان استثماراته موجهه الىمشاريع البنية التحتية والطاقة، إلا أن هذه الاستثمارات غالبا ما تعودبالفائدة على النخب الاقتصادية والشركات الكبرى، بينما لا تصل فوائدالنمو الاقتصادي إلى الشرائح ذات الدخل المنخفض بالقدر الكافي، ممايزيد من فجوات الدخل والتباينات الاجتماعية في بعض الدول الأعضاء. هذا الوضع يطرح تحديات إضافية أمام بريكس لتحقيق التنمية المستدامةوالعدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع المختلفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock