النفط يشهد تراجعاً للثقة بالمواقع طويلة الأمد، والمعادن تتأثر بالمخاوف حيال الصين MA
تم النشر في الأحد 2017-05-07
عادت معظم السلع الرئيسية إلى الاستقرار يوم الجمعة بعد أسبوع من البيع المكثّف، وقد شهدنا خسائر كبيرة في معظم قطاعات الطاقة والتصنيع والمعادن الثمينة؛ حيث هبط مؤشر ’بلومبيرغ‘ للسلع إلى ما يكاد يكون أدنى مستوى له عن ستة أشهر، مع تراجع النفط الخام عن الأرباح التي حققها منذ إبرام اتفاقية خفض الإنتاج في نوفمبر. كما سجل النحاس أكبر خسارة له عن يومين منذ عام 2015، بينما تعرض الذهب لمزيد من الهبوط كنتيجة لبيع الفضة والبلاتين.
وحظيت الصين بالكثير من الاهتمام مع هبوط المعادن الصناعية- بما فيها فلذات الحديد- إثر المخاوف حيال الطلب، وذلك في ظل قيام الصين بتضييق الهوامش الائتمانية في مسعى منها للتخفيف من حالة المضاربة والحد من التعرّض للمخاطر. ومع ارتفاع تكاليف الائتمان، فقد يتأثر قطاع الإسكان مباشرة بعد تلاشي تأثيرات موجة الإنفاق على البنية التحتية التي شهدها عام 2016.
وكان النفط مسرح أهم أحداث الأسبوع، إذ شهد خلال الأسبوعين الماضيين حركة بيع مستمرة -ولكن مضبوطة- من قبل أصحاب المواقع الطويلة الذين تضرروا من الوضع الحالي، وهو ما سيتحوّل إلى انحدار شديد بمجرّد الهبوط دون مستويي مارس البالغين 47 دولار للبرميل عن خام غرب تكساس، و50 دولار للبرميل عن خام برنت.
وقد تدهورت حالة الأسعار أكثر مع ارتفاع المبيعات قصيرة الأمد من طرف المتداولين ذوي الطابع التقني وأصحاب الزخم القوي.
وقد ارتفعت أسعار لحم البقر إثر القلق إزاء تراجع المعروض، وذلك بعد صدور تقارير تشير إلى احتمال نفوق آلاف الحيوانات في مزارع منطقة السهول العظمى في الولايات المتحدة بعد العاصفة الثلجية الشديدة التي ضربت نهاية الأسبوع الماضي، والتي شكلت كذلك سبباً لارتفاع أسعار أهم المحاصيل التي تأخرت زراعتها، وذلك فضلاً عن المخاوف من تأثير هذا الأمر على محصول القمح الشتوي الموجود على الأرض.
وعاد النفط الخام إلى مستويات ما قبل إبرام اتفاقية خفض الإنتاج في نوفمبر، وذلك بعد يومين من البيع الكثيف، ما أدى لوصول خام غرب تكساس إلى 43.76 دولار للبرميل أثناء “الساعات الآسيوية” يوم الجمعة، وقد بدأت الصناديق التي تتخذ مواقع طويلة بالتراجع عن مواقعها خلال الأسبوعين الماضيين.
وتعزى حالة فقدان الصبر التي اعترت المتداولين إلى سيل الأخبار التي تتحدث عن ارتفاع المعروض، وقد أدى الهبوط دون الدعم الهام يوم الخميس الماضي إلى تحفيز مزيد من البيع مع دخول البائعين قصيري المدى على الخط.
وتكمن وراء الضعف الذي نراه في الآونة الأخيرة العديد من الأسباب، ومنها:
· ازدياد إنتاج النفط بمقدار 840 ألف برميل يومياً بعد المستوى المتدني الذي سجله في أكتوبر، وليست ثمة أية بوادر تشير إلى تباطؤ هذا الإنتاج حالياً؛ حيث وصل إجمالي الإنتاج في الأسبوع الماضي إلى 9.3 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى له منذ أغسطس 2015.
· واصلت مبيعات السيارات الأمريكية في أبريل هبوطها للشهر الرابع على التوالي، ما عزّز المخاوف حول الطلب على البنزين قبل وخلال موسم الذروة.
· تواصل الصين تشديد سياساتها النقدية في الوقت الذي بدأت فيه آثار موجة عام 2016 للإنفاق على البنية التحتية بالتلاشي.
· واصلت ليبيا إنتاج النفط من أكبر حقل لها الأسبوع الماضي، ما أفضى إلى قفزة إنتاجية بما يزيد عن 200 ألف برميل يومياً، ليصل إجمالي الإنتاج الليبي إلى 760 ألف برميل يومياً.
· تأثرت الجهود التي بذلتها ’أوبك‘ (بهدف خفض الإنتاج) سلباً بالبوادر التي أشارت إلى أن المنتجين لم يبطؤوا شحناتهم كما هو مفترض (وهو ما يعكس حقيقة أن بعض الصادرات النفطية تأتي من المخزون).
وعمدت صناديق التحوّط إلى التراجع عن المواقع طويلة الأمد في كل من خام غرب تكساس وخام برنت على مدى الأسبوعين الماضيين، وقد تسارعت حركة البيع هذه مع انضمام بائعي المواقع قصيرة الأمد فور الهبوط دون الدعم التقني عند 47 دولار للبرميل لخام غرب تكساس، و50 دولار للبرميل لخام برنت.
وقد لاقى خام غرب تكساس دعماً بعد التراجع بنسبة 38.2% عن الصعود الذي سجله في الفترة ما بين 2016 و2017. وإذا ما واصل هبوطه، فقد يصبح المستوى الأدنى المسجل في نوفمبر عند 42 دولار للبرميل محور التركيز بحكم وقوعه قبل المستوى ذي التأثير النفسي عند 40 دولار للبرميل.
ومن المرجّح أن تكون المرحلة الأسوأ من فترة التراجع قد انتهت نظراً لما تبديه الأسواق من علامات استقرار، غير أن إمكانية الصعود ستبقى محدودة بنظرنا إلى حين ظهور بيانات واضحة تؤكد وجود ظروف مواتية مع دخولنا النصف الثاني من العام.
وبحكم ما تعيشه السوق من حالة تراجع عامّة في الوقت الراهن، فإن الوجهة التالية لا تتوقف على الأسعار وإنما على أحجام المواقع التي يملكها من يحتاج إلى الخفض.
وعلى أي حال، فإن اليومين اللذين شهدتهما السوق من التداول الكثيف كان من شأنهما تحسين التوازن بين المواقع طويلة وقصيرة الأمد، وبإمكاننا الآن أن نتوقع تصعيداً في الحديث حول هذا الموضوع، لاسيما وأن لقاء ’أوبك‘ في 25 مايو من المتوقع له أن يحفز مزيداً من الشراء في مسعىً لاغتنام هذه الفرصة مع بدء ظهور بوادر تشير إلى تجدّد الإجماع على ضرورة الالتزام بخفض الإنتاج، غير أن عودة الهدوء إلى السوق في هذه المرحلة تقتضي حدوث كسر فوق مستويات مارس.
وقد يغدو الارتفاع السريع (حتى الآن) في إنتاج النفط الخام الأمريكي محط تساؤل مع عودة سعر خام غرب تكساس إلى 40 دولار للبرميل وسطياً، مع احتمال أن يبدأ بعض منتجي النفط الصخري بالمعاناة من صعوبات عند هذه المستويات، رغم أن التأثير الإجمالي قد يكون محدوداً.
(مع الأخذ بعين الاعتبار حالة التحوّط الشديدة بخصوص إنتاج 2017- وحتى إنتاج 2018- والتي شهدناها خلال الربع الأول مع ارتفاع الأسعار إثر حالة التفاؤل حيال خفض إنتاج ’أوبك‘).
أمّا الذهب، فيتحرك ضمن نطاق أخفض للأسبوع الثالث، حيث هبط كنتيجة لرد الفعل السلبي الذي أبدته الفضة والبلاتين حيال موضوع الطلب الصيني. كما أن اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 3 مايو ترك الباب مفتوحاً أمام احتمال رفع أسعار الفائدة في 14 يونيو، وهو ما يدعمه تقرير الوظائف الأمريكية في نسخته عن شهر أبريل. وقد تضاءل الطلب على الملاذ الآمن في الفترة التي تسبق الجولة الأخيرة من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، في حين عزّزت نسخة تقرير الوظائف الأمريكية عن شهر مايو الاعتقاد بأن
وانكبت صناديق التحوّط على شراء الذهب بشكل نشط خلال الأسابيع الـ6 المنصرمة، مع ازدياد صافي المواقع الطويلة في عقود الذهب الآجلة ’كوميكس‘ بمقدار ثلاثة أضعاف أثناء هذه الفترة، وهو ما يترك الذهب عرضةً لتصفية طويلة الأمد عند حدوث أي كسر للمستوى المتوسط الذي يتحركّ عنده منذ 200 يوم، والبالغ 1253 دولار للأونصة.
ومن وجهة نظر تقنية، فإن المنحى الصاعد من مارس إلى أبريل يبقى سيكون في حال صعب بعد أي كسر دون دعم خط المنحى الحالي والتراجع بنسبة 61.8%. وقد تكون ثمة حاجة إلى تحقيق خرق جديد فوق 1250 دولار للأونصة بهدف الحد من احتمال نشوء امتداد للهبوط إلى قاع مارس عند 1295 دولار للأونصة.
ولم تسجّل حصص الذهب في المنتجات المتداولة عبر البورصة صعوداً يضاهي الارتفاع الأخير في المواقع الآجلة طويلة الأمد، ولم نلمس خلال أحدث حركة بيع أية بوادر تنبئ بتصفية على المدى الطويل، وهو ما يدفعنا للاعتقاد بأن الضعف الذي نراه في هذه المرحلة لا يتعدى كونه مجرّد تصحيح بعد فترة من المضاربات الشرائية القوية.
كما أن الصعود في الأرباح الأمريكية الحقيقية وقيمة الدولار أمام الين الياباني كان سبباً أساسياً وراء حركة البيع الأخيرة، علماً أن هذين المكوّنين يبقيان من أهم محفزات الذهب.
ووصل ضعف الفضة أمام الذهب إلى قمة عن 11 شهراً مع بلوغ نسبة الذهب-الفضة ما يقارب 75 (أي أن شراء أونصة الذهب يتطلب 75 أونصة من الفضّة)، وعلى نحو مشابه تعرّض الطلب على البلاتين لضربة بسبب التباطؤ في مبيعات السيارات، ليسجّل ثاني أدنى مستوى له أمام الذهب عند 340 دولار أمريكي، ومن ثم صعد إلى 318 دولار.
وتجدر الإشارة إلى أن هذين المعدنين من المحتمل أن يجتذبا اهتماماً من حيث القيمة النسبية بمجرد أن تستقر السوق.